المصادر الطبية التي فضلت "عدم ذكر اسمها"، قالت إن التخوفات من تفشي الأوبئة قائمة، رغم عدم رصدها بشكل دقيق حتى الآن، لكنها تظل فرضية قائمة نتيجة الوضع الراهن في المدينة وما لحق بها.
في حديثها مع "سبوتنيك"، أوضحت المصادر أن الكوارث الطبيعية التي تحدث مثل الزلزال، تتبعها عمليات تفشي أوبئة، وهو ما يتطلب الحذر والاستعداد والعمل على مواجهته.
رغم تأكيد المصادر عدم وجود أي إشارات حتى اللحظة، لكنها لفتت إلى أن بعض الأمراض تعد في دائرة المخاطر المحتملة، وتشمل "الكوليرا"، نتيجة تلوث مياه الشرب، أو "داء التيفود"، أو التسمم الناتج عن "ببكتيريا السالمونيلا"، نتيجة الماء أو الغذاء الملوث، وكذلك "طفيليات الأميبا".
وحذرت المصادر من أن ظهور مثل هذه الأمراض قد يمتد فيما بعد إلى مناطق جغرافية واسعة في البلاد.
في الإطار، قال عبد السلام قويدر عضو هيئة التدريس في جامعة عمر المختار في كلية الموارد الطبيعية وعلوم البيئة، إن هناك بعض الإصابات بين المتطوعين، لكنها لم تشخص بشكل رسمي باعتبارها ناتجة عن الوضع البيئي في المدينة.
وشدد في حديثه مع "سبوتنيك"، أن اللجان المعنية والفرق المختصة تتابع الوضع عن كثب في المدينة، ولم تعلن عن رصد أي مرض أو تفشي لأوبئة حتى الآن.
وتابع: "التخوفات حتى الآن ترتبط باحتمالية تحلل الجثث وما يمكن أن ينتج عنها من أمراض، خاصة إن كانت تحت الأنقاض أو الرمال، بالنظر للعدد الكبير من المفقودين، إما في البحر أو تحت الأنقاض".
ولفت إلى أن المياه التي غمرت المدينة أزاحت مدينة بأكملها إلى البحر، فضلا عن الرمال والطين الذي حملته المياه إلى المدينة، كما حملت المياه الكثير من المواد الكيمائية إلى البحر، الذي يحتمل معه بعض الأضرار البيئية في المستقبل.
ويرى أن تخوفات ترتبط باحتمالية اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، نظرا للتدمير الذي طال البنية التحتية.
وفي تصريح سابق، نفى مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض في مدينة درنة، مجدي إدوال، "أي انتشار لأي أوبئة أو أمراض معدية أو بؤر لتفشي الأمراض في مدنية درنة"، مؤكدًا أن الوضع تحت السيطرة.
وقال إدوال، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، إن "المركز الوطني لمكافحة الأمراض ومن بداية الكارثة شكل عدة فرق لاحتواء أي احتمال لانتشار الأوبئة، وأن من أهم أعمال المركز هي الوقاية واحتواء أي تفشي لأي مرض"، مؤكدًا أن الأمور الصحية والحالة العامة مستقرة.
وأضاف أنه "تم تقسيم المدينة إلى ثلاث مناطق المنطقة الأولى وهي المتضررة وهذه يمنع الدخول إليها والسكن فيها مطلقاً، والمنطقة الثانية الهشة وهذه يسمح فيها لولي الأمر بالدخول إليها، أما المنطقة الثالثة إنها الآمنة وهي التي تعيش حياة طبيعية".
وأكد أنه "تم تشكيل لجنة مركزية تتبعها غرفة فرعية شكلت فريق لمتابعة الأماكن التي تكثر فيها الجثث وفريق لتتبع برك المياه الراكدة وتحليلها للتأكد من تلوثها أو صحتها"، متابعًا: "تم إنشاء عيادة متنقلة تجوب الأماكن التي بها النازحين ومتابعتهم وفريق لرصد وتقصي بؤر الأمراض".
وأكد أنه "تم توريد معمل متكامل بأحدث الأجهزة والخبرات لتحليل المياه والوبائيات موجود بفرع المركز بدرنة"، مشددًا على أنه "عند أية كوارث طبيعية لابد من توقع أي انتشار للأمراض وحتى هذه اللحظة لم ترصد أي أمراض أو أوبئة في المدينة".
"وأشار إدوال إلى أن "فرق الرصد منتشرة في أغلب المناطق المتضررة الآمنة لرصد أي مرض، وخاصة بعد اختلاط المياه الجوفية بالمياه السوداء وهي التي يأتي منها انتشار الأمراض"، وبناءً على ذلك قال إنه "تم التعميم على الجميع بعدم استعمال المياه الجوفية إطلاقاً في الأماكن المتضررة والاكتفاء بالمياه المعبأة البلاستيكية".
وشدد على أن "حملات التوعية مستمرة مع توزيع الملصقات التوعوية في الأماكن العامة وأماكن النازحين وفي القريب العاجل هناك فريق من الدعم النفسي سيقوم بمهامه من الدعم النفسي والاجتماعي، وبأن جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية قد اتخذت لمنع أي تفشي للأوبئة والأمراض".
يشار إلى أنه في يوم 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، تعرضت مناطق متعددة في شرق ليبيا لإعصار "دانيال" المدمر، الذي وصلت سرعته إلى 180 كيلومترا في الساعة، وكان مصحوبا بكميات هائلة من مياه الأمطار.
أدى ذلك إلى انهيار سدين يعود تاريخهما إلى سبعينيات القرن الماضي، ما نتج عنه تدفق ملايين المترات المكعبة من المياه، وتسبب في دمار كبير وسقوط آلاف القتلى والجرحى، إلى جانب فقدان أعداد كبيرة من المدنيين.
وبعنف غير مسبوق، ضرب الإعصار "دانيال"، منازل مدينة درنة الواقعة شمال غربي البلاد، التي يبلغ عدد سكانها وحدها ما بين 50 إلى 90 ألف نسمة، فيما اختفت أحياء بأكملها.
وأصدرت الحكومة الليبية، المكلفة من مجلس النواب، قرارا بإقالة المجلس البلدي لمدينة درنة بالكامل، وإحالة أعضائه للتحقيق.