وأضاف في حوار مع "سبوتنيك"، أن المتحف والذي يطلق عليه "الهرم الرابع" هدية مصر للعالم، وتحفة معمارية غير مسبوقة في هذا المجال، ويعد من أكبر المتاحف على مستوى العالم سواء في المساحة أو عدد القطع الأثرية، لافتًا إلى أن مصر تستهدف جذب 15 ألف زائر يوميًا، و5 مليون سنويًا.
وأكد شاكر أن فيلم "كليوباترا" الذي أعدته منصة نتفليكس يهدف إلى تزوير التاريخ المصري، حيث يعرض حقائق كاذبة ومغلوطة عن ملكة حكمت مصر ولم تكن مصرية، مشيدًا بإنتاج الشركة المتحدة فيلما وثائقيًا لتوضيح كافة الحقائق حول كليوباترا، والرد بشكل فني وقانوني على المنصة التي تهدف النيل من تاريخ مصر.
وإلى نص الحوار..
بداية... أين وصلت الاستعدادات الخاصة بالمتحف المصري الكبير؟
نسبة الإنشاءات المعمارية اكتملت بنسبة 100%، لكن هناك بعض قاعات العرض لا تزال لم تكتمل بعد، لكنها في المراجعة النهائية، وتحتاج إلى بعض التجهيزات والفتارين وأسلوب العرض المتحفي، وعلى الرغم من الافتتاح التجريبي للمتحف هناك بعد التجهيزات المهمة، لا سيما فيما يتعلق بالمحاور المرورية، ومحطة مترو الأنفاق الخاصة بالمتحف.
وهل هناك موعد محدد لافتتاح المتحف رسميًا؟
هناك أخبار تم نفيها تحدثت عن افتتاح المتحف في نهاية العام الجاري، لم يتم تحديد أي موعد رسمي للافتتاح حتى الآن، خاصة وأن التجهيزات تتعلق بافتتاح ضخم يليق بمتحف من أكبر المتاحف في العالم والتي تضم قاعات لحضارة واحدة وهي المصرية القديمة، كما أنه من المقرر دعوة رؤساء لعدة دول حول العالم، لكن من المحتمل أن يكون الافتتاح بداية العام الجديد، أو على الأكثر في النصف الأول منه.
ما الذي يميز هذا المتحف عن باقي المتاحف في مصر؟
هناك 4 متاحف كبيرة في مصر، لكن آخر متحف تم تأسيسه كان في العام 1902م، وهو المتحف المصري بالتحرير، وخلال القرنين الـ 20 و21 اكتشفت البعثات المصرية والأجنبية كميات كبيرة من الآثار، وبات لدينا 38 مخزنًا على مستوى المحافظات المختلفة، تضم كميات كبيرة من القطع الأثرية، بجانب القطع الموجودة داخل المتاحف المختلفة، وكان لا بد من حضارة بقيمة مصر أن يكون لها متحف يحتوي على نفائس الآثار ويجمعها في مكان واحد، حيث تبلغ الآثار الخاصة بتوت عنخ آمون أكثر من 6000 قطعة، كانوا موزعين في المتاحف والمخازن.
جاءت فكرة تأسيس المتحف في عام 1990، ثم توقفت، وعدنا في عام 2002 للفكرة وبدأنا في اختيار المكان، وجاءت ثورة 2011 لترجئ المشروع، وفي عام 2017 أخذ الموضوع منحى مختلف، وتم اختيار المكان أمام المعجزة الوحيدة الباقية من معجزات العالم القديم، وهي الأهرامات، وهذه المنطقة تتميز كذلك بقربها من وسائل المواصلات، مثل مطار سفينكس، وتم تسهيل المحاور المرورية التي توصل للمتحف، مثل بناء محطة مترو أنفاق، وكذلك تدشين العديد من الفنادق.
