رسائل السعودية للعالم... ما الذي تحققه مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في مواجهة تغيرات المناخ

نحو 50 مليار شجرة تسعى السعودية لزراعتها ضمن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، ومبادرة "السعودية الخضراء"، في إطار تعزيز دور المنطقة العربية لمواجهة التغيرات المناخية والتحديات التي تواجه العالم.
Sputnik
وبحسب الخبراء فإن السعودية تسعى لتحقيق العديد من الأهداف الرامية لتعزيز دور الشرق الأوسط في مواجهة الأزمات التي تواجه العالم، ويرون أن رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سليمان الخاصة بالشرق الأوسط توفر العديد من فرص العمل عبر الصناعات والمبادرات المتعددة التي يجرى العمل على تنفيذها.
انطلاقة مهمة
وأعلن ولي العهد السعودي إقامة النسخة الثانية من مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في مدينة شرم الشيخ بمصر يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وحسب وكالة الأنباء السعودية، سيقام كذلك "منتدى مبادرة السعودية الخضراء" يومي 11 و12 نوفمبر في شرم الشيخ تحت شعار: "من الطموح إلى العمل" بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ.
وقال ولي العهد السعودي: "أود أن أشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية على استضافة الحدثين على أراضي جمهورية مصر العربية الشقيقة هذا العام، تزامناً مع انعقاد(COP27)".
محمد بن سلمان يعلن إطلاق النسخة الثانية من مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في مصر الشهر المقبل
في الإطار، قال عيد العيد المستشار الاقتصادي السعودي ورئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار، إن العديد من الرسائل توجهها المملكة للعالم عبر "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، خاصة بعد الحرب الشعواء على الوقود الأحفوري خلال الـ 20 عاما الماضية بسبب المناخ.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المملكة سبقت بخطوات لمواجهة التغيرات المناخية، عبر البرامج التي وضعتها لتعزيز آليات مواجهة التغيرات في المملكة والمنطقة.
ولفت العيد إلى أن المبادرة الخاصة بالشرق الأوسط تبدأ في المملكة وتنتقل إلى دول أخرى باستثمارات ضخمة.
ويرى أن المملكة تسعى عبر مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، للحياد الكربوني بحلول 2060، وأنها من أسرع الدول التي تصل للحياد الكربوني في هذا التوقيت.
وتابع أن جهود المملكة هي "من باب مواجهة التعسف الذي يمارسه اليسار الغربي تجاه الوقود الأحفوري، عبر مساهمتها بالمبادرة لوضع مناصري البيئة في الزاوية".
وبحسب العيد عملت المملكة على الاستفادة من المنتدى الضخم في شرم الشيخ "قمة المناخ"، وإعلان المبادرة على هامش الاجتماعات لدعم القاهرة في هذا التوقيت، والتأكيد على ما تقوم به المملكة في هذا الاتجاه.
الملائمة المالية
وفيما يتعلق بالأزمة التي يعيشها العالم والتأثيرات الاقتصادية على بعض البرامج، أوضح العيد أن السعودية لديها الملائمة المالية الكافية، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وما حققته من فوائض مالية بما يعزز مساعي المملكة لتنفيذ البرامج.
رسائل المملكة
وشدد على أن هناك رسائل عدة توجهها المملكة عبر المبادرة للمجتمع الدولي، لتؤكد على دورها في الحياد الكربوني والبيئة، وتقديم أكثر مما تقدمه الدول الغربية التي عادت لاستخدام الفحم الذي يشكل مخاطر أكبر من الوقود الأحفوري.
وأكد أن نسب الانبعاثات الكربونية من الولايات المتحدة وأوروبا أكبر بكثير من دول الشرق الأوسط، وأن هذه الدول هي من ساهمت في حدة التغير المناخي بالعالم.
"أنا فخور بها"... محمد بن سلمان يعلن مبادرة جديدة ستغير السعودية
أبعاد متعددة
من ناحيته، قال الدكتور جارح المرشدي أستاذ العلاقات العامة الدولية السعودي، إن الميزانية المقدرة للمبادرة الأولى التي أعلنت حين استضافت السعودية قمة الـ 20 تبلغ نحو 700 مليار ريال سعودي (نحو 186 مليار دولار).
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مبادرة "السعودية الخضراء" متعددة الأبعاد الخاصة بالـأثير على درجة الحرارة ومعالجة انخفاض نسبة الأمطار ومعالجة موجات الغبار وعمليات التصحر، مشيرا إلى أن تأثيراتها المباشرة تتصل بحياة الإنسان والتكامل في العالم.
ولفت إلى أن السعودية تسعى من أجل خفض نسبة "الانبعاث الكربوني" والإسهام في المبادرات العالمية المعنية بالمناخ.
وبحسب المرشدي، توفر المبادرة الآلاف من فرص العمل وتبادل الخبرات، كما أنها تعزز فرص التواصل بين الدول وكذلك العلاقات الدولية بين العديد من العواصم.
السعودية تؤكد أنها اتخذت خطوات مهمة لتعزيز الأمن والنمو الغذائي ومواجهة تحديات التغير المناخي
بدء التنفيذ
ويرى أن المبادرة الثانية تعد بمثابة بدء التنفيذ بشكل أكبر، خاصة أن المبادرة الأولى كانت عبارة عن خارطة طريق لحماية البنية التحتية ومواجهة التغير المناخي.
وتابع: "تسعى المملكة لزراعة 50 مليار شجرة ضمن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، لمعالجة الفيضانات والتصحر في منطقة الشرق الأوسط، والتي يسعى لتنفيذها ولي العهد السعوي الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤيته للشرق الأوسط الجديد".
ولفت المرشدي إلى أن المبادرة تؤكد أن منطقة الشرق الأوسط تسهم في معالجة أزمات العالم، وأن دورها لا يقل عن أي منطقة أخرى، وأن دور المنطقة العربية هو ريادي وليس ثانويا.
فيما يتعلق بالأوضاع الدولية الراهنة وتأثيرها الاقتصادي على مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" أوضح الخبير السعودية أن المالية السعودية إضافة للتنوع الاقتصادي الذي تنتهجه المملكة يساعد في تجاوز الأزمة الراهنة والمضي قدما في تنفيذ المبادرة.
في السياق، عدّد عبد العزيز الحصيني خبير البيئة والمناخ السعودي أهداف "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، موضحا إنها تهدف إلى زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أو ما يعادل 5% من هدف التشجير العالمي، إضافة توفير فرص عمل جديدة وزيادة قدرة المجتمعات النائية على التكيف.
تقوده قطر والسعودية... ما أهداف منتدى الحياد الصفري لمنتجي النفط والغاز؟
وأشار في حديثه لـ "سبوتنيك" إلى أن الأشجار تعود بالعديد من الفوائد الأخرى، مثل تثبيت التربة، والحماية من الفيضانات والعواصف الغبارية، والمساهمة في خفض مستويات الانبعاثات الكربونية حول العالم بنسبة 2.5%، وتخفيض معدلات درجات الحرارة.
وبحسب الحصيني تعمل السعودية على استحداث عدد من المراكز والبرامج الإقليمية التي ستعزز مستوى التعاون والتنسيق لتحقيق هدفها، وسيكون لهذه البينة دورا كبيرا في تحفيز البلدان الأخرى لبذل جهود أكبر تجعل تحقيق مستقبل أخضر منخفض الكربون أمراً ممكناً.
وأكد أن المبادرة تقدم نموذجاً إيجابياً للمساعدة في إحداث تأثير عالمي في مجال البئية والتنظيم المجتمعي المنظم المفيد.
وأوضح خبير البيئة والمناخ أن هذه المبادرة "تعمل على زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة، وهي تعتبر فريدة في نوعها على مستوى العالم ويُشكر عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
وشدد الحصيني على أنه "من الضروري تعاون الدول في المبادرة لأن نجاح المبادرة مهم في تعزيز مقومات البيئة النظيفة محلياً وعالمياً مما ينعكس بشكل أو بآخر في المحافظة على البئية سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي باعتبار أن الشرق الأوسط جزء مهم من العالم".
واعتبر أن "تنظيم المملكة لهذا الحدث يأتي في إطار تصميمها على إحداث تأثير عالمي دائم، في مواجهة ظاهرة التغيّر المناخي وحماية الأرض والطبيعة، والإسهام بشكل قوي وفاعل في تحقيق المستهدفات العالمية؛ بما يدفع عجلة مكافحة الأزمات المُرتبطة بالمناخ بشكل منسق إقليميًا ودوليًا، فضلا عن العمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي من جهة، والمحافظة على البيئة".
وكان ولي العهد السعودي قد أطلق هاتين المبادرتين، العام الماضي، وفق رؤية المملكة 2030. وتهدف مبادرة "السعودية الخضراء" إلى زراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة خلال العقود المقبلة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى 30% من إجمالي مناطق المملكة، إضافة إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.
وتسهم هذه المستهدفات الوطنية في تحقيق المستهدفات الإقليمية التي دعت إليها المملكة في قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والمتمثلة في تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الإسهامات العالمية، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة وفق برنامج يعد أكبر البرامج لزراعة الأشجار في العالم.
مناقشة