"النافذة السكانية" فرصة كبيرة "مغلقة"
وعلى الرغم من تواجد هذه الفرصة منذ سنوات إلا أن هذه النافذة، التي من شأنها أن توفر "هبة ديمغرافية" ترتبط بقدرة الدول على زيادة نسبة المشاركة في النشاط الاقتصادي لمن هم في سن العمل، أي زيادة الطاقة الاستيعابية لأسواق العمل، بحسب تقرير السكان والتنمية الصادر عن الأمم المتحدة، إلا أن تلك النافذة بقيت، إما "مغلقة" بسبب السياسات الاقتصادية والتنموية غير الصحيحة من جهة، أو أنها "فتحت على مصراعيها" ودخلت عبرها رياح عاتية نتيجة الحروب، حملت معها شباب المنطقة العربية وطفرتها السكانية، أي ذلك الجزء الفتي والمتعلم من المجتمع، وحطت بهم الرحال في البلدان الغربية.
التغنّي بالمؤشرات التنموية كسر زجاج "النافذة السكانية"
لكن من الواجب القول؛ إن الحكومات لم تنجح في رأب الصدع الذي حدث في مجتمعات ما بعد الحرب، ولم تنجح الأحزاب أيضا في بعض تلك الدول، كلبنان على سبيل المثال لا الحصر، في الوصول إلى تفاهمات يكون هدفها الأخير هو المواطن، حيث أن "العقل العربي لا يقبل التنازلات" حتى إذا كانت تصب في صالحه في نهاية المطاف، لتتحول الصراعات الداخلية هي الأخرى إلى سكين يغرس في تلك "النافذة السكانية"، تقتل بعض من فيها، ويهرب منها البعض الآخر، أما من يبقى تخطفه الأزمات القلبية في عمر الإنتاج.
"دولة كاملة" اختفت خلف البحار
قد يعتبر البعض هذه الأرقام طبيعية، لكن إذا علما أن عدد سكان لبنان على سبيل المثال حوالي 6.7 مليون إنسان في عام 2021، وأن عدد سكان تونس 11.94 مليون في عام 2020، نلاحظ أن كتلة السكان التي غادرت مناطقها في عالمنا العربي بحجم دولة كاملة أو أكثر.
التنمية والتشاركية ومحاربة الفساد والإصلاح وغيرها، شعارات نرفعها بكلماتنا في المؤتمرات، ونلف وريقات خطاباتنا لتدخل طي النسيان في الحياة، حالة تخلق أجواء من انعدام الثقة داخل البنية الاجتماعية، وتجعل من الاختلالات والتجاوزات حالة سائدة متعارف عليها، لذلك نرى أن ذات الأفراد يلتزمون بالقانون خارج بلداننا، ويكسرونه في بلد المنشأ، حالة ناتجة عن نكران بين الأوراق والواقع، تجعل من "زجاج النافذة السكانية هشا ينكسر بمواجهة" أي وقائع.