لماذا رفض البرهان مبادرة "إيغاد" ورئاسة كينيا للجنة الوساطة لوقف الصراع في السودان؟

دخلت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شهرها الثالث في ظل عدم فاعلية الوساطات وقدرتها على وقف المعارك، ومؤخرا أعلنت المنظمة الحكومية الدولية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد"، عن خطوات لإنهاء الأزمة لكنها قوبلت بالرفض من الخرطوم اعتراضا على رئاسة كينيا للجنة الخاصة بالسودان.
Sputnik
هل فشلت كل الوساطات لحل الأزمة ومصير وساطة الإيغاد بعد رفض قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لمقترحات اللجنة التي تترأسها كينيا؟.. وإلى أي مدى تستمر البلاد على تلك الحالة؟
بداية، يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، إنه ليس بمقدور دول "إيغاد" (جيبوتي، السودان، جنوب السودان، الصومال، كينيا، أوغندا إثيوبيا، و إريتريا) إرسال قوات إلى السودان لحفظ الأمن ووقف القتال، الأمر يحتاج إلى جيش كامل، وتلك كانت السبب الرسمي لرفض مساعي المنظمة من جانب البرهان.
"إيغاد" تتفق على أولوية تحقيق اجتماع طرفي الصراع في السودان وجها لوجه... والخرطوم تعترض
رد رسمي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مبادرة "إيغاد" لوقف الحرب السودانية في مضمونها تحتوي على إرسال قوات من دول المنظمة، إلى العاصمة الخرطوم وخمسون كيلومتر حولها، هذا ما تقوله الحكومة في ردها على المبادرة، وتعتبر هذا الطرح نوعا من الاحتلال.
ويرى ميرغني، أن ما ورد في الرد الرسمي لحكومة الخرطوم على مبادرة "إيغاد" ليس صحيحا، نظرا لأن الإيغاد لم تطرح في الأساس فكرة بهذا الشكل، ومن الناحية العملية العاصمة الخرطوم و50 كم حولها كما ورد في الرد الرسمي للحكومة، هذه المساحة أكبر من دولة كينيا التي تعترض الخرطوم على رئاستها للجنة الإيغاد.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن تلك المساحة التي تتحدث عنها الحكومة، تتطلب جيشا مجهزا وربما يتجاوز الجيش السوداني الحالي في العدد والعتاد، وفي ظل الأوضاع الحالية التي يعيشها العالم ليس بمقدور أي جهة استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لمثل هذا الأمر ولا حتى من مجلس الأمن والسلم الأفريقي، نظرا للتكلفة العالية لتلك القوات.
سياسي سوداني لـ"سبوتنيك": مبادرة "إيغاد" لوقف الحرب قد تلقى مصير المساعي الدولية السابقة
مبادرة "إيغاد"
وقال ميرغني: "في تقديري أن ما ذكرته الحكومة السودانية من حيثيات رفض مبادرة إيغاد لا يبدو منطقيا لرفض المبادرة، وفي الأصل ليس هناك مبادرة من المنظمة، ما تم هو حديث الإيغاد عن لقاء ثنائي على مستوى القيادتين (الجيش والدعم السريع)، ما وضعته هو تمهيد أو خارطة طريق، بأن يلتقي الطرفان وإذا تم الاتفاق بينهما تفتح العملية السياسية التي يمكن للأطراف المدنية أن تشارك بها".
كينيا والدعم السريع
وحول ما يتعلق برئاسة كينيا للجنة ورفض الخرطوم لذلك، يقول المحلل السياسي: "هذا يرجع إلى العلاقة الوثيقة بين رئيس كينيا وقوات الدعم السريع التي مولت حملته الانتخابية، لذا هناك علاقة قوية جدا ووطيدة بين الطرفين، وفي الاجتماع الأخير في القمة الرابعة عشر للإيغاد في جيبوتي، حضر الرئيس الكيني ومعه مستشار الدعم السريع في نفس الطائرة ويحمل جواز سفر كيني، هذا ما جعل كينيا غير محايدة في نظر الحكومة السودانية".
وعن تأثير التدخلات الخارجية على الأزمة في السودان، يرى ميرغني أن "الحديث عن التدخلات الخارجية بتلك الصورة التي يجري الترويج لها أعتقد أنه مبالغ فيه، لأن ما يجري داخل السودان الآن تتحكم فيه إرادة داخلية من الطرفين، وأعتقد أن العلة فيما يجري الآن هو التعويل على الحل العسكري، الأمر الذي أوجد نوعا من التعامل مع التدخلات والوساطات الخارجية بمبدأ كسب الوقت لكي يربح أحد الطرفين المعركة".
قوات الدعم السريع تتهم مخابرات الجيش السوداني بإشعال الفتنة وتسليح قبائل دارفور... فيديو
مفاوضات جدة
وأشار ميرغني، إلى أن الوساطة السعودية لم تفشل، بل تعد الوساطة الأنجح المتاحة حتى الآن، فقد قامت بإنجاز إعلان المبادىء والتوافق عليه في جدة، رغم عدم الالتزام به من الطرفين، هذا بالإضافة إلى الهدن الثلاث، لكن يبدو أن هناك حاجة لتغيير منهج الوساطة والتي بدأت بتيسيير أو تمهيد الطريق والذي يجب أن يتحول الآن إلى مبادرة أو حل يقدم إلى الطرفين، لكن السعودية وأمريكا اقترحت أن تشارك أطراف أخرى في تلك المبادرة وبالتحديد مصر والإمارات وجنوب السودان والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، هم أضافوا شركاء آخرين للمزيد من الضغط على أطراف الصراع.
المنتصر خاسر
من جانبه، يقول السياسي السوداني، جعفر محمدين، إن تلك الحرب الدائرة في البلاد، المنتصر فيها خاسر، ويجب على كل الأطراف الجلوس على طاولة الحوار ووضع مصالح الشعب السوداني في المقدمة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "تداعيات الحرب في السودان لن تقتصر على الخرطوم فقط، بل ستمتد مع مرور الوقت إلى مناطق أخرى، ونشاهد اليوم ما يحدث في دارفور وغيرها، كما أن تأثيرها سوف يمتد خارج الحدود ويلحق بدول الجوار والعالم، فقد رأينا أعداد النازحين واللاجئين في دول الجوار، الأزمة لن تطال السودان فقط، لذا يجب تكاتف الجهود لإيجاد حل ووقف الحرب".
وحول مبادرة "إيغاد" ورفض الخرطوم لها، يقول محمدين: "هناك تحفظات على رئاسة كينيا لدول إيغاد من جانب الخرطوم وبشكل خاص من جانب الفريق البرهان، رغم أن الإيغاد بالتعاون مع عدد من الدول والمنظمات الدولية كانوا حريصين جدا خلال مشاركتهم في إعداد الاتفاق الإطاري، لكن البرهان لديه تحفظات على دور الرئيس الكيني في الوساطة ويرى أنه لن يكون محايدا نظرا لعلاقته بالدعم السريع".
وأعلنت الحكومة السودانية، الأسبوع الماضي، رفضها لرئاسة كينيا للجنة مبادرة المنظمة الحكومية للتنمية "إيغاد"، والخاصة بالتوصل لتسوية للأزمة الراهنة في السودان.
كينيا: لقاء بين البرهان وحميدتي خلال أيام واتفاق قريب لإنهاء القتال في السودان
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان، إن "حكومة جمهورية السودان تعلن رفضها لرئاسة كينيا للجنة إيغاد الخاصة بمعالجة الأزمة الراهنة في السودان، والتي تمخضت عن قمة رؤساء دول إيغاد التي انعقدت أخيرًا في جيبوتي".
وأضاف البيان أن "تصريحات كبار المسؤولين الكينيين وسلوك حكومتها تؤكد أنها تتبنى مواقف ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وتأوي عناصرها وتقدم لهم مختلف أنواع الدعم".
وطالبت الحكومة السودانية بضرورة استمرار الرئيس سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان، في رئاسة اللجنة الرباعية، حسب البيان.
وكان الرئيس الكيني، وليام روتو، قد أعلن قبلها، عن "مبادرة هيئة إيغاد بشأن الأزمة السودانية، تتضمن لقاء بين رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقادة جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي".
وأوضح روتو أن "مبادرة هيئة إيغاد تشمل بحث فتح ممرات إنسانية مع طرفي النزاع في السودان خلال أسبوعين".
الخرطوم تعلن رفضها لرئاسة كينيا للجنة "إيغاد" المعنية بمعالجة الأزمة السودانية
كما أكد الرئيس الكيني أن "إيغاد ستشرع خلال 3 أسابيع في إدارة حوار وطني بين قوى مدنية سودانية لبحث نهاية الأزمة الحالية".
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ملس آلم، الخميس الماضي، أن قادة اللجنة الرباعية سيجتمعون في أديس أبابا في غضون 10 أيام، لبحث كيفية وقف الصراع الدائر في السودان.
وتضم اللجنة الرباعية في عضويتها كل من إثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان وكينيا.
وتدور منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين، في حين لا يوجد إحصاء رسمي عن ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.
مناقشة