وعرفت المغرب عدة جرائم على مدار العام الماضي، كان الجناة فيها من الأفارقة غير الشرعيين المنتشرين في الشوارع، من بينها تعرض قاصر في مقاطعة الصخور السوداء بالدار البيضاء إلى الاختطاف.
تحذيرات مهمة
حقوقيون حذروا من تجمعات وبؤر خطرة في العديد من المدن، إثر "السياسة المرنة" مع المهاجرين غير الشرعيين في العديد من المدن، والتي بدأت تشكل مخاطر لم تكن ضمن حسابات الحكومات المغربية.
وأعد المغرب، مع تزايد أعداد المهاجرين فوق ترابه، استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء، ركزت في المرحلة الأولى عام 2014 ومرحلة ثانية عام 2016، على تسوية وضعيتهم غير النظامية وخولت لهم الحصول على بطاقات للإقامة مكنتهم من العيش والعمل في المملكة بشكل قانوني والعمل فيها.
من ناحيته، قال الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري، إن المغرب اعتمد منذ سنة 2014 سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء، تميزت بمرونة كبيرة إزاء الوافدين من المهاجرين واللاجئين الأفارقة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الوافدين اعتبروا المغرب بلاد عبور للهجرة نحو أوروبا، لكن مع تشديد المراقبة، اضطر الكثير منهم للعيش في المغرب.
التأقلم مع ظروف الحياة
ولفت إلى أن الإشكالية في الحالة المغربية تكمن في عدم قدرة العديد من المهاجرين الأفارقة التأقلم مع ظروف الحياة بالمغرب، ودخول بعضهم في مناوشات مع مواطنين مغاربة، خاصة الجانحين والمشردين، بسبب شعورهم بمضايقة الأفارقة المهاجرين لهم.
وتابع: "كما أن تكتلات الأفارقة بجانب محطات نقل المسافرين وبعض ضواحي المدن، أصبحت تشكل بؤر أمنية خطرة، تهدد أمن وسلامة المواطنين المغاربة".
ويشير الحقوقي المغربي إلى أن المغرب لم يأخذ بالحسبان المخاطر ذات الطبيعة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تشكلها مجاميع الأفارقة في البلاد، عند التعامل بسياسة مرنة مع الأمر.
وشدد عبد الإله الخضري، على أن الحكومة مطالبة بإعادة النظر في بعض جوانب هذه السياسة، واتخاذ تدابير احترازية إضافية، من أجل تفادي ما وقعت فيه سابقا.
بلد استقبال
في الإطار، قال الحقوقي المغربي محمد الطيب بوشيبة، إن المغرب يعد نقطة جذب لدى المهاجرين الأفارقة، لا سيما من منطقة الساحل وجنوب الصحراء، الذين يسعون إلى تحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية والهروب من ويلات الحروب والعنف والاضطهاد والأزمات المتعددة، من خلال ترقب أقرب فرصة للهجرة إلى أوروبا.
وأصبح المغرب منذ أوائل القرن الحادي والعشرين بلد استقبال ودولة مضيفة للمهاجرين من أفريقيا "جنوب الصحراء والشرق الأوسط"، وبشكل متزايد من آسيا وأوروبا.
ويضيف الحقوقي المغربي: "لمواجهة التغيرات المختلفة والعميقة في ديناميكيات الهجرة وأبعادها المتعددة، اختار المغرب بشكل سيادي رسم معالم استراتيجية وطنية جديدة للهجرة على أساس قيم التضامن الإنساني والترحيب واحترام حقوق المهاجرين وحرياتهم".
تحسين وضعية المهاجرين
كما اتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات المتعلقة بتحسين وضعية المهاجرين من أجل حماية حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وضمان إدماجهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، حسبما يقول بوشيبة.
وتهدف عمليات الهجرة نحو المغرب إلى البحث عن العمل في أوروبا عبر طرق ووسائل قانونية في ما يخص اللجوء، وأخرى غير شرعية تتمثل في الهجرة غير القانونية.
حلم الهجرة لأوروبا
ورغم تعقد الأوضاع مؤخرا لا يزال الأفارقة يحاولون الوصول إلى أوروبا، عبر تلك الرحلة الصعبة والخطيرة في الصحاري والبحر، ليصلوا إلى السواحل الليبية أو التونسية أو الجزائرية أو المغربية.
يرى الحقوقي المغربي محمد الطيب بوشيبة، أن "التوترات التي تسببها تجمعات الأفارقة أصبحت خارج نطاق السيطرة، إذ أن المهاجرين الأفارقة يتجمعون في تكتلات، ويقومون بمهاجمة المواطنين".
التمرد على الأوضاع
ولفت إلى أن "أغلبية المهاجرين يرفضون العمل ويلجؤون في المقابل إلى كسب المال عن طريق المتاجرة في الممنوعات واعتراض المارة والدعارة، وصار سكان المناطق المجاورة لتكتلاتهم يطالبون بطردهم من مدينتهم، كما في الدار البيضاء والناظور وغيرها من المدن".
وقال بوشيبة: "الأحداث المناهضة للهجرة في جمهورية أفريقيا الوسطى والتي تتمثل في مناهضة المهاجرين الأفارقة هي الأشنع خلال الفترة الأخيرة من الناحية الوحشية ومن ناحية عدد النازحين".
عمليات تسوية
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية المغربية سنة 2018، تمكن المغرب في 2014 من تطبيق الاستراتيجية الخاصة بتسوية وضعية ما يقارب 23 ألف مهاجر أفريقي في وضعية غير شرعية، و استفادوا من برامج في التعليم والصحة والشغل، لكن البعض ظل خارج هذه التسوية.
وفي العام 2016، تمت تسوية وضعية 50 ألف مهاجر في المرحلتين، كما تمكن ثلاثة آلاف شخص من الرجوع إلى بلدانهم الأصلية في إطار العودة الطوعية.