أرجعت الوزارة قرار التمديد إلى تواصل حالة الجفاف في البلاد، مع تأخر هطول أمطار الخريف وتراجع منسوب السدود.
وبموجب القرار، سيتم قطع المياه ليلًا وحظر استخدامها في الزراعة وري المساحات الخضراء، في إجراء كان من المقرر أن ينتهي في سبتمبر/ أيلول الفائت.
وتعود أزمة الجفاف في تونس لثلاث سنوات مضت، في وقت يحذّر فيه خبراء من تأثير الأزمة على المحاصيل الزراعية.
وانقضى شهر أيلول الماضي دون تهاطل الأمطار في أغلب مناطق البلاد التونسية، ما اعتبره العديد من مزارعي الحبوب في الشمال الغربي على وجه التحديد مؤشرا سيئا بالنسبة إلى الموسم الجديد.
وقد تراجع إنتاج البلاد من الحبوب خلال الموسم الماضي بنحو 60% مقارنة مع الموسم الذي سبقه ولم تتجاوز الكميات المجمعة 2.7 مليون قنطار مقابل 7.5 مليون قنطار خلال العام 2022.
كما أثر غياب الأمطار على حقول الزياتين في أغلب المناطق التونسية، غياب التساقطات المطرية سيؤثر على إنتاج الزيت.
تزامنا مع هذه التطورات، أطلق البنك الدولي تحذيرات هي الأولى من نوعها، حول أن دول شمال أفريقيا، ستواجه نقصا حادا في المياه بحلول 2030، الأمر الذي دفع هذه الدول ومنها تونس نحو تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي لضمان أمنها المائي وسدّ حاجات الزراعة.
في حديثه لـ"لقاء سبوتنيك"، قال النائب في البرلمان التونسي، الطاهر بن منصور إن الأزمة قديمة وليست خاصة بتونس فقط ولكن هي أزمة العالم.. وهناك أسباب خارجة عن إرادة السلطة وأي إنسان، وهناك أسباب أخرى سياسية نتيجة توجهات السياسات المائية سواء في تونس أو العالم.
وأضاف بن منصور أن الأسباب الطبيعية الموضوعية منها الاحتباس الحراري الذي شهدته الكرة الأرضية والجفاف المتواصل الذي شهدته تونس وتراجع هطول الأمطار، مما أثر على امتلاء الأودية والسدود الكبرى بما وصل إلى نحو 15% من نسبة الامتلاء وهو ما أثر سلبا بالتالي على الزراعة في تونس خاصة المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها الخضراوات والحبوب والزيتون والأعلاف والسقي والأغنام وتربية الحيوانات وغيرها.
وقال بن منصور إنه كان من الأجدر وضع خطة استراتيجية بعيدة المدى للبحث عن بدائل سواء كان بتحلية مياه البحار عبر السواحل الممتدة وكذلك الاستمطار وغيرها، وهنالك موارد مياه أخرى في تونس لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل.
وأدت درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير مسبوق في المغرب، إلى تبخر ملايين الأمتار المكعبة من الماء، ما ينذر بتعميق أزمة العطش التي تشهدها المملكة.
وتشير الأرقام التي نشرتها وزارة التجهيز والماء المغربية في بوابتها الإلكترونية الرسمية، قبل أيام إلى استمرار تراجع مستويات السدود بشكل كبير.
من جانبه، أكد وزير التجهيز والماء المغربي، نزار بركة، أن الوضع المائي في المغرب قد أصبح صعبا.
وشدد بركة على "ضرورة الوضوح مع الشعب المغربي، مؤكدا أن الوضعية صعبة"، لافتا إلى أن الحكومة تحاول من خلال حلول كثيرة التعامل مع هذه الصعوبات.
وعن محاولات الحلول التي تنتهجها الحكومة، أوضح الوزير أن الحكومة تحاول من خلال ما وصفه بـ "حلول هيكلية"، موضحا أنها تستهدف من ذلك "حل المشكلات بطريقة هيكلية حتى لا يبقى مشكل الماء الصالح للشرب مطروحا في البلاد خلال سنة 2027/2028″.
ويشكل تراجع معدل المياه في المملكة المغربية خطرا كبيرا، بسبب اعتماد المغرب في تدبير الماء، على توفير المياه الجوفية وتجنب استغلالها إلا في حالة تراجع الموارد المائية السطحية بشكل بالغ، ويعكس هذا التراجع زيادة خطورة الإجهاد المائي الذي وصلت إليه البلاد.
وسجلت المملكة المغربية خلال العام الماضي أقل واردات مائية خلال القرن الأخير، وفقا لمعطيات مولاي إدريس حسناوي، مسؤول البحث والتخطيط المائي في وزارة التجهيز والماء.
وخلال العام الحالي، لم تتجاوز الواردات المائية للمغرب 1.98 مليار متر مكعب، بانخفاض وصل إلى ناقص 85% مقارنة بالمعدل السنوي، بينما كانت أقل واردات مائية في حدود ملياري متر مكعب، وسُجلت خلال ثلاثينات القرن الماضي.
وتسابق السلطات الجزائرية أيضا الزمن لدفع شبح الجفاف والعطش، وضمان أمنها المائي، بفعل استمرار شح الأمطار، على غرار دول المنطقة، وإن كان أقل حدة من جيرانها تونس والمغرب.
وصفت الوزيرة السابقة والخبيرة في الموارد المائية، شرفات أفيلال، وضع المياه في المغرب بالمقلق لكنه لم يصل إلى الخطورة بحكم توالي سنوات الجفاف وتراجع المخزون المائي في السدود.
وقالت إن الحكومة تصارع الزمن من أجل إيجاد الحلول البديلة، وتأمين المياه الصالحة للشرب وخاصة في المدن الكبرى.
وأوضحت أن هناك برنامجا استعجاليا يتابعه بدقة الملك محمد السادس وتعليمات أعطيت لكل القطاعات للالتزام الصارم بتفعيل هذا البرنامج، الذي بدأ في 2020 ويستمر حتى 2027 ويتكون من حزمة من التدابير والمشاريع والإجراءات التي من شأنها إيجاد بدائل.
وبينت أن البدائل الحكومية بدأت تتفعل بالتدريج ثم ستعمل على تجويد الاستعمال الرشيد للموارد المائية في كافة الاستخدامات وزيادة الوعي في هذا الإطار.
ولفتت إلى أن إيجاد موارد مائية إضافية جزء من الحل، لكن الحل الأمثل يكمن في كيفية استخدام الماء وأن تتأقلم الاستثمارات الكبرى والمشاريع الكبرى التي تتطلب مياها ضخمة مع السياق المناخي للمغرب، أي لا يمكن فرض نمط النمو خاصة في القطاع الفلاحي مع الوضع الحالي لأن مناخ المغرب جاف إلى شبه جاف.