وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، إن نقاط الضعف لدى الحلف العسكري الغربي لا تزال تتكشف رغم اقتراب العملية العسكرية من دخول عامها الثاني.
أبرز نقاط ضعف الحلف، يتمثل في ضعف تجهيزات الإمداد والتسليم، وهي مشكلة ظهرت بشكل واضح في الحالة الأوكرانية، وقد دلّت عليها واقعتان بارزتان، الأولى عندما أرادت فرنسا إرسال دباباتها "لوكلير" لتعزيز الدفاعات العسكرية لحليفتها بالناتو رومانيا، في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث عارضت حليفتهما ألمانيا نقل الدبابات عبر طرقها السريعة.
كان سبب رفض ألمانيا "الأوزان الثقيلة لناقلات الدبابات الفرنسية".
السلطات الألمانية عارضت الأمر حينها لأنّ الوزن الإجمالي لتلك الناقلات يتجاوز الحدود القانونية للأوزان المسموح بها على معظم الطرق في البلاد، وعرضت استخدام طريق آخر، لكن باريس رفضته.
ومن ثم، أرسلت فرنسا الدبابات عبر السكك الحديدية، فتسبب ذلك في تأخَّر وصول الدبابات إلى أوكرانيا.
أما الواقعة الثانية، فتتعلق بالطائرات.
فبعد أن دُمِّرَت أغلب المطارات والطائرات الأوكرانية والدفاعات الجوية في بداية العملية العسكرية الروسية، عرضت بولندا أن توفر أسطولها من طائرات "ميغ" إلى كييف، مقابل أن تعوضها واشنطن بطائرات أحدث، وبالفعل وافقت واشنطن لكنها تراجعت عن الفكرة لاحقا.
وقيل وقتها إن سبب تراجع واشنطن هو خشيتها من رد فعل موسكو، لكن اتضح لاحقا أن الخلاف الحقيقي كان بشأن كيفية إيصال المقاتلات البولندية إلى كييف، سواء من قواعد أمريكية أو من قواعد تابعة لحلف الناتو.
نقل المعدات العسكرية بين دول الناتو معضلة كبرى
العملية العسكرية، ذكّرت المخططين العسكريين في الناتو بمشكلة طالما أثارها بعضهم في السنوات الأخيرة، وهي صعوبة نقل المعدات العسكرية على أراضي القارة الأوروبية، حيث تداعت البنية التحتية للإمداد في حلف الناتو بانهيار الاتحاد السوفييتي، وتوقف التشاور وانقطع التواصل بين خبراء الإمداد العسكري وسلطات النقل المدنية.
وباعت أوروبا الغربية حصة كبيرة من مخزونات خطوط السكك الحديدية المخصصة للحرب، وسنَّت الحكومات لوائح قانونية لتقييد حركة نقل الأسلحة والمتفجرات وغيرها من المواد الخطرة عبر الحدود.
وعندما جاء توسع الناتو في دول حلف وارسو السابقة بعد عام 1999، لم يكن لدى المسؤولين الجدد خبرة بالطرق وخطوط السكك الحديدية المناسبة للاستخدام أثناء الأزمات.
وعلى مدى سنوات طويلة، لم تُفحص مناطق الإمداد الحرجة مثل الجسور والأنفاق والمعابر في دول الناتو الجديدة، إذ لم ير أحد أن ثمة حاجة إلى ذلك. وغاب عن معظم المراقبين المخاطر الأمنية المتعلقة بندرة الطرق السريعة عالية السعة في دول التحالف الأوروبية.
كيف يواجه الناتو مشكلاته في أوكرانيا وغيرها؟
وقال بول جونسون، وزير دفاع السويد التي تولت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام الجديد، إن تعزيز قدرات النقل والإمداد العسكري "أمر بالغ الأهمية" لالتزام الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بالمادة 5 من ميثاق التحالف، وهو مجال متاح للتعاون.
ومع ذلك، فإن الخطوات العاجلة التي اتخذتها دول الناتو منذ بدء العملية العسكرية الخاصة، كانت إنذارا قاسيا عن كثرة النواقص والحجم الكبير للإصلاحات التي ينبغي عملها للوفاء بالاحتياجات.
وكشف مسؤولون أن تسليح قوات كييف ومساندة الدفاعات العسكرية لدول الناتو القريبة من روسيا، مثل بولندا وبلغاريا ورومانيا، تطلَّب الكثير من التدابير الخاصة لتجاوز العقبات البيروقراطية واللوجستية.
وقال جان جيريش، نائب وزير الدفاع في جمهورية التشيك، إن بلاده وجيرانها (من الدول السابقة بحلف وارسو) تعاني صعوبات جمة، بسبب ضعف البنية التحتية المادية، فقد كانت أغلب دبابات حلف وارسو ومركباته العسكرية أصغر حجماً وأقل وزناً من نظيرتها الغربية، ومن ثم فإن الجسور والممرات المتاحة ذات تصميم مناسب لنقل المعدات الروسية والسوفييتية، لكنها ستنهار تحت ثقل المعدات والمركبات البرية التابعة لحلف الناتو.
لكن المشكلة لا تقتصر على الدول السابقة لحلف وارسو، فالدول الغربية التابعة لحلف الناتو منذ أمد طويل تعاني مشكلات في البنية التحتية أيضا.
وفي هذا السياق، قال المسؤولون الفرنسيون إن ناقلات الدبابات "لوكلير" تتجاوز الحد الأقصى لحمولة الناقلات في الطرق الألمانية، والتي تبلغ 12 طناً.
ولذلك، فإن مخططي الناتو والاتحاد الأوروبي عاكفون الآن على البحث عن سبل معالجة أوجه القصور الهيكلية، وإزالة هذه العقبات، بحيث تكون تصميمات الطرق المدنية والبنية التحتية البحرية والسكك الحديدية قادرةً على الوفاء بالاحتياجات العسكرية في الوقت نفسه.
وتعمل المنظمتان على تطوير نماذج جمركية رقمية، يمكن للسلطات المدنية والعسكرية الوصول إليها، لنقل الشحنات بسلاسة بين الدول.
وتسعى المنظمتان إلى تنسيق وتسهيل ما سماه تقرير الاتحاد الأوروبي، في نوفمبر/تشرين الثاني، "القواعد والإجراءات الوطنية المعقدة والطويلة والمتباينة".