ويرى مراقبون أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في "خور عبد الله" بين العراق والكويت، قد يكون له تداعيات سلبية ربما يستطيع الجانبان التغلب عليها من خلال الحوار، لكنهم أشاروا إلى وجود مخاوف من تدخلات خارجية يمكن أن تضغط في اتجاه التصعيد.
ترسيم الحدود
أكد قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات، أن قضية "خور عبد الله"، وقضية ترسيم الحدود مع الكويت هي قضية حساسة للغاية.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن القرارات الأممية في شأن ترسيم الحدود بين الدولتين هي سابقة خطيرة، والمجتمع الدولي أقر في سوابق كثيرة بأن عملية ترسيم الحدود وإقرارها بين دولتين ليست من مهام مجلس الأمن، بل هى مسألة تخص المحكمة الدولية.
وأشار الخفاجي إلى أنه "لم تكن بين العراق والكويت خلافات حدودية أبدا، وبالتالي فالقضية سياسية بحتة، والنظام السابق قبل العام 2003 لم يوقع على أي اتفاقية وبقيت الأمور معلقة، نظرا لانحياز اللجنة الدولية لصالح أمريكا والكويت، وحتى رئيس اللجنة من شرق آسيا تقدم باستقالته لاستشعاره بانحياز اللجنة".
خلل كبير
وأوضح نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي، أن "الحكومة التي وقعت على الاتفاقية جاءت مع دبابات الاحتلال، وهذا التوقيع الذي جرى كان مقابل مواقف معينة أو مقابل إغراءات مالية وفقا للأخبار التي كان يتم تسريبها في ذلك، إذ أن هناك خللا كبيرا في هذا الموضوع".
وأضاف: "المضي بالاتفاقية يعني إبقاء حالة دائمة من القلق وعدم الاستقرار في المنطقة من قبل العراق، الذي يستشعر أن أرضه ومياهه قد نهبت بأمور غير قانونية".
تداعيات سلبية
ولفت الخفاجي إلى أن "النظام العراقي قد تغير بعد عام 2003، ولم يعد يشكل خطرا على الإرادة الأمريكية في المنطقة، وأعتقد أن قرار المحكمة الاتحادية سوف يثير ضجة لفترة زمنية، ولكن الجهات المعنية جميعا ستدرك أن الأمور قد تغيرت ولم تعد تساق كما كانت تساق قبل 2003، أي لم يعد الأمر كله لصالح الكويت على حساب العراق".
واختتم نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي، بقوله: "هناك بعض التداعيات السلبية التي يمكن أن تنعكس على المشهد في الوقت القصير، لكن سوف يتم تداولها واحتواؤها مع مرور الزمن، وأنا أعتقد أنه قرار صائب".
من جانبها، تقول المديرة التنفيذية لمركز بابل للدراسات المستقبلية في العراق، ألاء العزاوي: "حكم المحكمة الاتحادية بعدم دستورية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في "خور عبد الله" هو قرار صائب، وللمرة الأولى تتخذ المحكمة خطوة لصالح العراق".
وأضافت، في حديثها لـ"سبوتنيك": "وفقا لتلك الاتفاقية سوف يفقد العراق إطلالته البحرية على الخليج العربي، والتصويت على الاتفاقية لم يتفق مع بنود الدستور، الذي يتطلب نسب تصويت تعادل الثلثين، وفي الحقيقة كل ما بني على باطل فهو باطل"، مشيرا إلى أن "العراق بقراره هذا قد قرر الانسحاب ضمنيا من ترسيم الحدود مع الكويت التي لم ترسم منذ قيام الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي".
قنوات حوار
وأشارت العزاوي إلى أنه "من الطبيعي أن تكون هناك تداعيات لقرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية الاتفاقية، وأن هذا الحكم من وجهة نظري سوف يخلق حالة من التوتر مع الكويت، وهذه الحالة مستمرة بين صعود وهبوط منذ تسعينات القرن الماضي وإلى الآن".
وقالت المديرة التنفيذية لمركز بابل: "أعتقد أن الحكومة العراقية ستلجأ إلى فتح قنوات حوار دبلوماسية مع الجارة الشقيقة لأجل إعادة ترتيب الأوراق، إذا لم يحدث تدخل خارجي يضغط على الكويت لأجل خلق حالة عدم ارتياح وشد وجذب مع الحكومة العراقية".
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس الاثنين، قرارا بعدم دستورية اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين العراق والكويت.
وذكر بيان المحكمة أن "المحكمة الاتحادية العليا قررت في جلستها المنعقدة في الـ 4 من سبتمبر/ أيلول الجاري، الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله رقم (42) لسنة 2013".
وأضاف أن "المحكمة أصدرت قرارها لمخالفة أحكام المادة (61 / رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على (تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسّن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب)".
واتفاقية "خور عبد الله" أو اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في "خور عبد الله"، هي اتفاقية دولية حدودية بين العراق والكويت تمت المصادقة عليها في بغداد، في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، تنفيذا للقرار رقم 388 الذي أصدره مجلس الأمن بعد عدة قرارات تلت الغزو العراقي للكويت عام 1990، واستكمالا لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين.