ما الذي يحدث جنوبي اليمن وهل تشكيل الأحلاف الجديدة يمثل تمهيدًا لسلام مقبل أم لتحجيم تحركات المجلس الانتقالي ومنع سيطرته الكاملة على كامل الجنوب وتحقيق أهدافه بالاستقلال بالجنوب عن الشمال؟
بداية يقول د.محمد عبد الهادي، عضو فريق الحوار الوطني الجنوبي، إن غالبية المكونات السياسية الجنوبية "وقعت على الميثاق الوطني الجنوبي، لكن ما حدث مؤخرا من ظهور بعض المكونات الجديدة بمسمى المجالس والتحالفات لم تكن لها أي مقدمات ولم نسمع عنها إلا وقت الإعلان عنها تهدف إلى إرباك المشهد الجنوبي".
دولة فيدرالية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الإعلان عن مجلس حضرموت الوطني تم في المملكة العربية السعودية، ولم يعلن عن خططه أو يستكمل وثائقه حتى الآن.
وقال عبد الهادي: "هناك حالة من لم الشمل الجنوبي خلال الفترة الماضية تمثلت في الميثاق الوطني والحوار الجنوبي واللقاء التشاوري الأخير الذي ترك الباب مفتوحا أمام المكونات التي لم توقع ولم تشارك، بما يعني أن هناك منصات جنوبية اختيارية لم تغلق أبوابها أمام أحد".
وتابع عضو فريق الحوار الوطني: "لم يكن مجلس حضرموت هو الوحيد فقد تم الإعلان عن تحالف قبائل شبوة، وقبل عامين كان هناك مجلس عدن الوطني ولكنه توقف واعتذر قادته عن المشاركة في الحوار مبررين ذلك بأن مجالسهم خدمية".
وأشار عبد الهادي "إلى أن هناك مكونات قائمة في حضرموت، لماذا لم يتم تعزيز تلك المكونات بدلا من إنشاء مكونات جديدة، علما بأن من أهم النقاط التي خرج بها اللقاء التشاوري لبناء دولة الجنوب، أنه أكد على أن شكل الدولة القادم في الجنوب سيكون فيدرالي، بأن تحكم كل محافظة نفسها بنفسها".
تجارب سابقة
من جانبه يقول أوسان بن سدة، السياسي الجنوبي في اليمن، أن الجنوب "له باع طويل في التعامل مع الأطراف الشمالية قبل الحرب بسنوات، وندرك جيدا أساليب المراوغة والتنصل عن الاتفاقيات والمعاهدات التي يقومون بها، الأمر الذي جعلنا اليوم منتبهين لأي التفاف على مطالبنا و قضيتنا الجنوبية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "عندما تم الإعلان عن المجلس الرئاسي اليمني في الرياض، كان الرهان على أن نجاح هذا المجلس يعتمد على ما سوف يقدمه على الأرض، فيما يتعلق بالحياة اليومية والأزمات المعيشية والوضع الاقتصادي المتردي الذي انتجه نظام الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر، هذا بجانب حسم الموقف مع جماعة الحوثي عسكريا أو بطاولة التفاوض وتجنب الوقوع في أخطاء من سبقوه".
وقال بن سدة: "ما حدث وكعادة القوى اليمنية السابقة، تركوا أمر الشمال في قبضة الحوثيين وذهبوا لاختلاق أزمات جديدة تضاف إلى الأزمات المتفاقمة السابقة، والتفرد بالقرار وفرض مشروعهم السياسي، متناسين أن من أسس بنية المجلس هو التوافق وتأجيل المشاريع السياسية لحين الإنتهاء من العملية الانتقالية ومساراتها".
المجلس الرئاسي
واستطرد: "حينما أدرك شركاؤنا في مجلس القيادة أن الواقع على الأرض الذي تستمد منه العملية السياسية مرجعيتها ومعاييرها بموجب اتفاقيات وقعت في هذا الجانب برعاية إقليمية ودولية، ليس في صالحهم وفق المساحة المحررة من الشمال وأنهم سيفقدون النسبة الكبيرة من التحكم بالقرار السياسي والهيكل الوظيفي والموارد، طلبوا فرصة أخيرة من إدارة الملف اليمني بالرياض للتحرك على الأرض وتغيير المعادلة التي كسبها المجلس الانتقالي الجنوبي على الطاولة والأرض على حد سواء".
ومضى بقوله: "استدعوا عناصرهم في الأحزاب اليمنية وبعض المنتفعين من التواجد الشمالي طيلة ثلاثة عقود في الجنوب، لتتسلق على قضايا مجتمعية في محافظات جنوبية وتشكل مجالس أهلية و أحلاف قبلية، بظنهم أنها ستنتزع التمثيل من الحامل السياسي الجنوبي وتقلب الطاولة عليه، وستضاف حصة تلك المحافظات لحصة الطرف الشمالي (الممثل بالشرعية حاليا)".
ولفت بن سدة إلى "أن الوعي الشعبي الذي شاهدناه في حضرموت وباقي محافظاتنا، وتمسكهم بالمشروع السياسي الجنوبي أكبر من أي تمرد علي ألاعيب الأحزاب اليمنية، الأمر الذي أكد على أن تلك المكونات بلا قاعدة أو حاضنة شعبية، ولا تعدوا كونها جزء من مكايدات الطرف الشمالي وإن حظيت ببعض الرعاية من إدارة الملف اليمني بالرياض، فهي ستفقده حياديته وثقة الشارع الجنوبي به كوسيط يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف في توليفة مجلس القيادة الرئاسي".
أعلنت مكونات وشخصيات سياسية واجتماعية بارزة في محافظة حضرموت، أكبر المحافظات اليمنية شرقي البلاد، عن تأسيس مجلس سياسي في نهاية مشاورات تم عقدها في المملكة العربية السعودية في النصف الثاني من يونيو/حزيران الماضي، ومؤخرا تم الإعلان عن تشكيل تحالف جديد في محافظة شبوة وينتظر الإعلان عن تحالفات أخرى خلال الفترة القادمة بحسب وسائل إعلام جنوبية.
ووقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق مصالحة بوساطة سعودية بعد الأحداث الدامية بين الجانبين في أغسطس/ آب 2019، التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح وغادرت على إثرها الحكومة اليمنية العاصمة المؤقتة عدن.
وجرى التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني حينها عبد ربه منصور هادي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، ومثل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثل المجلس الانتقالي ناصر الخبجي.
ويستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة.