وتناول عسكوري في مقابلة مع "سبوتنيك" العديد من الملفات والأزمات التي تحتاج إلى معالجات جذرية داخليا وخارجيا حتى يمكن بناء الدولة الديمقراطية المدنية، مشيرا إلى أن الحلول غير الواقعية لن تؤدي إلى استقرار، بل ستزيد من تعقيدات المشهد السياسي.
إليكم نص الحوار:
بعد توقيع الاتفاق الإطاري... هل بدأ السودان مرحلة الاستقرار السياسي؟
رغم مرور أكثر من أسبوعين على توقيع الاتفاق الإطاري لا تزال كل الأمور لم تراوح مكانها ولم يتم تطبيق أي شىء على الأرض، لأن هناك مشكلة في هذا هذا الاتفاق وهو أنه اتفاق اقصائي تم توقيعه بين مجموعة صغيرة تسمى المجلس المركزي للحرية والتغيير والمكون العسكري، ولذلك هم على علم مسبق أن هذا الاتفاق لن يحل القضية بدون مشاركة الآخرين.
وماذا عن المشاورات الجارية بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة؟
لا توجد حاليا أي مشاورات لتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة ويصعب الاتفاق عليها والحديث الذي ورد في الاتفاق الإطاري، أن الحكومة هي حكومة مهنيين (تكنوقراط) وليست حكومة محاصصة، وهذا يصعب من الأمر كثيرا، ولكن لا توجد حاليا أي لقاءات أو مشاورات حول تشكيل الحكومة، وما زالوا يدعون القوى الأخرى للانضمام للاتفاق لكنها ترفض، ولذلك سيفرض عليهم تشكيل الحكومة.
خرجت جموع كبيرة من المواطنين إلى الشارع في ذكرى انطلاق الثورة 19 ديسمبر 2018 ترفع نفس الشعارات رغم توقيع الاتفاق... بما تفسر ذلك؟
نعم خرجت جماهير كبيرة جدا إلى الشارع من لجان المقاومة ومجموعة التغيير الجذري والكتلة الديمقراطية رفضا لهذا الاتفاق الإطاري، وتمت مواجهتها بقمع شديد جدا من الشرطة والقوات الأمنية وخلافه، وهذا يؤكد مرة أخرى أن هذا الاتفاق بهذه الصورة لن يحل مشكلة السودان، ولن يأتي بالاستقرار الذي يتوقعه الناس، ولذلك هم يبحثون الآن عن طريقة لإشراك الآخرين حسب شروطهم، ولكن هذا لن يقبل به أحد، يعني نحن في الكتلة الديمقراطية نطرح حلا بأن يجلس الناس مع بعضهم البعض للاتفاق على خارطة الطريق لإكمال الفترة الانتقالية إلى حين بلوغ الانتخابات، أما هذا الاتفاق المغلق وبهذه الصورة فلن يلتحق به أحد.
مجلس السيادة السوداني يدعو الأطراف غير الموقعة على "الاتفاق الإطاري" باتخاد قرار شجاع بالانضمام إليه
13 ديسمبر 2022, 12:04 GMT
ما حقيقة تدخل جهات خارجية في صياغة هذا الاتفاق الإطاري؟
صحيح هذا الاتفاق قامت به مجموعة تسمى الرباعية، وهي مكونة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وهي مجموعة تدعم المجلس المركزي اللي هي مجموعة صغيرة تحاول السيطرة على الفترة الانتقالية، هذا الاتفاق هو خلاصة مشاورات هذه المجموعة الرباعية ومعهم طبعا بعثة الأمم المتحدة، هذه هي القوة الداعمة لهذا الاتفاق الإطاري ولمجموعة المجلس المركزي، لكن الآن ثبت لهم أن هذا الترتيب لن يجلب استقرار ولن يقوم بتشكيل حكومة تستطيع إنجاز مهام بدون مشاركة الآخرين، واعتقد بعد تظاهرات الذكرى الرابعة لاندلاع الثورة سوف يراجعون أنفسهم ويقيمون مواقفهم ويبحثون كيفية مشاركة الآخرين، وإذا أصروا على الاستمرار في هذا الاتفاق الإطاري بإقصاء الآخرين، فلن يكون هناك استقرار في السودان.
حال العجز عن تشكيل الحكومة الانتقالية في المدى الزمني المتفق عليه... هل سيبقى المجلس العسكري في سدة الحكم؟
نحن في الكتلة الديمقراطية أعلنا معارضة الاتفاق الإطاري، وطرحنا في الكتلة الديمقراطية يتمثل في ضرورة مشاركة كل القوى السياسية في خطة واضحة لإكمال الفترة الانتقالية، في حالة لم تتحقق هذه الخطوة سنلجأ إلى معارضة هذا الاتفاق بالاحتجاجات السلمية، ولا أدري إن كان بوسع المجلس العسكري مع المجلس المركزي للحرية والتغيير تشكيل حكومة لا تجد سندها في الشارع وستواجه بحالة من الاحتجاجات المتكررة ولن يكون بوسعها إنجاز مهام الفترة الانتقالية، وإذا استمر الوضع على هذه الصورة اعتقد ربما يضطر المجلس العسكري لتشكيل حكومة من عنده، لكن إلى الآن الصورة ضبابية فيما سيحدث خلال الفترة القادمة إذا لم ينجح الاتفاق الإطاري.
عدم قبولكم للاتفاق... هل هو رفض للمكون المدني أم العسكري؟
نحن لا نرفض هذا ولا ذاك، نحن نرفض المنهج والطريقة الاقصائية التي تم تصميم هذا بها، هذا الاتفاق يحتكر السلطة لمجموعة المجلس المركزي دون كل القوى السياسية، وإذا مر هذا الاتفاق سيكون من حق مجموعة المجلس المركزي وهي مجموعة صغيرة تشكيل الفترة الانتقالية منفردة، هذا ما نرصده ولن نقبله بالطبع، فنحن قوى سياسية لنا رأينا ولنا موقفنا وهكذا،هذا هو جوهر موقفنا، نحن لا نرفض، نحن ندعو المجلس المركزي للجلوس مع الآخرين، لكنهم يرفضون الجلوس مع الآخرين ويصرون على التمسك بهذا الاتفاق، وهذا يقود انسداد جديد في الواقع السياسي.
هل المشكلة تكمن في عدم توافق القوى السياسية والأحزاب دون الالتفات إلى الشارع الذي لم يهدأ منذ شهور طويلة؟
أجندتنا اليوم أصبحت هى أجندة الشارع وتتمثل في ضرور إيجاد صيغة للتوافق الوطني تشمل كل القوى السياسية بما فيها لجان المقاومة، وعلاقتنا مفتوحة مع لجان المقاومة ومع التغيير الجذري ومع كتلة نداء أهل السودان، ونمد أيدينا أيضا للمجلس المركزي الذين يرفضون، نحن في الكتلة الديمقراطية قوة مقبولة عند كل هذه القوى، ونرى أن الحل الصحيح أن يجلس السودانيين لترتيب أوضاع الفترة الانتقالية، وأن لا تنفرد قوة واحدة وصغيرة بتشكيل المشهد السياسي أو تحديد أجندة الفترة الانتقالية.
هل تتفق مع من ينادون بضرورة أن يكون الحوار سوداني - سوداني دون تدخل أو وساطات من الخارج؟
نعم وهذا بالضبط هو طرحنا، وهذه هى قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى شمولية الحل، وأن يكون الحوار سوداني - سوداني، وأن يكون دور الأمم المتحدة هو تسهيل الحوار السودانيين وليست وسيط، ولكن ما يحدث الآن أن الأمم المتحدة وبعثة (يونتامس)، لم تعد مسهل بل أصبحت ليس وسيطا فقط، بل أصبحت شريكا مع المجلس العسكري و مع الصراع نفسه، أما الرباعية فلا يوجد أي تصويت من أي جهة لا لمجلس الأمن أو الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأفريقي ولا الجامعة العربية ولا الاتحاد الأوروبي، أي من الجهات السابقة لا تمتلك أي تفويض محلي أو دولي أو من أي جهة، إنما جاءت وفرضت نفسها على الواقع السياسي، و انحازت بالكامل لمجموعة المجلس المركزي، وهذا طبعا يفقدها المصداقية.
ظهرت تكتلات وتحالفات عديدة في الفترة الأخيرة... هل ما زالت هناك تحفظات على مشاركة بعضها في العملية السياسية؟
نحن نتمسك بما تم إقراره سابقا من جميع السودانيين وهو إبعاد حزب المؤتمر الوطني فقط(حزب البشير)، هذا ما أجمع عليه الناس واتفقوا عليه، أما بقية القوى فلم يتخذ السودانيون أي قرار بشأنها على الإطلاق، وحتى مجموعة المجلس المركزي الآن أضافت إليها قوى كانت شريكة مع النظام السابق وسقطت مشاركتها مع سقوط النظام، لكن نحن متمسكين بما أجمع عليه الناس بأن القوة الوحيدة التي لا يسمح لها بالمشاركة هي حزب المؤتمر الوطني، أما غير ذلك فأعتقد أنهم مواطنون سودانيون من حقهم المشاركة في الحياة السياسية في بلدهم.
إذا كان العزل السياسي يطال حزب المؤتمر الوطني... فلماذا لم يطل من شاركوا في السلطة معه؟
نحن من حيث المبدأ لسنا مع العزل السياسي، نحن مع محاسبة المجرمين والمنتهكي حقوق الإنسان أو من نهب المال العام، ونعتقد أن هذه المجموعات التي وقعت في مخالفات أو جرائم كهذه يجب تقديمها للقضاء، لكننا الآن نتعامل مع واقع كان قد أجمع فيه السودانيين على عزل المؤتمر الوطني وليس بمقدورنا تغيير هذا الموقف، فنحن نتعامل مع ما أجمع عليه الناس وإن كانت قناعتنا غير ذلك.
هل تتفق مع بعض الآراء التي تتهم الاتفاق الإطاري الذي جرى التوقيع عليه مؤخرا بأن أهم أهدافه تتمثل في إسقاط المطالبات بمحاكمة قتلة الثوار ومنتهكي حقوق الإنسان والمطلوبين للعدالة الدولية؟
نعم، هناك حديث عن أن هناك اتفاق سري بإعفاء أو بمنع محاسبة وملاحقة العسكريين وعدم تسليم المطلوبين من العدالة الدولية إلى آخره، لكن هذا يظل إلى الآن اتفاقا سريا لم نطلع عليه، لكن واضح أن إحالة ملف العدالة إلى ورشة عمل وكذا، هذا ينبئ أن هناك أشياء غير واضحة، لكن مبدأ إحالة العدالة إلى ورشة عمل وهكذا، هذا أمر يثير الشكوك.
هل يتحمل السودان فترات انتقالية أطول مما هو فيه الآن؟
الوضع داخليا يحتاج إلى وجود حكومة تنفيذية تنهض بمهام الاقتصاد والأمن وخلافه، كل الناس متفقين على هذا، لكن من يرفضون التوافق والإجماع هم من يتسببون في هذا الأمر، نحن حريصين على أن يتم تشكيل حكومة مدنية في أقرب فرصة ممكنة، لتطلع بالمهام التي تطلع بها أي حكومة، لكن على أي حال أوضاع السودان الآن مربكة وغير مواتية لتشكيل حكومة، نأمل أن تتفق القوى السياسية على صيغة توافقية تستطيع من خلالها تشكيل حكومة لمعالجة قضايا المواطنين.
ما مدى قانونية توقيع اتفاق بين السلطة الحالية في السودان والإمارات على تطوير وتشغيل بعض الموانئ بقيمة 6 مليارات دولار؟
دعني أقول إن بلادنا تحتاج إلى كل أنواع الاستثمار سواء في الموانئ أو البنية التحتية، كل القطاعات الاقتصادية تحتاج بلادنا إلى الاستثمار واستثمارات ضخمة فيها حتى تخرج من الأوضاع التي تعيشها الآن، أعتقد أن هناك قانون للاستثمار كل من يلتزم به بوسعه الاستثمار في بلادنا، لكن الأوضاع الآن حساسة فيما يتعلق بالاستثمار، وكان بالإمكان تأخير هذا الأمر إلى فترة قصيرة حتى تستقر البلاد وتشكل الحكومة.
أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب