وأعرب البنك السويسري عن تشاؤمه حيال وضع الجنيه في مصر، متوقعا تراجعا قياسيا جديدا للجنيه المصري، في وقت سبق أن أكد ذلك، في شهر شباط/فبراير الماضي بعد أن كانت نظرة محايدة في كانون الأول/ديسمبر 2022، وفقا لموقع "اقتصاد الشرق".
وكان البنك الإنجليزي "ستاندرد تشارترد" قد توقع، الأسبوع الماضي، أن هناك قلقا لدى المستثمرين في مصر ووكالات التصنيف الائتمانية، خاصة وأن مصر في حاجة إلى سداد 25 مليار دولار سنويا على مدى السنوات الأربع المقبلة.
أسباب التشاؤم
وعزا تقرير البنك السويسري التوقعات المتشائمة بشأن الجنيه المصري إلى الجمود الذي أصاب الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، وتحديدا ما يتعلق منها ببرنامج الطروحات الحكومية وتطبيق سعر مرن للجنيه المصري، متوقعا حدوث تراجعات قياسية بالجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي.
وتوقع البنك الدولي انخفاضا في الجنيه قدره 30% مقارنة بالسعر الحالي، ليصل سعر صرف العملة المصرية إلى ما يناهز الـ 45 جنيه للدولار الواحد.
ولفت تقرير البنك إلى أنه كلما طال الوقت الذي تستغرقه الحكومة المصرية في تنفيذ خطوات الإصلاح التي طال انتظارها، كلما زادت شدة تسعير السوق لمخاطر تخفيض قيمة العملة، منوها إلى أن القيمة المعادلة للدولار تراجعت بسبب ارتفاع التضخم المحلي، وهي القيمة التي يتم قياسها بسعر الصرف الفعلي الحقيقي.
أزمة تاريخية
ويذكر أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد صرح في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، بأن "بلاده ستعبر الأزمة الاقتصادية الراهنة بأمان، مثلما تجاوزت الإرهاب من قبل"، قائلا في لقاء مع الجنود في شرق قناة السويس، بمناسبة ذكرى "انتصار العاشر من رمضان": "توجد أزمة اقتصادية كبيرة في العالم ولها تأثيرات علينا، وسنتجاوزها".
وأضاف السيسي: "لقد انتهى الإرهاب، وقريبا ستنتهي هذه الأزمة لتصبح تاريخا، حتى الدولار الأمريكي بفضل الله وبفضلكم سيكون تاريخا، لكن لا بد أن نعرق ونشقى".
كما شدد الرئيس المصري في لقائه مع الجنود، على أنه "لن يتم رفع سلاح في مصر إلا سلاح الدولة، ولن يُسمح لمخلوق بامتلاك السلاح غير الدولة".
وكان البنك المركزي المصري قرر، في الشهر نفسه، رفع سعر الفائدة بقيمة 200 نقطة أساس (2%) لعمليات الإيداع والإقراض.
مقارنة صعبة
وقال في بيان له، إن اللجنة خلال اجتماعها قررت رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.25 %، 19.25 % و18.75 % على الترتيب.
كما قررت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75%.
وعن أسباب هذا القرار، قال البنك إنه "على الصعيد العالمي، تراجعت حدة توقعات أسعار السلع العالمية وذلك بالمقارنة بالتوقعات التي عرضت على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق".
وفي سياق متصل، أفاد تقرير صادر عن بنك ستاندرد تشارترد، الشهر الماضي، بأن ثلث ديون مصر قائم بالعملات الأجنبية، وأي تحرك إضافي في سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري سيرفع نسبة الدين من إجمالي الناتج المحلي.
سوق موازية
ويشير التقرير إلى أن ارتفاع سعر الدولار إلى نحو 38 جنيها، كما يتداول في السوق الموازية، سيدفع الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لفوق 100% بحلول نهاية يونيو/ حزيران الجاري. وتبين بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، أن الديون الخارجية ارتفعت بنسبة 5.2% خلال الربع الأخير من العام الماضي، لتصل إلى 162.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي.
ويرى بنك "ستاندرد تشارترد" الإنجليزي في تقريره، أنه على "الرغم من أن الانضباط المالي الذي يبقي العجز تحت السيطرة فإن التحديات تتزايد أمام قدرة مصر على تحمل الديون"، ووصل عبء الدين إلى 91.6% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو/ حزيران 2022 (وفق تقديرات صندوق النقد الدولي)، بحسب تقرير البنك.
ارتفاع نسبة المديونية
وبحسب البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة المصرية للعام المالي الجديد، من المتوقع أن ترتفع نسبة مديونية أجهزة الموازنة مع نهاية الشهر الجاري إلى نحو 96% من الناتج المحلي.
وأدت عودة مصر إلى اتباع سعر صرف مرن بعد توقفه على مدار عامي 2020 و2021 إلى هبوط كبير للجنيه منذ مارس/ آذار من العام الماضي، ارتفع على إثره سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 96% وذلك من مستوى 15.76 جنيه في 20 مارس/ آذار 2022 إلى 30.50 جنيه في تعاملات البنوك الحالية، وفقا لبيانات البنك المركزي.