تعد تجربة قرى الأطفال اليتامى في المغرب "إس أو إس" من التجارب المهمة التي ساهمت في توفير بيئة ملائمة للأطفال المتخلى عنهم، لتمنحهم شعور الأسرة والحياة الطبيعية كجميع الأطفال.
تأسست أول قرية للأطفال عام 1985 في منطقة أيت أورير بإشراف الجمعية المغربية لقرى الأطفال، فيما أسس هذا المشروع الإنساني المعروف في كل بقاع العالم فاعل الخير النمساوي هيرمان غمينر عام 1949.
من ناحيته قال الفاعل الحقوقي والأكاديمي مصطفى القريشي، إن القرى تشكل نموذجا مهما ليعيش الأطفال حياة عادية وسط أسرة صغيرة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأطفال يكملون تعليمهم وينضمون إلى المدارس بشكل طبيعي ويكملون مسيرتهم التعليمية والوظيفية مثل أي مواطن آخر.
عوائق وتحديات
وأوضح أن بعض الإشكالات تتعلق بوجود عدد كبير من الأطفال نتيجة علاقات خارج إطار الزواج أو المتخلى عنهم، وهو ما يحتاج إلى دعم مادي كبير لرعاية الأعداد الموجودة فضلا عن الحاجة لعديد من الأطباء النفسيين لتأهيل الأطفال والأمهات في هذه القرى، وهو ما يتطلب المزيد من الشراكات وعمليات الدعم المالي والمادي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم الآن.
من ناحيتها قالت المستشارة الحقوقية المنتدبة، فاطمة بوغنبور، إن نجاح التجربة يكمن في تضافر جهود مختلف الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، من أجل توفير بيئة عيش صحية للأطفال.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أنه في سنة 2022، احتضنت الجمعية 1100 طفل، منهم راشدون أصبحوا مستقلين، في 5 قرى بالمملكة، و1600 طفل مدعومون ببرامج تقوية الأسرة، و800 أم عازبة تم تدريبهن في مهن مختلفة ليصبحن مستقلات ماديا، و559 طفلا أصبحوا بالغين ومستقلين، تم إدماجهم على المستوى "السوسيو- مهني".
أمهات بديلة
تستفيد الأمهات المطلقات والأرامل والعازبات من الدعم المقدم للقرى، كما تقوم الأم برعاية بعض الأطفال داخل القرى لتوفر لهم "الأمومة البديلة".
وحسب المستشارة فإن الطفل المتخلى عنه أو اليتيم يعيش حياة طبيعية داخل القرية وسط أسرة ليعوض الحرمان الذي عاناه أو المصاعب التي واجهته، وهو ما يساعد في تنشئته بشكل سوي نفسيا واجتماعيا.
فيما يتعلق بالعراقيل التي تقف أمام تطور عمل هذه القرى وعدم انتشارها بالنظر إلى أن عددها لا يتجاوز الخمس في المغرب كله، أوضحت بوغنبور، أن الأمر يرتبط بالتمويل، خاصة أن إنشاء المنازل يتطلب تمويلا ضخما.
ولفتت إلى أن الأمر الآخر يتوقف على وجود الأمهات البديلات والكوادر الطبية من التخصصات النفسية، وهو ما يحتاج إلى تكلفة إضافية وأعداد كبيرة من الكوادر البشرية.
إحصاءات
وفق إحصاءات الجمعية المغربية لقرى الأطفال المسعفين، فإن عدد الأطفال الذين تم التكفل بهم حتى عام 2020 بلغ نحو 2200 طفل.
تتواجد في المغرب خمس قرى هي (آيت اورير، إمزورن، دار بوعزة، الجديدة وأكادير)، فيما يبلغ عدد القرى المنتشرة حول العالم نحو 518 قرية عبر 132 دولة، تهتم بالرعاية والدعم التام للأطفال المتخلى عنهم والأيتام.
إحدى هذه القرى تقع في مدينة أكادير، تتكون من 14 منزلا، ومرافق تربوية وإدارية، ويستفيد من خدماتها 117 طفلا.
وتقوم 14 سيدة في القرية بدور "الأم البديلة"، حيث تتكفل كل سيدة بـ8 أطفال داخل بيت مجهز، وتوفر للأطفال المتخلى عنهم والأيتام متابعة دراستهم، وتصاحبهم حتى مرحلة الاستقلالية، وفق "هسبريس".