بداية، يقول رئيس مركز جهود للدراسات، الدكتور عبد الستار الشميري، إن "جماعة الحوثيين (أنصار الله) اليمنية استطاعت بدعم صواريخ إيرانية متقدمة أن تضرب معظم الموانئ التي تصدر النفط، وتوقف تماما تصدير النفط من اليمن".
حرب اقتصادية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "حكومة الشرعية اليمنية في تلك الفترة تعيش أزمة اقتصادية جعلتها عاجزة عن دفع الرواتب لشهرين متتابعين، ولولا بعض من دول التحالف والإمارات والسعودية لما استطاعت مواجهة الموازنة التشغيلية لبعض المرافق الصحية والتربية أو رواتب الجيش والأمن".
وأكد الشميري أن الحرب اليمنية اليوم أخذت منحى اقتصادي هام، وهي تسهم في إفقار اليمنيين وتجويعهم، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، لأن المناطق التي تسيطر عليها جماعة "أنصار الله" لديها التدفقات المالية من ميناء الحديدة، الذي لا زال يعمل ويتلقى رسوم وجمارك وأعمال كثيرة للتجار يدفعون لها رسوما جمركية باهظة، هناك بالفعل اختلال الآن في موازنة الحرب، وأيضا في موازين القوى في الحرب لصالح "أنصار الله" بعد أن دخلت الحرب المضمار الاقتصادي.
تحييد النفط
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، أن قوات "أنصار الله استطاعت بالفعل تحييد نهب النفط اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلة"، حسب قوله، وهذا ما أكده رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي في مقابلة متلفزة مع إحدى القنوات الخليجية، عندما ذكر أن الحكومة الشرعية على ما يبدو أنها لن تستطيع الإيفاء بدفع مرتبات موظفيها، خاصة بعد عدم تمكينهم من بيع وتصدير النفط.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "هناك خلاف حاصل مؤخرا أنهم طرحوا على الوفد العماني المفاوض الذي زار صنعاء مؤخرا مسألة عملية ما يسمونه بتصدير النفط بالطرق الشرعية هكذا يسمونه"، مشيرا إلى أن الوضع في المحافظات الجنوبية وحكومة معين عبدالملك تعاني مسألة عدم وجود إيرادات جراء عدم تمكنهم من تصدير النفط، خاصة من ميناء الضبة في محافظة شبوة وحضرموت.
موازين القوى
وتابع الحاج، أن التطورات السابقة في المشهد العسكري وتغير موازين القوى على الأرض فرض واقعا جديدا تجسد في أوراق جديدة دخلت أرض المعركة الممتدة منذ ثمان سنوات، ألا وهو الجانب الاقتصادي والذي يمثل الورقة الأخطر في تاريخ الصراع، ما قد يدفع إما إلى الاقتراب من السلام العادل وبصورة سريعة أو الذهاب إلى جحيم حرب أكثر ضراوة مما كانت عليه طوال السنوات الثمان الماضية، ما قد يعرض الملاحة في البحر الأحمر والمنطقة بالكامل للخطر، كل هذه الأمور بالتأكيد عكست أمور اقتصادية على الحكومة الشرعية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن هناك مستجدات أيضا على أرض الواقع في اليمن وخصوصا ما يتعلق بالبحر الأحمر والخليج العربي، حيث تم تشكيل القوة المشتركة التي تضم التحالف الدولي والذي يضم أمريكا ومصر والإمارات والكيان الإسرائيلي، هذه الأمور كلها لها تبعات لأن الحلف أو القوة المشتركة أشارت إلى مسألة مكافحة الإرهاب في إشارة إلى جماعة "أنصار الله"، التي استطاعت أن تحكم قبضتها على الملاحة الإقليمية اليمنية والجزر اليمنية، إضافة إلى تهديدات صنعاء باستهداف السفن إذا ما غامرت ودخلت الموانئ اليمنية في المحافظات الجنوبية.
