تحل الذكرى هذا العام 2022، مشابهة لسنوات عشر مضت تعاني فيها ليبيا من انقسام سياسي ومؤسساتي، فضلا عن "سيادة منقوصة"، حسب رأي الخبراء في الشأن الليبي.
وتعاني ليبيا من وجود قوات إيطالية في مصراتة، وتركية في الغرب، ومرتزقة في بعض المدن وقواعد أجنبية، إضافة لتعدد النفوذ الأجنبي والتأثير على قرارات الدولة.
ويرى الخبراء أن ليبيا تعيش أسوأ مراحلها السياسية، وأن الأزمة تتسع من عام لعام وتتضاءل معها مساحة السيادة الوطنية في ظل تشرذم الأجسام السياسية والعسكرية، فضلا عن سيطرة الكتائب العسكرية على مفاصل القرار في العاصمة الليبية طرابلس.
إعلان الاستقلال
في 24 ديسمبر/ كانون الأول عام 1951، أعلن الملك إدريس السنوسي، من شرفة قصر المنار ببنغازي استقلال ليبيا، وقال في خطاب الاستقلال: "نعلن للأمة الليبية الكريمة أنه نتيجة لجهادها، وتنفيذا لقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949، تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة".
تطرح الوضعية الراهنة في ليبيا تساؤلات حول الاحتفالات التي تقيمها الدولة، في ظل تطلعات شعبية لاستقلال حقيقي.
معاناة الشارع الليبي
يجيب محمد السلاك، المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، عن التساؤلات بأنه بموجب القرار 289 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1949، صارت ليبيا دولة مستقلة ذات سيادة، إلا أن المشهد الحالي في ليبيا يعتبر "استقلالا منقوصا".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ليبيا تعاني من التواجد الأجنبي على الأرض وقواعد أجنبية، وتغلغل النفوذ الأجنبي، وهو ما يتطلب التخلص من كل هذه المظاهر حتي يمكن الحديث عن الاستقلال.
ويرى السلاك أن الشارع الليبي يعاني الإحباط في الوقت الراهن إثر حالة الانسداد السياسي الراهنة، والانقسام المؤسساتي وانتشار السلاح، وانتهاك السيادة المتكرر.
ولفت إلى أن الشارع الليبي ينتظر الحل الذي يمكنه من تحقق إرادته عبر صناديق الاقتراع، حيث يتطلع الجميع لاختيار من يمثلهم في الرئاسة والبرلمان وكل الجهات التنفيذية.
قواعد أجنبية
في الإطار قالت الكاتبة والمحللة السياسية الليبية، عفاف الفرجاني، إن الشارع الليبي الآن يبحث عن قوت يومه، في ظل ما تعانيه ليبيا من أزمات متعددة.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الحكومة الحالية في طرابلس غير شرعية، في حين تتواجد القواعد الإنجليزية والإيطالية، لافتة إلى أن السفير الأمريكي في العاصمة الليبية هو من "يقرر للحكومة ويعطي تعليماته وكأنه حاكم ليبيا".
وشددت على أن ليبيا تعيش أسوأ مراحلها السياسية، وأنها تعاني من نفوذ واحتلال متعدد، فيما بات الخروج من هذا النفق المظلم "شبه مستحيل" في ظل الانقسام والتشرذم الحاصل.
افتقاد السيادة
من جهته قال المحلل السياسي الليبي محمد قشوط، إن ذكرى الاستقلال من أهم الأعياد الوطنية العزيزة على قلوب كل الليبيين، وتكاد تكون الذكرى الوحيدة التي يتفق عليها الجميع لأنها تخلد كفاح وجهاد وتضحيات الأجداد ضد الاستعمار والإيطالي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ذكرى الاستقلال هذا العام تمر في "ظل افتقاد السيادة على أراضينا بسبب الفوضى التي دمر فيها كيان الدولة منذ عام 2011، ودبرت بأيادي خارجية وجدت مليشيات وتيارات سياسية مستعدة لتبيع كل شيء مقابل مصلحتها الخاصة".
وتابع أن الشارع الليبي يرى أن وطنه وأراضيه "محتلة من دول بعينها، كالقوات البريطانية والإيطالية في مصراتة والقوات التركية في عموم المنطقة الغربية". ويرى أن إرادة الشارع الليبي الآن تتمثل في رغبته الكبيرة لتحرير الأرض واستعادة السيادة وسلطة القرار الوطني دون إملاءات خارجية.