هناك 117 فدانًا تم تخصيصها للمشروع، حيث يقام المتحف على نص مليون متر مربع، وهو ليس عبارة عن متحف فقط، بل مؤسسة كاملة، حيث يضم قاعات عرض الآثار، وكذلك سينما ومسرح وحدائق تراثية ومحال طعام، وأخرى لمحال تجارية عالمية، فالمتحف مؤسسة متكاملة ثقافية وتراثية وفنية، وهدية مصر للعالم، كما يطلق عليه الهرم الرابع، حيث يضاهي أحدث المتاحف العالمية ويتفوق عليها من حيث المساحة وعدد قطع الآثار المعروضة بداخله، حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية مصرية، إضافة إلى احتوائه على 19 معملا للترميم، وهي متخصصة جدًا، بعضها لترميم النسيج والبردي، وأخرى للمميوات والأحجار، وتعاملت هذه المعامل مع أكثر من 56 ألف قطعة أثرية تم نقلها من المتاحف والمخازن المختلفة، ما يؤهلها لأن تكون مركزًا للتدريب على مستوى الوطن العربي والعالم.
ماذا تستهدف مصر من هذا الصرح الكبير سواء على مستوى الزوار أو العوائد الاقتصادية؟
من المقرر أن يزور 15 ألف سائح يوميًا و5 ملايين سنويًا المتحف المصري الكبير، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الافتتاح التجريبي، على الرغم من عدم تمكن الزوار من الولوج إلى القاعات، وهو ما يمكن أن يزيد من الرواج لمنطقة الأهرامات، لا سيما وأن هناك ممشي سياحي ما بين المتحف والأهرامات، ومن خلال طرق العرض الحديثة التي سيستخدمها المتحف، والجمع ما بين القطع الأثرية والهيليوغرام والليزر والأفلام التسجيلية، من المتوقع جذب أعداد كبيرة من السائحين، حيث لن يكون المتحف تقليديًا كالمتاحف الأخرى، بل سيكون مميزًا، وسيعرض بصورة الفيلم لحياة المومياوات، إضافة إلى مزايا العرض واستخدام RQ للتعرف على كافة تفاصيل وحياة أصحاب هذه القطع الأثرية.
لماذا أثار فيلم كليوباترا الوثائقي لمنصة نتفليكس غضب الآثاريين والمسؤولين في مصر؟
من المعلوم أن كليوباترا التي حكمت مصر في حقبة من الزمن لم تكن مصرية، بل يونانية الأصل، وجدها بطليموس الأول كان أحد القادة المرافقين للإسكندر الأكبر، والذي أتى إلى مصر وأسس الدولة البطلمية، ومن بطليموس الأول وحتى الـ 15 هي أسرة مقدونية تزوجوا من بعضهم، للحفاظ على نقاء الجنس، فهي سيدة يونانية مقدونية، وليس لها أي أصول إفريقية، ولا يمكن تصويرها باللون الأسود.
نحن لا نعترض على الجنس أو اللون، لكن لكل جنس خلقه الله صفات جثمانية سواء في اللون أو التكوين، وجنس الملكة يوناني مقدوني، فكيف لهذه المرأة الجميلة التي أسرت قلوب أكبر قائدين في العالم، يوليوس قيصر ومارك أنطوني أن تكون سمراء؟، هذا الأمر يزور ويسود التاريخ المصري، خاصة أن الفيلم وثائقي وليس دراميًا.
ولماذا تعتقد أن منصة نتفليكس صورتها بهذا الشكل؟
المنصة تبث أفكارها الخاطئة منذ فترة، وهذه ليست الفيلم الأولى، بل سعت من قبل لفيلم درامي بطولة إسرائيلية، وبعد الهجوم عليها تراجعت عنه، وكذلك بثت فيلم بعنوان "أصحاب ولا أعز" وحاولت من خلاله تمرير أفكار خاطئة غير موجودة في المجتمعات العربية عن الشذوذ الجنسي وغيره من الأفكار السلبية.
في منطقتنا العربية الشعوب لا تقرأ كثيرًا، وتستمد أغلب معلوماتها من الدراما، وهذه المنصة بأفلاهما الخاطئة تؤثر على الفكر، لا سيما في جيل يستمد كامل معلوماته من السوشيال ميديا، نحن لا نعترض على اللون ولم نكن في يومًا عنصريين، بل نعترض على تزوير التاريخ.
أعلنت الشركة المتحدة عن إنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا لمواجهة فيلم نتفليكس هل تعتقد أن هذه الخطوة كافية؟
للأسف منصة نتفليكس حققت انتشارا واسعًا، ويشاهدها 2 مليار شخص حول العالم، ولو صدق 10% منهم فقط بأن كليوباترا سمراء لا يمكن إقناعهم بالعكس، هناك تماثيل لهذه الملكة في معظم بلدان العالم، وآثار ترمز للونها وشكلها وحياتها وعائلاتها معروفة لجميع الأثريين وكان يجب اللجوء إلى المتخصصين من قبل المنصة.
وزارة السياحة المصرية خرجت في مؤتمر صحفي وأوضحت كافة الحقائق، وأعلن بعض الأفراد رفع دعاوى قضائية ضد المنصة، لكن أعتقد أن هذه الخطوات غير كافية، ويجب أن تكثف الدولة المصرية من ضغوطها روفع شكوى قضائية باسم مصر، وتنظيم مؤتمر صحفي عالمي لكل الوكالات الدولية لتوضيح كافة الأمور، وانتظار الفيلم والنقاط التي عالجها والرد عليها الحجة بالحجة، أنا ضد منع الفيلم باعتباره في النهاية عملا فنيًا، ويجب الرد عليه بنفس الأسلوب، ومصر تملك الكثير من الآليات الفنية والقانونية للرد عليه الحجة بالحجة.
حدثنا عن الاكتشافات الأثرية الجديدة في مصر؟
الاكتشافات المصرية في مصر قائمة ومستمرة بشكل قوي، وهناك كشف أثري بشكل متتابع ودوري، كان آخرها الأسبوع الماضي حيث اكتشفت بعض البعثات تمثال للمعبود الهندي بوذا، وبعض الكتابات الهندية، وهو ما يوضح أن مصر كانت تجمعها علاقة تجارية بالهند، ولو بطريق غير مباشر عبر التجار والوسطاء، كما يؤكد أن مصر كانت منذ التاريخ تتقبل وجود الأديان الأخرى.
إضافة لهذا، اكتشف العلماء في عام 2020 جبانة الحيوانات المقدسة، والتي اعتبرت من أشهر 10 اكتشافات على مستوى العالم، واتم اكتشاف بعض المواد التي كانت تستعمل في التحنيط، وأثبتت الأبحاث التي أجريت عليها في ألمانيا أن هذه المواد كانت من وسط أفريقيا وجنوب شرق أسيا، وهو ما يؤكد أن التحنيط كانت مهنة وتجارة دولية لم تكن سهلة على الإطلاق، وهو ما قربنا بنسبة كبيرة لاكتشاف بعض المواد التي كانت تستخدم في التحنيط.
الاكتشافات في مصر لا تتوقف، لكن أهم ما يميزها في الوقت الراهن أن معظمها يتم على يد البعثات المصرية، بعد أن كانت البعثات الأجنبية تسيطر عليها بشكل كبير، وبات هناك بعثات مشتركة، هناك زخم دولي للكشف عن الآثار في مصر، وهناك عشرات البعثات الأجنبية، والتي تعلم جيدًا ألا يزال هناك آثار لم يتم اكتشافها بعد قد تكون أكثر ثراءً وإبهارًا من تلك التي تم كشفها.
كيف تقيم العلاقات المصرية الروسية في مجال السياحة والآثار؟
روسيا من الدول الداعمة لمصر على المستوى السياسي والاقتصادي والسياحي؛ فالسائح الروسي يعد ركيزة أساسية في السياحة المصرية، وفقدنا الكثير في فترة غيابهم، ومعروف أن العلاقات المصرية الروسية قوية وقديمة جدًا، والمواطن المصري بطبعه يفضل السائح الروسي، وغالب هذه السياحة مهتمة بالشواطئ المصرية.
وفي الفترة الأخيرة نشطت الدول التي كانت ضمن حدود روسيا في وقت سابق للاهتمام بالساحة المصرية، مثل كازاخستان وبعض الدول التي تهتم بعهد المماليك الذين حكموا مصر لمدة 700 سنة.
نتمنى زيادة التعاون مع روسيا في مجال الآثار، لا سيما بعد افتتاح المتحف الكبير، باعتبار أن السياحة الروسية مؤثرة جدًا، وفي ضوء تطور العلاقات ما بين القاهرة وموسكو، لا سيما بعد الدخول في منظمة البريكس، والروابط القوية التي تجمع الدولتين.
أجرى الحوار: وائل مجدي