بنغازي تحيي الذكرى الـ 71 لاستقلال ليبيا والانقسام السياسي يلقي بظلاله على المشهد

تستعد مدينة بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا، اليوم السبت، للاحتفال بالذكرى الـ 71 لاستقلال البلاد عن الاستعمار الإيطالي. ويأتي الاحتفال فيما لا تزال ليبيا تعاني منذ سنوات انقساما سياسيا يلقي بظلاله على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية.
Sputnik
البيضاء - سبوتنيك. وتأتي ذكرى استقلال ليبيا هذا العام، في خضم انقسام سياسي ومؤسساتي وصراعات بين الأطراف الليبية على السلطة، بعد فشل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021، بسبب الخلافات.

ويرى خبراء أن ليبيا تمر منذ أكثر من عقد كامل بأسوأ مراحلها السياسية، مع اتساع الأزمة عاما بعد عام من دون أي مؤشرات على وجود حل، إلى أن بلغت مشارف الانهيار على مختلف الصعد الاقتصادية والإدارية والسياسية.

وقال المحلل والخبير السياسي الليبي، محمود المفتي، لوكالة سبوتنيك، إن "ما سيعلنه القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، في خطابه المرتقب اليوم يظل في خانة التكهنات ولا أحد بإمكانه أن يجزم بفحوى الخطاب أو القرارات المتوقعة"، لافتا إلى أن خطاب المشير في ذكرى استقلال ليبيا له دلالات في غاية الأهمية.
في ذكرى الاستقلال... هل تعاني ليبيا "انتقاص السيادة"


وأضاف أنه "لفهم المرحلة الحساسة التي يمر بها المشهد السياسي الليبي علينا وصف المشهد الداخلي حتى تكون توقعاتنا قريبة مما سيرد في الخطاب، والذي حتما سيتفاعل مع الاحتقان الشعبي غير المسبوق، ومن أهم العوامل التي بإمكاننا توصيف به المشهد هو الانسداد الكامل الشامل كتحصيل حاصل بين حكومة طرابلس، وباقي الرقعة الليبية بنسبة 80% التي يسيطر عليها الجيش الليبي".

وتابع المفتي "بذلك علينا الاعتراف بمسلمات خطيرة جدا، وهي أن الأطراف السياسية المتصارعة في ليبيا قد تجاوزت مرحلة الحوار، وأن تكرار المسارات الأممية المطروحة منذ عقد من الزمن أصبحت مرفوضة وتآكلت، فالوضع الليبي قد وصل إلى مرحلة الانهيار الكلي اقتصاديا وإداريا وسياسيا".

وتوقع أن يعلن المشير خليفة حفتر اليوم، "فك الارتباط مع المشروع الأممي، وما أفرزه من حكومات متعاقبة فاشلة بطرابلس لم تعمل للوطن يوما ما، بينما من المستبعد أن يتم الإعلان عن الانفصال بين أقاليم طرابلس وبرقة وفزان، إذ أنها تتنافى مع الثوابت الوطنية لدى القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية بالرجمة، ولكن ستكون هناك إجراءات تصعيدية واضحة المعالم لإيقاف المهزلة التي أطاحت بالسيادة الليبية".
خارطة طريق جديدة في ليبيا... ما تفاصيلها وموعد إعلانها؟


وتابع "ربما سيعلن رسميا أن طرابلس الحالية أصبحت محتلة، ولا تمثل ليبيا ولا يجوز التعامل معها حيث أنها فاقدة الشرعية وليبيا لا دستور لها منذ عام 1969 حتى اللحظة والعودة إلى الكيان والدستور الليبي المعترف به من قبل الأمم المتحدة 1951 هو المخرج الوحيد لوضع خارطة طريق جديدة انطلاقا من بنغازي عاصمة المتغيرات والثورات الليبية لتضع المجتمع الدولي والأجندات الإرهابية التي أتت من الخارج في موقف محرج وواقع جديد هذه المرة منبعه الشارع الليبي الذي ضاق به الحال وفقد ثقته بالعالم الخارجي".

من جهتها، اعتبرت مندوبة ليبيا السابقة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، صالحة شتيوي، في تصريح لسبوتنيك، أن ليبيا تبحث عن استقلالها ووحدتها ولم شملها اليوم، مشيرةً إلى أن "مسألة فك الارتباط والانفصال له شروط محددة، وهذه الشروط لا تتوفر حالياً".

وقالت شتيوي "عيد استقلال سعيد. نحن في طريقنا للبحث عن استقلالنا ووحدتنا ولم شملنا"، مضيفةً "أعتقد أن هناك من يحاول التشويش على المشهد ببث شائعات مثل فك الارتباط، فمن وجهة نظري الانفصال أو فك الارتباط له شروط معينة وهذه الشروط لا تتوفر حالياً".
المجلس الرئاسي الليبي لـ"سبوتنيك": سنعقد المؤتمر الأول للمصالحة في ليبيا بمشاركة كل القوى السياسية


وحول تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة خلال مقابلته على قناة العربية بشأن تسليم أبوعجيلة [أبو عجيلة مسعود المريمي المتهم في قضية لوكربي]، ومطالبته لسيف الإسلام [نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي] بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أوضحت شتيوي أن "الدبيبة يحاول جاهدا فتح الملفات الراكدة حتى لا يكون له منافس على الساحة السياسية. يعمل لترتيب وتجهيز وضعه في الانتخابات الرئاسية المقبلة ولذلك سيقوم بتسليم كل ما يعرقله بفتح ملفاتهم مجدداً أمام جميع المؤسسات الدولية".

وتابعت أنه "حسب اعتقادي سيقوم بتسليم شخصيات سياسية وربما عسكرية في فترة لاحقة أو إبعادها عن الساحة بشتى الطرق ومهما كلفه الأمر"، مؤكدة على أن "كل هذا ناتج عن الركود والانقسام السياسي والذي بدوره أثر سلباً على النسيج الاجتماعي، وتسبب باتساع فجوة الصراع بين متصدري المشهد برمته".

وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة في نزاع بين حكومتين، واحدة برئاسة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، التي منحها البرلمان المنعقد في طبرق، أقصى شرق البلاد، ثقته، في آذار/مارس الماضي، والثانية حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، قبل أكثر من عام، ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة، إلا عبر انتخابات.

وتمكنت الأمم المتحدة، العام الماضي، بالتعاون مع القوى الفاعلة - ومنها تركيا – من تأسيس حوار ليبي ليبي، ومسار سياسي كان من المفترض أن يتوّج بانتخابات تعقد، في كانون الأول/ديسمبر 2021، لكن تعذر إجراؤها بسبب خلافات الأطراف الليبية كافة.
مناقشة