ومن بين تلك العادات وخاصة لدى الشعب المصري، شراء "حلاوة المولد" و"العروسة والحصان"، وهما من أشهر التقاليد الإسلامية، التي تتوارث، وربما لا تتكرر في أي بلد عربي أو إسلامي آخر، في ذكرى المولد النبوي.
ورغم ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق المصرية، فإن موسم "المولد النبوي" يأتي، هذا العام، في حالة ووضع اقتصاديين أكبر من ذي قبل، لكن تظل منطقة "باب البحر" في وسط العاصمة المصرية القاهرة، مقصدا للعائلات والأسر المصرية، وخاصة لدى التجار بهدف شراء حلوى "المولد النبوي" وبأسعار الجملة، وتعني أقل سعرا عن غيرها من أماكن البيع المختلفة داخل القطر المصري.
وقامت كاميرا ومراسل "سبوتنيك"، بجولة في شارع باب البحر لتستطلع آراء التجار والأسر المصرية، حول موسم المولد النبوي، لهذا العام.
مهن قديم
والبداية كانت مع علي العربي، مالك مصنع لإنتاج "عروسة المولد"، والذي أكد أن "مهنة صناعة "حلوة المولد" لا يوجد بها حرفيين أو مهنيين جدد، بل تعتمد على حرفيين أو "صنايعية" قدامى، فهي مهنة توارثها أبا عن جد".
وأضاف علي أن جده أسس مصنعا لحلوى المولد في منطقة باب البحر، وكذلك أعمامه وبعض أقاربه، فيما أشار إلى أن عائلته يعود أصلها لاسم "الحمصاني"، والتي أطلق عليها ذلك لأنها تعمل بصناعة "الحمص والحلوى".
وحول تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي في مصر، وارتباطه بشراء الحلوى، قال العربي، إن "المصريين لم يحتفلوا، في شهر رمضان، بالياميش أو في المولد النبوي بشراء الحلوى والعروسة والحصان، أو بوجبات "فتة اللحمة" في عيد الأضحى، لكن مع دخول الفاطميين إلى مصر، تحول المصريون من الطريقة العربية البسيطة في الاحتفالات بالمناسبات الدينية، إلى الطريقة الفاطمية الشهيرة بالبذخ والاحتفالات، وهو ما فعله المصريون تقربا للفاطميين أنفسهم".
شهرة باب البحر
وحول شهرة منطقة شارع باب البحر في صناعة حلوى "المولد النبوي"، أشار علي إلى أن تلك الشهرة ترجع لميدان رمسيس، في وسط القاهرة، والذي كان يعتبر قلب العاصمة المصرية، حيث ينتشر زوار مسجد الحسين ومسجد السيدة نفيسة والسيدة زينب، القادمين من كل المحافظات المصرية عن طريق "محطة باب الحديد" للقطارات والسكك الحديدية، حيث كان القادمون من محطة مصر يمرون عبر شارع باب البحر في اتجاهم لشارع المعز لدين الله الفاطمي ولمسجد الحسين ومسجد السيدة زينب ولغيرها من المساجد القديمة، وكذلك لحضور الموالد الشعبية الشهيرة، وكان الزوار يأتون من الاسكندرية شمالا وحتى أسوان جنوبا إلى تلك المساجد للتبرك بهان بحسب قوله.
ويضيف العربي أن الشارع، في القرن الماضي، مجرد فرع صغير للنيل وتنتشر حوله الزراعات يمينا ويسارا، وتناثرت المصانع في الشارع، لتصنع الحلوى والحمص باستخدام فحم الكوك ويبيعونها للباعة المتجولين، الذين بدورهم يبيعون تلك البضائع المحلاة المصنوعة في مصانع شارع باب البحر لزوار الموالد وزوار مسجد الحسين والسيدة زينب والمحتلفين بالمولد النبوي، بحسب قوله.
سوق الحلوى
أما عما استجد، هذا العام، في سوق الحلوى في شارع باب البحر، فأكد علي، بالقول: "نعيش في وضع مختلف، كما يقول المصريون "نقلل من النذور ونوفي بها"، مضيفا أن "التضخم تسبب في ارتفاع أسعار الخامات والسلع، وبالطبع نحن مضغوطين لكنه أمر يحدث في العالم أجمع، والشعب المصري نجح في النجاة من نكسة 1967 ومن حرب 1973، وبالتالي لن يستسلم للتضخم، وهذا الوقت العصيب سيمر، وإذا لم نعان لن نذق الأيام الجيدة".
أما خالد السيد رمضان، مالك مصنع حلوى ومكسرات، فقال إنه توارث المهنة عن والده، وأن زبائن باب البحر أصبحوا الآن هم المستوردين، مشيرا إلى حقيقة تأثر المبيعات في موسم المولد النبوي بالتضخم وارتفاع أسعار السلع، إذ قال: "كيلو السكر الآن 37 جنيه لذلك ارتفعت أسعار حلوى المولد والمكسرات بشكل كبير".
ارتفاع كبير في الأسعار
وأكد خالد أن دخول السوريين الذين يعيشون في مصر، منذ 2011، غيَّر شكل سوق الحلوى، خاصة وأنهم محترفون في صناعة الحلوى، وأجبروا المصريين على تطوير المهنة، بحسب قوله.
ومن جانبه، أوضح جورج، أحد زبائن منطقة باب البحر، الذي كان يشتري حلوى الموسم لإهدائها لجيرانه وأصدقائه من المسلمين،أن "هذه المحبة ليست جديدة ونعيشها منذ طفولتنا، وشراء الهدايا الموسمية تشعرنا بأننا نتشارك في عيد واحد سويًا ونتشارك في كل شيء في الوطن".
وأضاف جورج في حديثه، قائلا: "حلاوة المولد بالنسبة لي هي تناول الحمصية والسمسمية أما المستحدثات من اللوزية والبندقية فلم أكن أسمع عنها"، منوها إلى وجود ارتفاع ملحوظ في الأسعار، ولكن كل شيء ارتفع سعره حتى الغذاء اليومي، بحسب قوله.
حلاوة المولد
وقال عبد الرحمن محمد، أحد زبائن منطقة باب البحر، معلقا على أسعار حلوى المولد النبوي: "أقل علبة حلوى سعرها يتراوح، حاليا، بين 400 و450 جنيه وربما تصل إلى 1700 جنيه، وهو ارتفاع كبير جدا في سعر حلاوة المولد بنسبة تصل إلى 200 قي المئة".
فيما أشار أحمد محمد علي، عامل بمصنع حلوى، إلى أنه "في هذا الموسم وبسبب ارتفاع أسعار الخامات وبالطبع ارتفاع أسعار الحلوى قمنا بتصنيع وعرض نصف الكمية التي عرضناها، في العام الماضي".