وأضاف في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن هناك محاولات إسرائيلية للسيطرة على الأقصى وفرض السيادة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة، معتبرًا أن مخرجات لقاء العقبة لم تنفذ على أرض الواقع، وأن إسرائيل لا تزال تضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط.
وأوضح البكري أن لهجة التصريحات الأوروبية والأمريكية المنددة بممارسات تل أبيب تغيرت عن السابق، لكنها لا تشكل أي فارق على أرض الواقع، مشيرًا في الوقت نفسه إلى الواقع العربي الصعب والممزق، حيث تمنع المشاكل والأزمات البلدان العربية في التفكير بغير واقعها، حيث أصبح العالم منشغلًا بقضايا أخرى يرى أنها أكبر وأهم من القضية الفلسطينية ومن قضية القدس.
إلى نص الحوار..
بداية.. صف لنا الأحوال بالمسجد الأقصى في ظل الاقتحامات المتكررة؟
يعاني المسجد الأقصى المبارك من حملة اقتحامات يشنها المستوطنون الإسرائيليون بشكل مستمر ودائم منذ عام، فالقيادة الاحتلالية الإسرائيلية على كل المستويات تحاول اقتحام المسجد كل يوم، وكلما سنحت الفرصة لها، والحكومةالجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو وبن غفير وسموتريش تمتلك آلية بُغْض غير مسبوقة تجاه الشعب الفلسطيني، والأماكن المقدسة، على رأسها المسجد الأقصى؛ لذلك الاقتحامات مستمرة، وهناك محاولة فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد، والاعتداء على المدينة المقدسة بكاملها، ضمن سياسة واضحة يتبعها الاحتلال في هذه المرحلة للسيطرة على الأقصى، ومنع الدخول للقدس، وهدم المنازل، والإغلاقات والاعتقالات.
هناك حملة شرسة استهدفت كل المدن الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية وتحديدا جنين ونابلس ومدينة الخليل وبيت لحم والقدس، والتي قدمت عشرات الشهداء في الفترة الأخيرة، في إطار حرب مفتوحة يقودها الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة تحديدًا، لكن الأمر المخيف هو الاعتداء على المسجد الأقصى ومحاولة السيطرة عليه وتغيير الواقع والمعالم بداخله، وفرض سيادة إسرائيلية كاملة.
بعد استحواذ بن غفير وسموتريش على صنع القرار في إسرائيل.. هل ترى أن المخاطر ازدادت على فلسطين؟
نعم بالتأكيد، وتيرة العدوان ارتفعت بشكل كبير جدا في هذه المرحلة، بتنا نرى وزير في حكومة يحرض على القتل وسفك الدماء والاعتداء على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي المبارك في الخليل، والأماكن المقدسة، وهناك مساع إسرائيلية لمنع الفلسطينيين من الدخول للقدس، بل وتهجير مواطني المدينة المقدسة، وهدم منازلهم بشكل منهج، فهناك 4 منازل هدمت أمس فقط، وهي سابقة خطيرة، تنذر بتغير شامل في تعامل الحكومة الاحتلالية مع الشعب الفلسطيني في هذا التوقيت.
الإجراءات التي تتبعها الحكومة الاحتلالية خير دليل على اتباع سياسة جديدة أشد عنفًا وبطشًا ضد الشعب الفلسطيني، وكل الحكومات الإسرائيلية متطرفة، لكن هذه الحكومة هي الأكثر تطرفًا وميلا للعنف والسيطرة على كل مقدرات الشعب الفلسطيني.
بعد اجتماع العقبة الأخير.. إلى أي مدى ترى التزام الحكومة الإسرائيلية بمخرجات اللقاء من وقف الاستيطان والاقتحامات للأماكن المقدسة؟
منذ أن بدأ اجتماع العقبة بحضور فلسطين وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، خرجت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين على رأسهم بن غفير وسموتريش وبعض وزراء حكومة نتنياهو تنتقد الاجتماع، ويقولون إن ما يحدث هناك لا قيمة له، ولن تلتزم به دولة الاحتلال، وحتى اللحظة محصلة مخرجات اللقاء هي صفر، لم يحدث أي تقدم بالمطلق، وهناك حديث عن لقاء آخر في شرم الشيخ.
هل تعتقد أن ثمة طريق لحل سياسي يوقف هذه الانتهاكات والتصعيد الإسرائيلي؟
الضوء خافت إلى حد انعدامه، لا يوجد ما يدعو للتفاؤل في أي مقاربة سياسية في المدى القريب، العدو يتغطرس ويتخفى وراء الإمكانيات التي يمتلكها في هذه المرحلة نظرًا للظروف الدولية والعربية والإسلامية، فالعالم قد بدأ يذهب للتفكير في أمور أخرى، الواقع العالمي أصبح في غير صالح القضية الفلسطينية، وكذلك الساسة الأمريكيون والأوروبيون يسيرون في ركب الاحتلال، وينحرفون عن البوصلة على حساب الواقع الحالي والمأزوم في الحالة الفلسطينية.
وماذا عن الدول العربية والإسلامية؟
الواقع العربي صعب ومهلهل وممزق، هناك انعدام للقوة السورية والعراقية، الكثير من البلدان العربية لديها من المشاكل ما تمنعها من التفكير في غير واقعها، ومنظمة التعاون الإسلامي لم تحرك ساكنًا تجاه الاعتداءات المتكررة على القدس منذ عام، والعالم أصبح منشغلًا بقضايا أخرى يرى أنها أكبر وأهم من القضية الفلسطينية ومن قضية القدس.
