خبراء وأكاديميون: الشعوب الأفريقية ترحب بالتعاون مع روسيا بعد معاناتها من الغرب

قال خبراء أفارقة إن العديد من شعوب الدول الأفريقية ترحب بالتعاون والشراكة مع روسيا، بعد أن عانت هذه الشعوب لسنوات من الدول المستعمرة قديما.
Sputnik
وأضاف الخبراء أن الجانب الروسي يحظى بصورة إيجابية، إذا تحققت عوامل الشراكات الاقتصادية، التي تحقق تطلعات الشعوب الأفريقية، والتي لم تتمكن من التلاقي والتعاون الفعال على مستوى عقود مع الغرب.
وعانت العديد من الشعوب الأفريقية من نهب ثرواتها طيلة العقود الماضية، ولم تصل إلى شراكة حقيقة مع الدول المستعمرة القديمة بما يحقق تطلعاتها، فيما استمر تفشي الإرهاب والتهجير في العديد من البلدان.
أفريقيا الوسطى: روسيا أولت اهتماما بالغا وأبدت استعدادا لمساعدتنا في القطاع الزراعي
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الاثنين، خلال زيارته لجنوب أفريقيا، أن التدريبات بين روسيا والصين وجنوب أفريقيا تتسم بالشفافة وأنه تم توفير جميع المعلومات عنها، مضيفا أن روسيا قدمت إلى الشركاء الصينيين وجنوب أفريقيا المعلومات اللازمة بهذا الخصوص.
وفي سياق آخر، أشار لافروف إلى أن الحرب بين الغرب وروسيا لم تعد هجينة، لكنها حقيقية تقريبا.

زيارات لافروف

وقال لافروف، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الجنوب أفريقية: "عندما نتحدث عما يحدث هناك، في أوكرانيا، فإننا نتحدث عن حقيقة، أن هذه لم تعد حربا هجينة، ولكنها حرب حقيقية تقريبا، والتي كان الغرب يستعد لها لفترة طويلة ضد روسيا، في محاولة لتدمير كل شيء روسي من اللغة إلى الثقافة، وما كان في أوكرانيا منذ قرون، حيث يمنعون الناس من التحدث بلغتهم الأم".
ورد لافروف، على سؤال بشأن تخويف الدول الأفريقية من العلاقات مع روسيا قائلا: "إن واشنطن لا تخيف الدول الأفريقية فقط، ولكن أيضا بلدان في آسيا وأمريكا اللاتينية وهم يعلنون باستمرار أن أولئك الذين يتعاونون مع روسيا سوف يندمون ويهددون دولا كبيرة بذلك".
في هذا الإطار، قال الأكاديمي والمتخصص في الشؤون الأفريقية إسماعيل محمد طاهر، إن الترحيب الأفريقي بالتعاون مع روسيا يأتي لعدة أسباب في مقدمتها المعاناة مع المستعمرين القدماء وعدم وجود مساحة للتعاطي والتلاقي في إطار التعاون مع المستعمر القديم.
لافروف: روسيا وجنوب أفريقيا تعملان على إنشاء آليات تجارية لا تعتمد على المرافق الغربية
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الشعوب الأفريقية ترى في روسيا أنها كانت معهم خلال فترات التحرر، فضلا عن أن روسيا ليس لديها أي تاريخ استعماري في المنطقة الأفريقية.
وبحسب طاهر، فإن حجم المشروعات والتدريب والتأهيل وعمليات التعليم كبير بدرجة لافتة، لأن روسيا قدمت العديد من الدعم والمشروعات في القارة الأفريقية، لكنه يغيب عنه الجانب الإعلامي مقارنة لما يحدث من الإعلام الغربي.
وفي ظل المعاناة التي عاشتها شعوب المنطقة تمثل التعاون الروسي في أوجه إيجابية، وهو ما يشير إليه الأكاديمي بأن موسكو تستطيع القيام بدور فعال في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار النخبة المرتبطة بفرنسا، التي لم تعد مقبولة في المنطقة بعد أن أثبتت فشلها على مدار العقود الماضية.
ويرى محمد طاهر أن الحضور الروسي في المنطقة قد يمكنها من تقديم ما تقوم به الدول الأوروبية، مع ملاحظة أن الحضور الحالي لم يصل للمستويات الكبيرة.
جنوب أفريقيا: نسعى لتوسيع التعاون مع روسيا في مجال استخراج المعادن والطاقة
وتابع: "يمكن لروسيا لعب الدور الأبرز في مواجهة الإرهاب بعد انسحاب فرنسا وقوات "برخان"، وتعاون موسكو مع هذه الدول يمكنها من تلك العملية بشكل قوي في مكافحة الإرهاب والجرائم".

التراجع الفرنسي

وعرفت فرنسا في القارة السمراء تدهورا كبيرا في السنوات الأخيرة، وخسرت العديد من المناطق التي كانت تستعمرها لسنوات طويلة هناك.
وفي وقت سابق أعلنت هيئة الأركان العامة الفرنسية، خروج آخر جندي فرنسي من أفريقيا الوسطى، ضمن المهمة اللوجيستية في هذه الدولة الأفريقية، بعد انسحابها بفترة قليلة من غرب أفريقيا.
وقالت هيئة الأركان الفرنسية في بيان: "يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول، غادر آخر جندي فرنسي ضمن المهمة اللوجستية في جمهورية أفريقيا الوسطى على متن طائرة عسكرية متجهة إلى باريس.
وفي أغسطس/ آب الماضي، خرج آخر جندي فرنسي من مالي، التي بدورها عززت التعاون العسكري مع روسيا، كما أعلنت باريس العام الماضي.
رسميا.. بوركينا فاسو تطلب من القوات الفرنسية مغادرة البلاد.. وماكرون: ننتظر توضيحات من "تراوري"
ويقول عمر قرقوم، الخبير في الشؤون الأفريقية، إن التعاون الأفريقي مع روسيا قديم ومستمر منذ (الاتحاد السوفيتي سابقا)، الذي كان له دور بارز في دعم تلك الدول التي كانت تناضل من أجل التحرير وقتها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الكثير من النخب العسكرية تلقت تدريباتها أو تخرجت من الأكاديميات الروسية.
ولدى روسيا القدرة أن تحقق الكثير من أوجه التعاون على المدى القريب والمتوسط لخبرتها في المجال الزراعي وصناعة التعدين والصناعات الدفاعية إذا كان للدول الأفريقية الرغبة في ذلك، هذا ما يشير إليه قرقوم، مع مراعاة التوازن مع بعض الدول الأخرى.

صدامات أفريقيا والغرب

من ناحيته، قال المحلل السياسي التشادي أبو بكر عبد السلام، إن تحول الكثير من البلدان الأفريقية إلى التعاون مع روسيا بدلا من بلدان أمريكا والاتحاد الأوربي عائد إلى الصدامات في الكثير من الشراكات وأوجه هذا التعاون الذي ظل استعلاء من جانب الغرب.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العلاقات الأفريقية مع روسيا نمت في الفترة الأخيرة من هذه الألفية، وأن العديد من الحكومات لعبت دورا بارزا في تجديد التعاون مع روسيا.
تستعد لإجراء تدريبات سنوية مع روسيا والصين... ما هي قدرات جيش جنوب أفريقيا؟
ولفت إلى أن روسيا قدمت للبلدان الأفريقية ما عجزت عنه فرنسا كمستعمرة أو شريك أفريقي في قديم الزمان في مستويات عدة.

الدخول الأمريكي للقارة

وفي تصريحات لـ"سبوتنيك" قال مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي محمد علي كيلاني، إن الفرنسيين أنهوا عمل قواعدهم لأن الأوروبيين تساءلوا كثيرا عن دور قواتهم في أفريقيا، والتي تتدخل في الصراعات السياسية والمسلحة.
وأضاف أن تدخل أوروبا لدفع الثمن المترتب على ذلك كان أحد الأسباب أيضا، بالإضافة إلى الدخول الأمريكي للمنافسة في أفريقيا، بعد أن رأت عدم قدرة فرنسا على الاستمرار في ذلك، الأمر الذي اتضح جليا في التدخل الأمريكي في الأزمة التشادية، بالإضافة لمطالبة البرلمان الأوروبي ببقاء باريس على الحياد من الصراعات الأفريقية.
مناقشة