وقال مراقبون إن زيادة تجارة الأسلحة ووصولها إلى أفريقيا لوحظ بقوة خلال الفترة الماضية، مؤكدين أن أوكرانيا أصبحت مصدرا للسلاح الذي يصل للجماعات الإرهابية في أفريقيا، في ظل تسهيل عبوره من قبل الدول التي تراقب المنطقة وفي مقدمتها واشنطن.
تقارير عدة سابقة لمراكز أبحاث أمنية أكدت زيادة حركة تهريب السلاح ونقله إلى أفريقيا، كما ذكر تقرير معهد الدراسات الأمنية "ISS" في أغسطس/آب الماضي، أن الأسلحة تتدفق بقوة إلى يد الجماعات المسلحة على طول الحدود مع الجزائر والنيجر، لتصل إلى مالي من خلال منطقة الحدود بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو وحوض بحيرة تشاد عبر ديفا في النيجر.
تأكيدات رسمية بنقل أسلحة من أوكرانيا
وكشف رئيس جمهورية نيجيريا، محمد بخاري، عن تدفق الأسلحة المستخدمة في أوكرانيا إلى منطقة بحيرة تشاد لتضاف إلى تلك القادمة من ليبيا.
وقال بخاري، على هامش أعمال الدورة الـ 16 للجنة حوض بحيرة تشاد قبل يومين، التي عقدت في العاصمة النيجيرية أبوجا، إن أوكرانيا والوضع في منطقة الساحل هما المصدران الرئيسيان للأسلحة والمقاتلين الذين يعززون نشاط الإرهابيين في منطقة البحيرة.
ويرى الخبراء أن فقدان فرنسا العديد من مناطق النفوذ هناك وسعي واشنطن لبسط نفوذها في المنطقة يزيد من نسبة المخاطر وإدارة الصراع عبر الجماعات المتطرفة والإرهابية هناك.
الملاذ الأخير لفرنسا
من ناحيته، قال مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي، محمد علي كيلاني، إن "تشاد أصبحت مؤخرا الملاذ الأخير للقوات الفرنسية، عقب طرد قواتها من دول أفريقية، ما يعني أن عملية نقل السلاح وتجارته وغيرها تعتبر مهمة سهلة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "طائرة حربية شنت هجوما على قاعدة عسكرية في أفريقيا الوسطى انطلقت من تشاد خلال الأيام الماضية" في ظل إشارات لضلوع الناتو في العملية.
زيادة تهريب الأسلحة
عمليات نقل الأسلحة في ظل الظروف الراهنة بحسب العديد من المصادر أصبحت تتم بوتيرة أكبر، خاصة في ظل عمليات التسليح التي تقوم بها دول الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، الأمر الذي يهدد بمخاطر عدة إثر وصول السلاح للجماعات الإرهابية هناك عبر سماسرة التجارة في السلاح.
حول الجماعات التي يمكن أن يصل إليها السلاح القادم من أوكرانيا، يوضح الكيلاني أنها تضم "الجماعات الإرهابية في بحيرة تشاد، منها جماعة "بوكوحرام" والتي كان من المقرر دمج بعض عناصرها في الجيش التشادي، وشكلت لجنة وزارية لتنفيذ الاتفاق، خاصة بشأن الذين استسلموا مؤخرا وعددهم سبعة آلاف، لكنهم فروا، ولم ينفذ ذلك الاتفاق بين الطرفين".
وأوضح أن بعض الأجهزة الرسمية تورطت في عمليات نقل سلاح إلى عدد من الدول في أوقات سابقة.
وشدد على أن وصول الأسلحة إلى بحيرة تشاد تستفيد منه الجماعات الإرهابية، خاصة أن الشركات ترسل الأسلحة لأوكرانيا، وفي ظل الفوضى الحالية ترسل منها كميات للجماعات الإرهابية عبر "تجار السلاح".
ضلوع واشنطن
ولا يستبعد الخبير وقوف واشنطن وفرنسا وراء تسهيل وصول الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية في أفريقيا، متابعا: "لا يمكن وصول الأسلحة إلى الجماعات في هذه المنطقة دون علم واشنطن وفرنسا والعديد من الدول، خاصة أنها منطقة مراقبة، إضافة إلى أن فرنسا التي خرجت من العديد من الدول لا يمكنها الاستمرار في الوضعية الحالية، في ظل مساعي الولايات المتحدة الأمريكية للتواجد هناك أيضا".
وتعاني المناطق المحيطة ببحيرة تشاد من مخاطر متعددة إثر نشاط الجماعات الإرهابية هناك، منها تنظيمات "بوكو حرام" و"داعش"، وتمتد معاقلهم الرئيسية في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من بحيرة تشاد، بالقرب من حدود نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر، وهي المناطق التي تشكل مخاطر عالية.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة حوض بحيرة تشاد تشكلت في العام 1964 وتضم ستة بلدان هم "الكاميرون والنيجر وتشاد ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا".
زيادة تجارة السلاح
في الإطار، قال الدكتور أحمد يعقوب دبيو، الخبير في إدارة الصراع، إن معلومات من مصادر عدة تؤكد زيادة تجارة السلاح إثر الأزمة في أوكرانيا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن هذه المعلومات "تصبح علنية هذه المرة بفضل بيانات مختلف الأجهزة الأمنية في ولايات حوض بحيرة تشاد، ومجموعة الساحل الخمس".
وأوضح أن "هذه المعلومات معلومة من قبل الغرب، لكنها مصنفة على أنها سرية، حتى لا تؤشر على النظام الأوكراني، الذي يتلقى مساعدات ضخمة لمحاربة القوات الروسية".
ولفت الباحث التشادي، إلى أن رئيس نيجيريا كان لديه الجرأة للاعتراف علنًا بأن أوكرانيا أصبحت مصدرًا رئيسيًا للأسلحة والمقاتلين الذين يعززون صفوف الإرهابيين في المنطقة.
تناقض الغرب
واستطرد دبيو بقوله: "ما أفصح عنه الرئيس النيجيري لم توليه الصحافة الغربية أهمية، لأن موت العبيد الأفارقة ليس من الأهمية، بحيث نفهم أنه في غضون 9 أشهر ضخ الغرب أكثر من 60 مليار دولار في أوكرانيا، بينما في تسع سنوات، لم يضخ مليار دولار في منطقة الساحل".
وفي أكتوبر /تشرين الأول الماضي، كشفت الشرطة الفنلندية عن تهريب أسلحة من أوكرانيا إلى السوق السوداء، وفقاً لما ذكره مكتب التحقيقات الوطني الفنلندي "NBI". وخلصت النتائج الأولية للتحقيق الذي أجراه المكتب إلى أنه يمكن أن تكون كمية كبيرة من الأسلحة التي جرى تزويد كييف بها سابقاً، في أيدي خارجين عن القانون، حسب "الشرق الأوسط".