هل لمستم تغييرًا في المواقف الأمريكية والأوروبية تجاه القضية الفلسطينية في ظل تصريحات الشجب للسياسات الإسرائيلية؟
هناك تصريحات مغايرة فعلًا عن التصريحات والمواقف السابقة، لكنها تأتي من شخصيات ليست في الصفوف الأولى، مجرد أشخاص في وزارة الخارجية الأمريكية يشجبون تصريحات سموتريش عن حرب إبادة في بلدة حوارة، لكنها مجرد تصريحات للتهدئة لا يتم تنفيذها على أرض الواقع.
فلسطين بحاجة إلى إرادة دولية واضحة لإحداث تغيير جذري يلزم دولة الاحتلال بتنفيذ ما تعهدت به أمام العالم، وأن تعترف بالدولة والشعب الفلسطيني، وإقامتها وعاصمتها القدس، وإن كان هذا التوجه بحد ذاته إجحافًا بحق الفلسطينيين، حيث يعطيهم نصف أرضهم، لكن يحقق قرارات الشرعية الدولية، حتى اللحظة الإجراءات التي تتبع في هذا الصدد لا تحل الأزمة، بل تصل بنا إلى انسداد الأفق، حتى وإن كانت التصريحات الأمريكية والأوروبية أفضل، لكنها تبقى في المحصلة بدون أي تأثير على أرض الواقع.
حدثنا عن دور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مجابهة الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الدينية؟
وزارة الأوقاف هي المسؤولة عن المقدسات الدينية في فلسطين باستثناء تلك الواقعة في مدينة القدس على اعتبار أن المسجد الأقصى وسائر المقدسات في المدينة تتبع إداريا حتى اللحظة الوصاية الهاشمية للمملكة الأردنية، ونحن نبذل جهودا طويلة من أجل خدمة المساجد والمقدسات، لكن هناك معاناة كبيرة وصعوبات تواجهنا، لا سيما على مستوى الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، المقدس الثاني للمسلمين في فلسطين بعد المسجد الأقصى، حيث يعاني من حصار كامل ومطبق منذ مجزرة عام 1994م وحتى الآن، من إغلاق وحصار وعدم السماح بالدخول إلا عبر بوابات إلكترونية وبموافقة إدارة الاحتلال هناك، فالمسجد مقسم بطريقة غريبة هو وكل المنطقة التي تحيط به، وسط حصار مطبق وإجراءات صارمة، لكن الوزارة لم تأل جهدًا لمواصلة رسالتها المتعلقة بتقديم كافة سبل الخدمة والرعاية للمقدسات الفلسطينية.
بحديثك عن الوصاية الهاشمية.. كيف ترى محاولات إسرائيل للقفز عليها؟
جاءت الوصاية باتفاق فلسطيني أردني، بين الرئيس الراحل ياسر عرفات والملك حسين، والتي تم تجديدها من الرئيس الحالي محمود عباس أبو مازن والملك عبد الله الثاني، وهذا الاتفاق ينص على أن تتبع الأماكن المقدسة في القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى إداريًا الهاشميين في الأردن، حتى زوال الاحتلال، ولدينا ثقة كبيرة ومطلقة في الإدارة الأردنية لهذه المقدسات، ونحن راضون عن كل ما تقدمه المملكة من رعاية ومتابعة ووصاية لهذه الأماكن المقدسة.
دائمًا ما يتزامن شهر رمضان الكريم مع توترات يفتعلها المستوطنون.. هل تتوقع شهرًا ساخنًا هذا العام؟
كان شهر رمضان الماضي ملتهبًا واشتعلت الأحداث من الهجوم على المساجد وتكسير بواباته ونوافذه منذ اليوم الأول، ونتمنى ألا نعود لهذه المرحلة، وأن تسود حالة من الاستقرار والهدوء يمكن من خلالها للمواطنين الذهاب للأماكن المقدسة في هذا الشهر الفضيل، ونأمل أن تتمكن الحكومة من كبح جماح بن غفير وسموتريش وغيرهم من المتطرفين الإسرائيليين ومنعهم من إشعال المنطقة، لكن في النهاية ستكشف الأيام القادمة المخططات الإسرائيلية في هذا الشهر.
وسط الأزمات الاقتصادية أطلقت فلسطين حملة "آغيثوهم" لمساندة ضحايا الزلازل في سوريا وتركيا.. حدثنا عن هذه التجربة؟
أطلقت فلسطين بتوجهات مباشرة من الرئيس أبو مازن حملة لمساندة الشعبين السوري والتركي نتيجة الكارثة الأخيرة والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين، وهدفت الجملة إلى جمع التبرعات وتقديمها للمنكوبين، واستمرت لمدة 10 أيام، وتمكنت من جمع 8 ملايين شيكل (نحو 2.22 ملايين دولار)، تم إيصال بعضها إلى أنقرة، ولا يزال هناك تنسيقات لإرسالها إلى دمشق، وفلسطين دائمًا وفي ظل أزمات الحصار والفصل العنصري وعدم السماح بالدخول والخروج وقرصنة إسرائيل على أموال المقاصة دائمًا ما تقف بجانب الأشقاء وتساندهم وفق رؤيتها ومبادئها.
أجرى الحوار: وائل مجدي