ونقلت شبكة "العربية نت" عن مصادر خاصة، قولها إن مصر طرحت مبادرة لوقف التصعيد الحالي في الأراضي الفلسطينية، حيث نقلت القاهرة رسائل السلطة الفلسطينية إلى إسرائيل، كما طالبت تل أبيب بوقف التصعيد العسكري دون أي شروط.
وبحسب المصادر، أعطى الرئيس الفلسطيني محمود عباس عددا من المطالب لمدير المخابرات المصرية لنقلها للجانب الإسرائيلي على رأسها وقف التصعيد العسكري في الضفة الغربية ووقف الاعتقالات العشوائية ووقف هدم المنازل، فيما تتمسك السلطة بتجميد أي تعاون مع إسرائيل لحين الالتزام بوقف التصعيد العسكري.
ومن المقرر أن ترسل القاهرة وفدا أمنيا إلى تل أبيب لبحث وقف التصعيد ونقل مطالب السلطة والفصائل.
وكشفت المصادر أن تل أبيب طالبت بمهلة للرد على المطالب المصرية التي قدمتها القاهرة بشأن وقف التصعيد العسكري الحالي، مشيرةً إلى أن مصر تنتظر الرد، فيما تربط تل أبيب وقف التصعيد بوقف العمليات الفردية التي تحدث ضد مواطنيها في أماكن مختلفة.
وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية نجاح المبادرة المصرية في وقف التصعيد بين إسرائيل وفلسطين، ومدى إمكانية قبول تل أبيب مطالب السلطة في هذا الصدد.
شروط فلسطينية
اعتبر تيسير نصر الله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن المبادرة التي طرحتها مصر تأتي في وقتها، خاصة في أوج العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الجميع يرحب بأية مبادرة خاصة إذا كانت من جمهورية مصر، لوقف العدوان الدموي ضد الشعب الفلسطيني، وضد أرضه وممتلكاته.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن نجاح أو فشل هذه المبادرة يعتمد على حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تبدأ بالعدوان دائما، حيث تدخل مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وتهدم المنازل وتغتال المواطنين وتنفذ عمليات إعدام ميدانية، وعمليات الاعتقال الليلية التي تجري في أراضي السلطة الوطنية، بالإضافة لإطلاق العنان للمستوطنين للفتك بالشعب الفلسطيني.
ولفت نصر الله إلى أن نجاح هذه المبادرة يعتمد أكثر على حكومة نتنياهو ومدى استجابتها لهذه المبادرة، وليس على الفلسطينيين الذين يتلقون الضربات باستمرار، مشيرًا إلى أن ما يقومون به مجرد رد فعل على العدوان الإسرائيلي.
وعن الشروط الفلسطينية في المبادرة، قال نصر الله إن الرئيس محمود عباس أبو مازن أبلغ مدير المخابرات المصري، أمس الثلاثاء، بالموقف الفلسطيني من المبادرة، والتي تتمثل في الدرجة الأولى بوقف العدوان الإسرائيلي، وإعادة ما تم خصمه من أموال المقاصة لميزانية السلطة التي تعاني من ضائقة مالية كبيرة منذ أكثر من عام، مشيرا إلى أن موظفي السلطة يتقاضون 80 في المئة من رواتبهم.
وتابع: "لا يوجد أي حديث إسرائيلي عن السلام والتسوية والانسحاب وإسرائيل لم تعد تفكر سوى بالحل العسكري والأمني وربما الحل الاقتصادي، وكأن القضية الفلسطينية أمنية واقتصادية وليست سياسية".
وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح: "سننظر إذا كان التحرك المصري والمبادرة الأخيرة ستفضي إلى أفق سياسي حتى نستطيع أن نقنع شعبنا بأن التدخل له بعد سياسي من شأنه أن يقوض منظومة هذا الاحتلال الإسرائيلي".
نجاح مصري
من جانبه اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني وعضو حركة فتح، أن جمهورية مصر العربية باعتبارها رائدة العالم العربي دائما هي صاحبة المبادرة لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مشيرًا إلى أن القيادة في القاهرة تسعى منذ أكثر من عام لتوفير الأمن والأمان للفلسطينيين وضمان وقف العدوان الإسرائيلي على المدنيين والأبرياء في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإنه دائما ما تنجح المبادرات المصرية نظرًا لثقة الفلسطينيين العالية بتوجهاتها وسياساتها الإقليمية والعربية، لا سيما وأن إسرائيل أضعف من أن تفشل أي مبادرة للدولة المصرية.
وأوضح الأيوبي أن القيادة الفلسطينية عرضت كل مطالب الشعب الفلسطيني على الوفد المصري، وعلى كل الأطراف التي تدخلت لاحتواء الموقف الميداني، مؤكدا أن القيادة الفلسطينية تثق أنه لا يستطيع أحد كبح جماح العدوان الإسرائيلي مثل جمهورية مصر العربية التي تعتبر القدس وفلسطين بالنسبة لها هي القضية الأولى لكل العرب والمسلمين.
ولفت القيادي في حركة فتح إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول التنصل من التزاماته، ويسعى لكسب الوقت في محاولة منه لتحقيق أي إنجاز سياسي وأمني على حساب الدماء الفلسطينية، لكنه قال إن إسرائيل لا يمكنها إغضاب جمهورية مصر العربية، حيث تحرص دائما على عدم استفزازها، في حين إن غضب مصر يعني أن مستقبل هذا الكيان يبقى مهددا، مشيرا إلى أنه لا مفر أمام الاحتلال الآن سوى الخضوع لإرادة الدولة المصرية ومبادرتها.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعد اجتماعه في رام الله، أمس الثلاثاء، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن ملتزم بحل الدولتين"، مؤكدًا أن "واشنطن تعارض أي خطوات تقوض حل الدولتين كتوسيع المستوطنات وهدم المنازل".
وشدد على ضرورة "اتخاذ خطوات لخفض التصعيد"، مضيفًا أن "أفق الأمل للفلسطينيين يتقلص، ولابد أن يحدث تغيير، متابعًا: "يجب أن نتأكد من نزع فتيل التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وكان بلينكن قد أكد في لقاء مع نتنياهو، الاثنين، التزام بلاده بأمن إسرائيل، مشددًا على "ضرورة توسيع اتفاقيات السلام مع الدول العربية المعروفة باتفاقيات أبراهام".
وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في القدس: "في سياق العنف المتصاعد من المهم أن تعلم حكومة وشعب إسرائيل أن الولايات المتحدة لديها التزام راسخ لن تتخلى عنه أبدا تجاه أمنهم".
وكان بلينكن قد زار إسرائيل، الاثنين، بعد لقاء جمعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، قبل أن يتوجه إلى القدس ورام الله.