ووقّع المغرب مُذكرة تفاهم مع المجموعة الصينية الأوروبية "غوشن هاي تك"، العاملة في قطاع التنقل الكهربائي، لإنشاء منظومة صناعية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة، باستثمارات تُقدر بنحو 65 مليار درهم مغربي (6.4 مليار دولار).
وفق خبراء، فإن استثمارات واعدة يسعى الجانب الصيني لضخها في المغرب خلال الفترة المقبلة.
ويتضمن الاستثمار الصيني إنشاء مجمع صناعي "غيغا فكتوري" بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 غيغاواط/ ساعة في العام، في مدينة الرباط، وهو ما يوفر نحو 25 ألف وظيفة بحسب بيان صادر عن الجانب المغربي.
بيانات رسمية
وفق وزارة الاستثمار المغربية، فإن "المغرب يسعى للعمل مع فاعل رئيسي في قطاع الطاقات المتجددة والنقل الكهربائي، والذي يعتبر المساهم المرجعي في مجموعة "فولكس واجن" الألمانية لصناعة السيارات".
وقبل فترة قليلة، قام المغرب بحملة ترويجية لتنشيط الاستثمارات الصينية، حيث قام الوزير المكلف بالاستثمار، محسن الجزولي، بحملة ترويجية في الصين في كل من شنغهاي وبكين، والتي نظمتها الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.
وتضمن البرنامج سلسلة من اللقاءات مع ممثلي الحكومة الصينية، وعدد من الاقتصاديين الرئيسيين.
اتفاقيات سابقة
وفي مطلع العام 2020، وقّع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، ونائب رئيس لجنة التنمية والإصلاح في جمهورية الصين الشعبية، نينغ جي تشه، اتفاقية تهدف إلى تعزيز الشراكة بين البلدين بشكل كبير، في إطار مبادرة "الحزام والطريق" المشتركة في بكين.
وفق بيان لوزارة الخارجية المغربية، جاء فيه أنه "في أعقاب هذه الاتفاقية ستشجع بكين الشركات الصينية الكبرى على الاستثمار في المغرب في مختلف القطاعات، بما فيها صناعة السيارات والطيران والزراعة والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية، وغيرها من المجالات"، فيما تسعى الصين لاقتحام قطاعات جديدة خلال الفترة المقبلة في المغرب.
وقال نينغ جي تشه حينها، إن قيمة الاستثمار المباشر للصين في المغرب بلغت 380 مليون دولار، وهو رقم لا يمثل حجم التطلعات الصينية في البلد الأفريقي، وفق الخبراء.
ضمن أبرز المناطق الجاذبة للاستثمار الصيني، هي "ميناء طنجة"، وهو أحد المواقع المهمة بالنسبة للاستثمارات الصينية التي تضاعفت عن السنوات الماضية.
مشروعات واستثمارات صينية
كما يعد مشروع "مدينة محمد السادس طنجة تيك"، أكبر استثمار لبكين، حيث جرى التوقيع في عام 2019، في العاصمة الصينية على مذكرة تفاهم لإنجاز وتطوير هذا المشروع الضخم.
وتبلغ القيمة التقديرية للمشروع نحو 10 مليارات دولار، والذي يوفر نحو 100 ألف فرصة عمل، ويستقطب نحو 200 شركة.
بداية، يقول الخبير الاقتصادي المغربي، بدر الزهار، إن المغرب كان من الدول االأولى التي عبرت عن رغبتها في الدخول في مشروع الحرير الصيني، واستوفت كل الشروط المطلوبة.
مشروعات مرتقبة
يوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن العديد من المشروعات الضخمة في طور التنفيذ بين المغرب والصين، في مقدمتها مدينة الصناعات التكنولوجية في طنجة، وكذلك التعاون في مجال الصناعات الدوائية والبنى التحتية.
ولفت إلى أن مجموعة الشركات الصينية قدمت عروضا من أجل الظفر باستكمال خط القطار الفائق السرعة بين الدار البيضاء ومراكش وأغادير.
من جهة أخرى، تسعى الرباط للانفتاح على بكين من أجل تصدير منتجاتها الفلاحية والفوسفات إلى أسواق الصين، فضلا عن استقطاب نسبة كبيرة من السياح الصينيين.
وفق المحلل، فإن الصين حاضرة بقوة في صناعة السيارات عبر مجموعة من الشركات العاملة في تصنيع قطع غيار السيارات.
مواقف واشنطن من الحضور الصيني
لا ترغب واشنطن والدول الأوروبية في حضور كل من الصين وروسيا عبر استثمارات أو صناعات مهمة، في الدول التي ترى أنها من حلفائها بالدرجة الأولى، غير أن الزاهر يرى أن الاستثمارات الصينية لا تزعج واشنطن ولا الغرب، خاصة في ظل حرص المغرب على توازن علاقاتها وتنويع الاستثمارات دون التأثير على القرار السياسي. مؤكدا المنافسة بين العديد من الدول على الاستثمارات في أفريقيا عبر البوابة المغربية.
يقول أوهادي سعيد، الخبير الاقتصادي المغربي، إن تنامي العلاقات بين البلدين ارتفع منذ زيارة العاهل المغربي للصين الشعبية سنة 2016، وتوقيع مذكرة تفاهم سنة 2017، حول مبادرة "الحزام والطريق" حول دولة في أفريقيا والمغرب العربي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مشروعات الصين متعددة في المغرب ومنها شركة مختصة بإنتاج قطع الغيار باستثمار إجمالي يفوق 600 مليون دولار، بالإضافة إلى مشروع بناء مدينة "طنجة تيك".
وفق الخبير، فإن "واشنطن والغرب وخاصة فرنسا، لن ينظروا إلى التقارب بين الرباط وبكين بعين الرضا، خاصة أن الاختيارات الاستراتيجية للمملكة ماضية في تقليل تبعيتها الاقتصادية لأوروبا".
مواقف سياسية
في وقت سابق، أكد المغرب مساندة الوحدة الترابية للصين في ظل الأزمة الأخيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية في شأن قضية تايوان (الصين).
ووقعت اتفاقيات بين الجانبنين في وقت سابق، تشمل قطاعات الزراعة والتكنولوجيا والاستثمارات المالية، كما تتضمن مجال السيارات، حيث تستثمر شركة "يانغتس" الصينية للسيارات نحو 100 مليون دولار في المنطقة الحرة في طنجة لإنتاج السيارات والحافلات الكهربائية.
وبلغت حصة الصين في إجمالي واردات المغرب، 10.4 في المئة خلال عام 2019، بعد أن كانت 7.5 في المئة في 2014.
ويعد المغرب أول بلد في أفريقيا ينضم إلى مبادرة "الحزام والطريق"، بعد التوقيع في عام 2017، على مذكرة تفاهم تمكّن المغرب من نسج شراكات في قطاعات مهمة كالبنية التحتية والصناعات المتطورة والتكنولوجيا.
كما منحت الصين المغرب صفة "الدولة المحورية" في إطار مبادرة "الحزام والطريق".