في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا، إن ما يقرب من 20 دولة قدمت طلبات رسمية للانضمام إلى الكتلة، بينما أكدت أكثر من 30 دولة حضورها في القمة المقبلة، ومن بين المتقدمين لعضوية "بريكس" 6 دول أفريقية، هي الجزائر ومصر وإثيوبيا والمغرب ونيجيريا والسنغال.
وحول إمكانية انضمام المغرب لــ"بريكس"، أضافت إباكريم في حديثها مع "سبوتنيك"، أن مصلحة المغرب تقتضي الانضمام لمجموعة "بريكس"، إذ تتيح الخطوة العديد من الفرص لتطوير مبادلاته التجارية مع الأعضاء الرئيسيين للمجموعة.
فرص استفادة المغرب
وترى البرلمانية المغربية أن المستوى الحالي للمجموعة" يسمح بهامش كبير لتحقيق نمو معتبر في المبادلات في الاتجاهين وفي مختلف المجالات الاقتصادية سياحة، فلاحة، صيد بحري، تجارة، صناعة، خدمات، نقل ولوجيستيك، وكذلك عن نقل التكنولوجيا".
ولفتت إلى أن أعضاء مجموعة البريكس يجدون في المغرب عضوا مفيدا بالنسبة للمجموعة، بحكم عدة اعتبارات، في مقدمتها الاستقرار السياسي للبلاد، ومواقفه التاريخية الشاهدة على استقلالية قراراته الاقتصادية والسياسية.
كذلك فيما يتصل موقعه الجغرافي الذي يؤهله ليكون بمثابة منصة مبادلات بين أفريقيا وأوروبا وأمريكا.
وتابعت أن المغرب "عمل على تكريس موقعها الجغرافي من خلال تجهيز واجهتيه البحرية على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، إلى غاية حدوده مع جارته الجنوبية موريتانيا، بمركبات مينائية من الجيل الجديد، مرتبطة بمناطق صناعية وفضاءات لوجيستيكية منفتحة على الأنشطة الاقتصادية العالمية".
ولفتت إلى أن اعتبارات أخرى تجعل مجموعة بريكس تتعامل بمنطق رابح/رابح مع المغرب، تتمثل فيما حققه خلال العهد الجديد من مؤسسات اقتصادية فرضت تواجدها داخل القارة الأفريقية.
ردود فعل الغرب
ينظر الغرب للخطوة المغربية بعين الترقب والحذر، ويتوقع ردود فعل غير إيجابية تجاه المغرب، حال الإقدام على الانضمام لبريكس، وهنا ترى البرلمانية المغربية، أنه "لا بد من حدوث بعض الرجات بحثا عن وضع جديد، أكثر استقرارا وأكثر توازنا، خاصة أن المغرب تربطه علاقات استراتيجية اقتصادية، سياسية وأمنية مع الاتحاد الأوروبي ومع التكتلات الاقتصادية التقليدية والناشئة بداخله".
وأضافت "كما تربطه علاقات مماثلة مع كل المملكة المتحدة ومع الولايات المتحدة وكندا، وهي علاقات استراتيجية متعددة الأبعاد أبانت على أن المملكة المغربية شريك لا يمكن التفريط فيه، كما لا يمكن التعامل معه بمنطق لي الذراع، وهو الذي أبان عن مواقفه الثابتة والمستقلة في عدة محطات تاريخية حاسمة عرفها التاريخ الحديث".
ومضت بقولها: "من هنا تتم عملية تسريع انخراط المملكة المغربية في مجموعة "بريكس"، وفي نفس الوقت الحد من تأثير ردود الفعل الاقتصادية المحتملة للمناوئين لهذه العملية".
وترى أن الانخراط يجب أن يكون مقرونا بسلة من المعاهدات واتفاقيات التعاون بين أعضاء المجموعة والمملكة المغربية، بهدف مضاعفة استثماراتها بالمغرب، والرفع كذلك من المبادلات التجارية الثنائية أو المتعددة الأطراف، وتشجيع مواطني هذه الدول على الوجهة المغربية كوجهة سياحية".
محطات تاريخية
وذكرت البرلمانية بقولها إن "غداة استقلال البلاد عن الحماية الفرنسية، تولت أول حكومة من الحركة الوطنية تسيير شؤون البلاد برئاسة عبد الله ابراهيم الذي اتخذ عبد الرحيم بوعبيد نائبا للوزير الأول ووزيرا للاقتصاد والمالية".
وتابعت: "هذه الحكومة التي قررت إحداث بنك المغرب كمؤسسة وطنية مستقلة عن القوى الأجنبية، ثم أصدرت عملة مغربية تحت اسم الدرهم المغربي، أصبح العملة الرسمية للمغرب بعد الاستقلال، وبذلك قررت فك الارتباط والخروج من منطقة الفرنك الفرنسي".
وفق البرلمانية كان للقرار تداعيات تمثلت في تضييق مالي وهروب للرأس مال، التي وصلت إلى 40 مليار فرنك حينها، وتدابير انتقامية، ما أفضى إلى أزمة حادة بين المملكة وفرنسا.
أقدمت الحكومة الفرنسية وقتها على توقيف كل المساعدات والقروض والدعم وتعاون البنوك الفرنسية، في الوقت نفسه، كما جرى وقف الحسابات المغربية، بينما كانت المالية العمومية في وضعية كارثية.
واجهت حكومة عبد الله إبراهيم الخطوات الفرنسية حينها بمجموعة من الإجراءات والتدابير، تتعلق بمجال الصرف، كما لجأت الحكومة إلى إنجاز تعاملاتها بعملات البلدان الشريكة في المبادلات التجارية.
بالموازاة مع ذلك، انخرط عبد الرحيم بوعبيد، نائب رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية آنذاك، في مفاوضات من أجل استعادة بنك الدولة، الذي كان بنك فرنسا باريس والأراضي المنخفضة يملك أغلبية أسهمه، واستمرت المفاوضات حتى يونيو/حزيران 1959، وهو التاريخ الذي شهد إحداث بنك المغرب.
سياسة نقدية مستقلة
ومضت بقولها "بفضل القرارين تمكن المغرب من اكتساب سياسة نقدية مستقلة تتسم بالمرونة والتكيف مع مستجدات الاقتصاد العالمي".
وحسب ما جاء في الورقة التقنية رقم 2 الصادرة عن بنك المغرب بخصوص " إصلاح نظام الصرف، بعد إحداث الدرهم الذي حل محل الفرنك في 16 أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 1959، (ثلاث سنوات بعد استقلال المغرب)، مع سعر صرف قدره 100 فرنك مقابل درهم واحد، وإلى غاية سنة 1973 كانت قيمة الدرهم ترتبط بقيمة الفرنك الفرنسي نظرا لهيمنة المبادلات التجارية مع فرنسا".
واستطردت: "ابتداء من التاريخ 1973، أدت التغييرات على مستوى الأنظمة النقدية الدولية، لا سيما التخلي عن الدولار كعملة مرجعية، إلى تغيير نظام الصرف باعتماد نظام تحديد قيمة الدرهم بناء على سلة عملات مكونة من عملات شركاء المغرب التجاريين الرئيسيين".
وفق البرلمانية المغربية، فإنه في 13 أبريل/ نيسان 2015، راجعت السلطات أوزان العملات المكونة للسلة من %80 إلى %60 بالنسبة لليورو ومن %20 إلى %40 بالنسبة للدولار.
تحولات تاريخية
وتابعت: "على مستوى العلاقات الاقتصادية للمملكة مع باقي دول العالم نجد أن المغرب خلال العهد الجديد، عهد الملك محمد السادس، سجل تحولا عميقا في دينامية المبادلات الخارجية للمملكة، والتي تميزت بالتنوع من خلال الانفتاح على كل الأقطاب الاقتصادية العالمية (أوروبا لولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، الهند، البرازيل)".
لم تقتصر عملية تنويع الشراكات على الجانب الأوروبي والأسيوي، إذ تشير البرلمانية إلى أنها تميزت أيضا بتعزيز تواجد الشركات المغربية الكبرى بالعديد من الدول الافريقية ومنها (اتصالات المغرب، المكتب الشريف للفوسفاط، الخطوط الملكية المغربية للطيران، المكتب الوطني للكهرباء)، ومؤسسات أخرى.
وفق التقرير السنوي لبنك المغرب عن سنة 2022، تبين المبادلات التجارية للمغرب مع شركائه الرئيسيين، أن دول الاتحاد الاوروبي تحظى بالصدارة مع تسجيل تحولات لفائدة إسبانيا على حساب فرنسا، وسجل توازنا في مبادلات المغرب مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والهند، مع تسجيل بعض التقدم على حساب الولايات المتحدة.
وأعلنت مجموعة "بريكس" في العام الماضي 2022، عزمها زيادة عدد الدول الأعضاء بهدف جعل المجموعة أكثر شمولا، وأعربت 19 دولة على الأقل عن رغبتها في الانضمام إلى الكتلة الاقتصادية، بما في ذلك الأرجنتين وإيران والجزائر وتونس وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر.