أمهات وآباء وأشقاء فقدوا صغارهم الذين لم يتحملوا انهيار المنازل فوق رؤوسهم، فباغتهم الموت بشكل أسرع، لكنهم تركوا بعضًا من رائحتهم وذكرياتهم وآمالهم.
كتبهم وأحذيتهم، ملابسهم وبعض كلماتهم على الورق، هذا كل ما تبقى من رائحة الأطفال الذين فارقوا الحياة وتركوا بعض أمتعتهم شاهدة عليهم، حين باغتهم الزلزال دون إنذار في إقليم الحوز جهة مراكش في المغرب.
كتاب لأحدهم ظل على حاله مفتوحا بين الركام وكانت الصفحة المدوّن عليها تتضمن عبارة "جسم شفاف، جسم شبه شفاف، جسم معتم"، عبارة تحمل دلالة ربما تشبه الحال الذي بقيت عليه المنطقة.
في منطقة "ثلاث يعقوب" الواقعة في إقليم الحوز- جهة مراكش، جلست الأم هند آيت، تبكي ولدها صاحب الثلاثة أعوام، الذي كان يشاهد التلفاز إلى جوارها، وبين لحظة وأخرى اختفى تحت الأنقاض، بعد أن انهار المنزل فوق رؤوسهم.
تقول هند لـ"سبوتنيك"، إن طفلها كان يشاهد التلفاز ويلهو بجوار جدته، لكنه لم يستطع الهرب، وجدته بعد ساعات طويلة من رفع الأنقاض إلى جوار جدته التي كانت ممدة على وجهها تحت الأنقاض وفارقت الحياة هي الأخرى.
وتتابع الأم أن كل ما تبقى من رائحته هو بعض أحذيته وألعابه البسيطة، كما حدث مع كل الأطفال في المنازل المجاورة.
فيما يقول، الحسن بودي، إن العائلة كاملة فارقت الحياة، بينما نجا هو مصادفة، إذ كان قريبا من باب المنزل.
ويتابع، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن أحد الأبناء أمسك بيده حين هم بالهرب، لكن سقف المنزل أبى أن يلحق به نجله للخارج، فانهار فوق جسده وظلت يده ممسكة بيد والده الذي لم يستطع إنقاذه.
ويؤكد الأب أن المشهد لم يفارق ذهنه، فلم يستطع إنقاذه ولده، بينما ظل ممسكا بيده، وفارق الحياة قبل أن يرفع والده عنه الأنقاض.
وحسب تأكيد الأهالي في المنطقة، فإن العشرات من الأطفال فارقوا الحياة، إثر انهيار المنازل بشكل كامل.
مشاهد مروعة يسردها الآباء والأمهات الذين نجوا، يشعرون بالعجز الذي يمكن أن يلازمهم ما بقوا إثر شعورهم بأنهم لم يتمكنوا من إنقاذ أطفالهم.
وذكرت السلطات المغربية، أمس الثلاثاء، أن حصيلة ضحايا الزلزال الذي هز البلاد، يوم الجمعة الماضي، تجاوزت 2900 قتيل، إضافة إلى نحو 5530 مصابا.