هل تسعى أوروبا لتحويل تونس إلى منطقة عازلة في وجه المهاجرين غير الشرعيين؟

تعيش تونس أزمة معقدة، مترتبة على الوضع الاقتصادي الصعب، تفاقمها موجات الهجرة غير الشرعية المتزايدة، في ظل مساعي الاتحاد الأوروبي لتحويلها لمنطقة عازلة.
Sputnik
وتشير البيانات إلى أن 24383 شخصا وصلوا إلى السواحل الإيطالية قادمين من تونس منذ مطلع العام حتى 2 مايو/ أيار الماضي، بمعدل 200 شخص يوميا وبزيادة تفوق نسبة 1000% مقارنة بـ 2201 مهاجر غير شرعي، في نفس الفترة من العام الماضي.
وبحسب البيانات الإيطالية، تراجعت ليبيا إلى المرتبة الثانية كطريق للهجرة غير النظامية إلى إيطاليا.
وفي زيارته الأخيرة إلى مدينة صفاقس (جنوب) قبل يومين، قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنه لا يمكن حل أزمة المهاجرين على حساب تونس، مؤكدا أن أي حل يجب أن يكون له دوافع إنسانية وأن يكون حلا قانونيا يشارك فيه الجميع.
وذكرت وكالة تونس أفريقيا للأنباء "ماب"، أن الزيارة تناولت أوضاع المهاجرين وبحث العديد من الأزمات التي تواجه المواطنين التونسيين فيها.
قيس سعيد: لا يمكن حل أزمة المهاجرين على حساب تونس
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أمس الأول (الأحد)، إن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم ‏حزمة من المساعدات المالية لتونس، تصل لأكثر من مليار دولار.‏
جاء ذلك خلال محادثات مع الرئيس سعيد، في تونس، مع فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، وفقا لوكالة "أنسا" الإيطالية.
وقدم الزعماء الأوروبيون الثلاثة خلال محادثاتهم، حزمة استثمارية كبيرة، ووعدوا ببذل جهود دبلوماسية لمساعدة تونس في الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لتمكينها من تخفيف أزمتها المالية الحادة، وتجنب مخاطر التخلف عن السداد.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن استعداده تقديم مساعدة مالية لتونس، منها 150 مليون يورو بشكل فوري لدعم الميزانية بمجرد "التوصل إلى الاتفاق المطلوب، و100 مليون يورو لإدارة الحدود ودعم عمليات البحث والإنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب والتركيز مرة أخرى على معالجة قضية الهجرة.
الاتحاد الأوروبي: مستعدون لمنح تونس حزمة مساعدات بنحو مليار دولار
عمليات إنقاذ
في مارس/ آذار الماضي، تمكن خفر السواحل التونسي من إحباط 25 عملية هجرة غير شرعية، وإنقاذ أكثر من 1000 مهاجر في ‏ليلة واحدة، قبالة السواحل الشرقية للبلاد.‏
في الإطار، قال الخبير الاستراتيجي التونسي منذر ثابت، إن الاتحاد الأوروبي يخطط لتحويل تونس إلى منطقة عازلة، أمام موجات الهجرة غير الشرعية.
قيس سعيد: تونس ترفض إملاءات صندوق النقد الدولي
صفقة أوروبية
وأضاف ثابت في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الصفقة التي تعرضها أوروبا تستثمر وتستغل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس في الوقت الراهن.
وأوضح أن "تونس في وضع لا يمكنها من هامش مناورة كبيرة للرد على مقترحات الجانب الأوروبي".
ولفت إلى أن نحو 90 مليون يورو قيمة القروض الميسرة والموجهة لقطاعات هامة، غير كافية، خاصة إذا تحولت تونس إلى منصة لاحتضان المهاجرين وإعادة توزيعهم وفق ما تطلبه دول الاتحاد الأوروبي، ووفق الحاجة التونسية.
ولفت إلى أن العرض غير مقنع، رغم أن نحو 250 مليون يورو مبلغ يمكن أن يجنب الدولة التونسية الانهيار.
وحذر ثابت من أن الانهيار في تونس يضر بالمنطقة ككل سواء في ليبيا أو الجزائر، وكذلك مصادر الغاز بالنسبة لأوروبا.
الاتحاد الأوروبي يحذر من انهيار تونس: الوضع خطير
خيارات تونس
ويرى أن تونس ليس أمامها أي خيارات سوى عقد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الخروج للأسواق المالية، بما يحول دون تفاقم الوضع الاقتصادي الحالي.
في الإطار، قال باسيل الترجمان الخبير الاستراتيجي، إن تونس لا يمكنها ربط المساعدات المالية بتوطين المهاجرين ـأو تحويلها إلى منطقة عازلة، كما صرح الرئيس قيس سعيد.
هل أخرج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي تونس من النفق المالي؟
الاتجار بالبشر
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المافيا والجماعات التي تسيطر على عمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر معلومة للجميع في بعض الدول الأفريقية.
واعتبر أن معالجة الملف تتطلب التعاون من الأطراف الدولية والمحلية أيضا لمعالجة الأزمة، إذ أنها لا يمكن معالجتها بتوطينهم في تونس أو أي دولة أخرى.
وشدد الترجمان على أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه ممارسة الضغوط على تونس، نظرا لأنها لا ترضخ لأي محاولات أو ضغوط في هذا الإطار.
يشار إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين صندوق النقد الدولي وتونس حتى الآن بشأن القرض، بسبب إحجام قيس سعيد عن الموافقة على الإصلاحات التي طلبها الصندوق.
مناقشة