وجاء في تقرير المجموعة الأمريكية للخدمات المالية للمستثمرين العالميين "سيتي جروب"، أن قرار التعويم ربما يتم تأجيل اتخاذها لشهر أو شهرين ما يعني أنها قد لا تتم خلال العام المالي الحالي والذي ينتهي 30 يونيو/ حزيران المقبل.
لماذا تقرر تأجيل تعويم الجنيه
وكان الخبراء يتوقعون إقدام مصر على خطوة جديدة بتخفيض سعر صرف عملتها المحلية مقابل الدولار ورفع سعر الفائدة، إلا أن بنك جولدمان ساكس كان قد أشار في تقرير له بشأن الأسباب التي قد تدفع الحكومة المصرية إلى عدم الاتجاه لتطبيق سعر صرف أكثر مرونة خلال الأسابيع الأخيرة يرجع إلى عدم جدوى المزيد من التخفيضات في حل الاختلالات الخارجية مع انخفاض قيمة الجنيه بالفعل، لافتا كذلك إلى أن الفائدة على المدى القريب المتمثلة في نمو الصادرات من انخفاض قيمة العملات الأجنبية أمر مشكوك فيه.
ولفت البنك إلى أن "عدم تخفيض الجنيه يرجع إلى خطر الدخول في دوامة التضخم وخفض العملة، إذ من المتوقع أن يفاقم حدوث المزيد من الضعف في أسعار الصرف الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل، وهو في حد ذاته أمر غير مرغوب فيه لصانعي السياسة المصريين".
وكذلك لم ترغب السلطات المالية في مصر إلى الانتقال لسعر صرف مرن لأن سعر الجنيه مقوم بأقل من قيمته بالفعل، بحسب البنك، حيث أدت التخفيضات المتعددة لقيمة العملة على مدار العام الماضي إلى ترك الجنيه المصري أقل بنسبة 25% تقريبا من "القيمة العادلة" على المدى الطويل على أساس فوري.
ويستبعد التقرير أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى أي تحرك لخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، قبل أن تحقق الحكومة تقدما ملحوظا في ملف بيع الأصول، حيث تستهدف مصر جمع ملياري دولار العام المالي الحالي ونحو 4.6 مليار دولار في العام المالي المقبل.
ومن جانبه، قال لويس كوستا رئيس استراتيجية وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "سيتي جروب"، إن خفض الجنيه بشكل حاد قبل نهاية السنة المالية قد يعرقل هدف الحكومة المتمثل في عجز الميزانية بنسبة 6.5% واستقرار ديون البلاد بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح كوستا، بأن البنك المركزي المصري سينتظر على الأرجح وصول عائدات السياحة بحوالي 14 مليار دولار، ودخولها في الاقتصاد قبل اتخاذ قرار بشأن الحاجة إلى إعادة تسعير أخرى للجنيه.
ماذا يعني تعويم العملة؟
مع كثرة استخدام كلمة "تعويم" خلال السنوات الماضية أصبحت الكلمة ذات مدلول سيء لدى رجل الشارع، رغم أن الكثير لا يعرف بالتحديد المقصود بمصطلح تعويم العملة، ويعرف الاقتصاديون تعويم سعر الصرف أو تعويم العملة بأنه التخلي عن تحديد سعر صرف عملة ما، وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية وفقا لنسبة العرض والطلب، ويصير محررا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديد سعره.
ونتاج هذا التعويم ينشأ سعر العملة تلقائيا بناء على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية.
وبسبب هذا التعويم يتغير سعر صرف العملة باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية، ما يجعلها تتغير أكثر من مرة على مدار اليوم الواحد، بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.
وبذلك فالبنوك المركزية لا تستهدف سعرا معينا لعملاتها المحلية عند اتباعها نهج التعويم المطلق، بل يكون سعر العملة شبيها بسعر الذهب الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.
هل هناك أنواع للتعويم؟
يوجد نوعان من أشكال تعويم العملة؛ الأول هو التعويم الخالص أو التعويم الحر، والذي يتيح الحرية التامة لتحديد سعر الصرف وفقًا لقوى السوق وآلية العرض والطلب، دون أي تدخل من الدولة سوى التأثير في سرعة تغير سعر الصرف. وتسعى بعض البلدان المتقدمة ذات النظام الرأسمالي الصناعي مثل الجنيه الإسترليني والفرنك السويسري والدولار الأمريكي إلى تطبيق هذا النهج.
أما النوع الثاني من تعويم العملة فيسمى التعويم الموجه أو المدار، ويسمح بتحديد سعر الصرف وفقًا لقوى السوق وآلية العرض والطلب، ولكن تتدخل الدولة عبر مصرفها المركزي في بعض الحالات لتوجيه سعر الصرف في اتجاهات محددة مثل الاستجابة لبعض المؤشرات التي تشمل معدل الفجوة بين العرض والطلب في سوق صرف العملات والتطورات التي تطرأ على أسواق سعر الصرف المماثلة والمستويات الآجلة والفورية لأسعار صرف العملات.
ويتبع هذا النهج الموجه لتعويم العملة في بعض البلدان ذات النظام الرأسمالي، فضلاً عن بعض البلدان النامية التي يرتبط سعر صرف عملتها بالجنيه الإسترليني أو الفرنك الفرنسي أو الدولار الأمريكي، أو حتى سلة من العملات.