ويمثل الملف الخاص بإدارة المجال الجوي لمنطقة "الصحراء" أهمية قصوى للرباط، خاصة بعد تأييد مدريد لمقترح الحكم الذاتي المطروح من قبل المغرب، إذ يحقق الاتفاق حول الملف حال نقله الإدارة للمغرب العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية، وفق خبراء.
وفي وقت سابق أكدت الرئاسة الإسبانية أن "التنسيق بين مدريد والرباط مستمر من أجل تحقيق قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون الفني"، لافتة إلى أن "كلا البلدين يحاولان تحقيق قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون التقني"، وفق "هسبريس".
ويدار المجال الجوي في "الصحراء" من مركز المراقبة الجوية في جزر الكناري؛ وهو الوضع الذي يسعى المغرب لتغييره، في المحادثات التي بدأت بين البلدين.
وكانت إدارة وتنسيق المجال الجوي بين إسبانيا والمغرب إحدى النقاط التي جرى الاتفاق بشأنها في البيان الموقع في 7 أبريل/ نيسان 2022، على أعقاب الزيارة التي قام بها سانشيز إلى المغرب، إلى جانب إعادة تنشيط الفريق الفني المكلف بترسيم الحدود البحرية على ساحل المحيط الأطلسي.
ما أهداف المغرب
من ناحيته قال محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن إعلان الحكومة الاسبانية إجراء مباحثات مع المغرب بخصوص تدبير المجالات الجوية، يمثل امتدادا للدينامية التي انطلقت مند دخول العلاقات المغربية الإسبانية مرحلة جديدة من الشراكة، وجرى تفعيل بنود عديدة من البيان المشترك الذي توج لقاء الملك محمد السادس برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو في 7 أبريل 2022.
يوضح بودن في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن المناقشات المغربية الإسبانية بخصوص تدبير المجالات الجوية تمثل إطارا عمليا واستجابة مرنة تعكس مدى الانفتاح والحوار بخصوص مسائل عالقة، فضلا عن كونها محطة تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات ومصالح كلا البلدين وأفضل الممارسات الدولية في تدبير المجالات الجوية من منطلق اتفاقية شيكاغو 1944، التي تعد أبرز اتفاقية دولية متعلقة بالسيادة على الإقليم الجوي، وكذا الاتفاقية التي تؤطر حدود منطقة معلومات الطيران في إطار المياه الإقليمية.
مكاسب الاتفاق
يشير بودن إلى "أن المفاوضات بين البلدين ترمي في النهاية إلى رسم حدود المجالات الجوية، بما يجعل الصحراء المغربية ومجالات جوية حيوية أخرى ضمن منطقةَ معلومات الطيران للمملكة المغربية واعتمادها من قبل منظمة الطيران المدني الدولي"، وفق قوله.
وفق بودن فإن تدبير المملكة المغربية للمجالات الجوية بالمنطقة واستعادة الأصول الاستراتيجية والسيادية في هذا الإطار، له نتائج مربحة للجانبين المغربي والإسباني والمنطقة برمتها، حيث ستحدد هذه الخطوة بوضوح أدوار ومسؤوليات كل طرف في الملاحة الجوية للمنطقة، وخلق بيئة تنافسية، مما يسمح بتطوير خدمات الملاحة الجوية بمطارات العيون والداخلة وغيرها، وتدفق معلومات الطيران بانسيابية وتصميم المسارات الجوية للمجال الجوي الخاص بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حسب نص قوله.
انعكاسات سياسية
في العلاقات بين البلدين يرتبط ملف تدبير المجالات الجوية ارتباطا وثيقا بالقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية، وكذلك أنظمة مراقبة الحركة الجوية، ومعلومات الطيران، إذ يشير بودن إلى أن الخطوات التالية من المباحثات بين الجانبين ينبغي أن تؤدي إلى تدبير مغربي كامل للمجالات الجوية المعنية بعملية التفاوض.
بحسب بودن يمكن الاتفاق المنتظر بين البلدين بشأن تدبير المجالات الجوية من توسيع الأنشطة المرتبطة بالنقل الجوي وتحقيق نمو اقتصادي عبر الوصول لأسواق جديدة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وعروض السياحة وشبكات الشحن الجوي.
يرى بودن أن "المباحثات الخاصة بتدبير المجالات الجوية بين المغرب وإسبانيا تمهد الطريق لتعاون معمق ووثيق في مختلف محاور الشراكة الاستراتيجية، ويمكنها أن تتوج باتفاقية تحديد المجالات الجوية بين البلدين بما ينسجم مع الموقف الإسباني المتقدم من المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء المغربية".
استكمال الحوار السابق
فيما قال نوفل بوعمري الباحث المغربي، إن "المحادثات التي تجري حاليا بين المغرب وإسبانيا المتعلقة بالمجال الجوي وتدبيره في منطقة الصحراء المغربية هي مباحثات سياسية تأتي من أجل استكمال الحوار حول كل النقاط الخلافية التي كانت بين البلدين".
وفي حديثه مع "سبوتنيك"، أوضح أن المجال الجوي لم يكن قد حسم بعد، باعتبار الوضع هو موروث عن فترة التواجد الاستعماري الإسباني بالمنطقة، والتي يجري تصفية جل تبعاتها سواء المتعلقة بملف الصحراء أو المرتبطة ببعض القضايا والملفات التقنية كالمجال الجوي.
وحسب منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، فإن كل طائرة تجارية أو عسكرية تمر عبر هذه المنطقة يجب أن ترفع تقاريرها إلى مركز مراقبة الحركة الجوية الموجود في مطار جاندو، حيث يعمل الجيش أيضا والطيران الإسباني.