في منطقتنا العربية دول منكوبة بحروب أنهكتها مثل العراق وسوريا وأبعد منهما اليمن، وأزمات اقتصادية تستنزف مواردها، وإدارات حكومية "مترهلة" في مواجهة أنظمة صرف صحي شبه متوقفة، كحال لبنان الذي تنتشر فيه الكوليرا بشكل لا يستهان به، إلا أنّ ناقوس الخطر لم يقرع حتى الآن بشكل جدّي، برغم أنّ عدّاد الإصابات يناهز الـ 2421 إصابة مسجلة رسمياً، و"يمكن مضاعفة هذا الرقم 10 مرات" بحسب مصدر طبي لبناني مختص قال لوكالة "سبوتنيك"، إنّ الأعراض "لا تظهر سوى على 20% من المصابين، أما الـ 80% الباقين فينشرون المرض من دون أن يعرفوا بإصاباتهم"، مشيراً إلى أن سوريا التي سجلت حوالي 60 ألف إصابة حتى الآن، "هي مصدر انتشار الداء في لبنان".
الانتشار والمواجهة
ويستخدم اللقاح هنا لكبح جماح الانتشار، وحماية من هم في المواجهة كأفراد الجهاز الطبي في المستشفيات الميدانية والسجناء في جميع السجون اللبنانية، أو الناس في المناطق الموبوءة فقط، وذلك يعود لصعوبة المواجهة نتيجة لـ "انتشار البكتيريا في معظم المناطق اللبنانية"، وفق منظمة الصحة العالمية، وعجز الدولة اللبنانية عن القيام بخطوات من شأنها الحدّ من التفشي لأنّها تتطلب تنسيقا مفقودا بين مختلف أذرعها ووزاراتها، خاصة في زمن تصريف الأعمال.
المنظمات الدولية
إلا أنّ هذا الدور "لا يمكن أن يكون دائماً في خانة السّلبية" يضيف بزي في حديث مع "سبوتنيك"، ففي سوريا، تقوم هذه المنظمات بإنشاء مستشفيات مخصصة لعلاج الكوليرا في المناطق الموبوءة المنتشرة في 9 محافظات سورية من أصل 14، أبرزها محافظات حمص، وريف دمشق، وطرطوس المحاذية للحدود اللبنانية، وحلب والحسكة وإدلب المحاذية للحدود التركية. وهناك، "لا بدّ من الإشارة إلى الدور السّلبي التركي في عودة الكوليرا بعد قيام الدولة بقطع مياه نهر الفرات أكثر من 30 مرّة عن المحافظات الشمالية السّورية لأسباب سياسية وعسكرية ربطاً بصراعها مع الفصائل الكردية المسلحة". على حد تعبير بزي.
الصحة العالمية قد تعلن "جائحة"
وقال وزير الصحة اللبناني، خلال حملة إطلاق اللقاحات إن وزارة الصحة تلقت 13400 جرعة، "أول دفعة جاءت من فرنسا، وسنبدأ بإعطائها للعاملين في المؤسسات الصحية، أي خط الدفاع الأول من مسعفين ومسعفات وغيرهم، وقد أطلقناها اليوم (السبت) في مستشفى حلبا الحكومي وستكون أيضا في باقي المؤسسات الصحية والمستشفيات الميدانية التي أنشأناها في عكار، وكذلك هناك حملة تلقيح في السجون طالت 4000 سجين ومسؤولين عن السجون وكذلك سنستمر في الحملة في المناطق الأخرى المستهدفة من البقاع الشمالي والبقاع الأوسط".
يذكر أن الكوليرا مرض بكتيري، عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث، وتتسبَّب الكوليرا في الإصابة بإسهال وجفاف شديد، وإذا لم يتم علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات، حتى للأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء.