وسط انقسام سياسي وأزمة مالية.. ما مصير الانتخابات البلدية في لبنان؟

في وقت شدد فيه وزير الداخلية اللبناني استعداد بلاده لإجراء الانتخابات البلدية، انقسمت القوى السياسية كعادتها داخل مجلس النواب، ما بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، وسط تلميحات بإمكانية تمديد عمل المجالس الحالية.
Sputnik
وقال مراقبون إن إجراء هذا الاستحقاق مهم، باعتبار أن البلديات تمس المواطنين ومصالحهم وخدماتهم بشكل مباشر، مشيرين إلى أن الأجواء تتجه نحو تأجيل الانتخابات، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية وغياب التمويل اللازم لهذه العملية.
وأعلن زير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، إجراء الانتخابات البلدية في البلاد على 4 مراحل، تبدأ في 7 مايو/ أيار المقبل في محافظتي الشمال وعكار، و14 مايو في محافظة جبل لبنان، و21 مايو في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، و28 مايو في الجنوب والنبطية.
وأكد على أن "الإصرار والنية ضروريان لإجراء الانتخابات، ولكن ذلك لا يكفي"، مطالبا "بتأمين الاعتمادات، والمبلغ ليس كبيراً في مقابل ما أنفق في العامين الماضيين"، وفقا لوسائل إعلام محلية.
ميقاتي يبحث مع وزير الداخلية التحضيرات للانتخابات البلدية المقبلة

عوائق جوهرية

اعتبر غازي زعيتر، النائب بالبرلمان اللبناني، والوزير السابق، أن الانتخابات البلدية ضرورية، والجميع يعلم أهميتها ومتحمسون لها، بيد أن هناك معوقات وأسباب جوهرية تحول دون القيام بها في هذه الفترة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أهم هذه المعوقات، الإضرابات والاحتجاجات الحاصلة في معظم القطاعات الحكومية بلبنان، مثل القطاع العام، والتعليم، والقضاة، والأسلاك العسكرية المعنية بتأمين الانتخابات.
وأكد أن الأزمة الأكبر تتمثل في تمويل الاستحقاق الدستوري، وهي تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، التي سبق وأكدت عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية.
وأوضح أن كل هذه العوامل والأسباب دفعت إلى التفكير بإمكانية تأجيل الانتخابات البلدية لفترة محددة، قد تكون أشهر أو تصل إلى عام بحسب الظروف، حتى تنتفي هذه العوائق، مشددًا على أن إجراء الانتخابات أفضل من تأجيلها، لكن الظروف هي من تتحكم في العملية برمتها.
تصاعد المخاوف بشأن تأجيل الانتخابات البلدية للمرة الثانية في لبنان

تأجيل متوقع

بدوره قال الدكتور علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن الانتخابات البلدية وكأي استحقاقات دستورية تشهد خلافات وانقسامات سياسية حولها، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول عدم إنجاز هذه الاستحقاقات في مواعيدها بشكل متكرر، مؤكدًا أن من يريد تأجيل الانتخابات لديه أسابه وكذلك من يرى ضروريتها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الانتخابات البلدية استحقاق دستوري لبناني يجب إجراؤه في موعده لتسيير عمل المؤسسات واستمراريتها، التي تقع على تماس مباشر مع المواطنين، خاصة بعد أن تم تأجيل الانتخابات البلدية سابقًا، وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون بسبب الانهيار والضعف المستشري في مؤسسات الدولة.
وأوضح أن في ظل الأزمة المالية والاقتصادية، والعجز عن تمويل المرافق الخدماتية في البلد كقطاع التعليم والصحة وغيرها من القطاعات التي تهم المواطنين، بات لبنان أمام خيارين يعتبران أولوية بالنسبة للمواطنين؛ الأول الالتفات من قبل المسؤولين للمواطن والوقوف على حاجياته الأساسية ومواجهة الفقر الكبير الذي يعيش فيه اللبنانيون في ظل غياب شبه تام من الدولة عن إيجاد الحلول المطلوبة.
أما الأولوية الثانية، بحسب عبدو، تتمثل في الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات البلدية التي يحتاج إليها المواطن، معتبرًا أن الإشكالية الموجودة حاليا حول تمويل الانتخابات، بيد أن المواطن لا يهمه إلا رغيف الخبز، على الرغم من أن إجراء الانتخابات البلدية وتفعيل دور المحليات يساهم في حل العديد من المشاكل الحياتية.
مع دعوة وزير الداخلية.. ما سيناريوهات إجراء الانتخابات البلدية في لبنان وسط غياب التمويل؟
ويرى الأكاديمي اللبناني، أن لبنان يمضي قدمًا في طريق تأجيل ثان للانتخابات البلدية، نظرًا لصعوبة واستحالة تنفيذها في الوقت الذي حدده وزير الداخلية، بسبب الأمور التقنية والمالية.
وأوضح أن السؤال الأهم عن كيفية إخراج الموضوع قانونيًا، وتحديد مدة التأجيل، مؤكدًا أن لبنان دخل مرحلة التسويف السياسي لإيجاد مبررات التأجيل.
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب، أمس الأربعاء، أن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية أصبح "شبه مستحيل"، في ظل عدم تأمين التمويل لإجرائها من قبل الحكومة، مشيرًا إلى أنه سيتقدم باقتراح قانون لتمديد عمل المجالس البلدية والاختيارية لمدة 4 أشهر، وفقاً للشرق الأوسط.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا إلى جلسة مشتركة أمس، على جدول أعمالها عدد من مشاريع القوانين بينها اقتراح القانون الرامي إلى فتح اعتماد في الموازنة عام 2022 بقيمة 1500 مليار ليرة لتغطية نفقات إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2023 المقدم من النائب علي حسن خليل.
يذكر أن الانتخابات البلدية والاختيارية، التي كان ينبغي أن تحصل في مايو عام 2022 تأجلت إلى مايو عام 2023، بسبب عدم الجهوزية لها، وكانت آخر انتخابات بلدية في لبنان قد جرت في 8 مايو 2016 لولاية من ست سنوات.
مناقشة