الحرب الاقتصادية
وأكد أن "المعادلة على الأرض اختلفت اليوم عما كانت عليه حتى من الناحية العسكرية فقد استطاعت حركة "أنصار الله" أن تصل بصواريخها وطيرانها المسير إلى العمق الإماراتي والسعودي وتهديد السفن التي توصف بسفن نهب النفط اليمني، واستطاعت أن تأخذ الحرب إلى منحى آخر وهو الحرب الاقتصادية كمعاملة بالمثل،ولا ننسى أن صنعاء حتى في مسار المفاوضات دائما ما تطرح عملية فصل الملف الإنساني والاقتصادي عن المعترك السياسي، اليوم صنعاء تحكم سيطرتها حتى على المفهوم الاقتصادي".
وأوضح الحاج أن الوساطة العمانية وأي مشاورات قادمة، لا يزال الملف الاقتصادي والإنساني مطروح على أي مفاوضات قادمة سواء كانت بوساطة عمانية أو أممية، وكل الأمور باتت واضحة باتت، وخلال الساعات الماضية حملت صنعاء الوفد العماني ببيان شديد اللهجة، مؤكدة على أن أي مستجدات قادمة فيما يخص الحصار وإغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة، فإن كل هذه الأمور سوف تعيد مجريات الأمور إلى حالة الصفر أو نقطة البداية، وأن القوات المسلحة في صنعاء جاهزة وفي جهوزية عالية، مشيرة إلى أنها لديها بنك أهداف محددة.
معادلة جديدة
وبحسب الحاج، فإن صنعاء تطلق اليوم إشارات واضحة بأن لديها المقدرة على خوض حرب استراتيجية على مستوى المياه الإقليمية الدولية وتهديد أي سفن أخرى سواء كانت إقليمية أو أي سفن من قبل دول التحالف في المنطقة، مشيرا إلى أن صنعاء استطاعت أن تخلق معادلة جديدة وألقت بالكرة في ملعب التحالف فلم تعد في خط الدفاع بل هي المتصدرة للمشهد.
أعلنت جماعة "أنصار الله" في اليمن عن أن "وفد سلطنة عمان التقى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ورئيس المجلس السياسي مهدي المشاط"، مؤكدًا أن "اللقاءات كانت مثمرة وقدمت تصورات للأفكار المطروحة في المفاوضات".
وقال رئيس الوفد التابع لجماعة "أنصار الله" في اليمن محمد عبدالسلام، في تصريحات مع قناة المسيرة، إن "الحوثي أكد للوفد العماني أن أية إجراءات اقتصادية تستهدف الوضع في اليمن ستقلب الطاولة وتعيدنا إلى نقطة الصفر"، مضيفًا: "لا يمكن أن نذهب للحوار السياسي في ظل أجواء معقدة وشائكة وأزمات إنسانية واقتصادية".
وتابع رئيس الوفد الوطني: "الحديث عن وقف إطلاق نار دائم يجب أن يقابل بفك حصار دائم، وصرف المرتبات بشكل دائم، وخروج للمحتل"، مردفًا: "صادرات النفط والغاز يجب أن تذهب لمصلحة صرف المرتبات لكافة الموظفين من كل المحافظات بلا استثناء".
وأوضح أن "القوات على الميدان فرضت قواعد اشتباك جديدة"، مشددًا على "ضرورة إدراك الطرف الآخر حقيقة أننا دخلنا مرحلة جديدة".
وختم عبد السلام بالقول إنه "منذ انتهاء الهدنة أجرينا نقاشات مكثفة مع أطراف عدة من بينها لقاءات مباشرة مع الطرف السعودي والأمم المتحدة في مسقط"، مؤكدًا أن "هناك جهود محترمة يبذلها الأشقاء في عمان بموازاة مناقشة أفكار لتحقيق تقدم لوقف إطلاق النار".
وفي مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، سقوط 95 قتيلاً و248 جريحاً من المدنيين في اليمن، بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، خلال سريان هدنة الأمم المتحدة التي استمرت 6 أشهر وانقضت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتتهم الحكومة اليمنية جماعة "أنصار الله" بـ"زرع أكثر من مليونين ونصف المليون لغم في أكثر من 15 محافظة مختلفة الأنواع بين مضادة للأفراد والمركبات وألغام بحرية".
وتسيطر "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/ مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، بحياة الالآف، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.