وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لكن المجلس لم يتخذ أي ترتيبات توقف الإجراءات الإثيوبية سوى المطالبة بوقفها والتي لم تلق استجابة من أديس أبابا، التي استمرت في عملية التخزين الذي بات يهدد الوجود المصري والسوداني من قبله، حال انهيار السد، بعد أن أصبح لها القدرة على التحكم بالمياه".
وتابع: "التهديد الأكبر سوف يطال السودان حال حدوث أي خلل في السد أو انهياره، نظرا لقرب المسافة من السد ولأن سعة خزان الروصيرص المواجه لسد النهضة لا تتجاوز 7.5 مليار متر مكعب من المياه، في حين أن سعة السد العالي تتجاوز 160 مليار متر مكعب، إضافة إلى المياه التي يمكن أن يصرفها مفيض توشكا ورغم ذلك لا نجد أن السودان يعطي أهمية للموضوع".
وتساءل المفتي، عما إذا كان القصور من مجلس الأمن تجاه الشكوى والتضرر المصري السوداني من سد النهضة يعطي مصر الحق في الدفاع عن نفسها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وقال مدير مركز الخرطوم، إن حق الدفاع عن النفس في تلك الحالة شديد التعقيد، لأن هذا الحق يكون نصا في حالة تعرض الدولة إلى "عدوان مسلح"، وليس عندما يتهدد وجودها، ولكن ليس هناك ما يمنع الدفع بأن سبب إعطاء حق الدفاع عن النفس فقط في حالة العدوان المسلح، هو أن ذلك العدوان يهدد وجود الدولة المعنية، وعليه فإنه يعطي مصر الحق في الدفاع عن نفسها، ويتطلب ذلك أن يعتبر مجلس الأمن الدولي أن ما قامت به إثيوبيا يهدد الأمن والسلم الدوليين وهو ما لم تقنع به مصر مجلس الأمن حتى الآن.
وأشار المفتي إلى أن أي استهداف للسد حاليا دفاعا عن النفس سوف يكون كارثيا على السودان ولا يستقيم أن تهدد مصر وجود السودان للمحافظة على وجودها.
وحول الخيارات المتاحة أمام مصر المتضرر الأكبر من الوضع الراهن للسد يرى المفتي أن تلجأ مصر للجمعية العامة للأمم المتحدة في حال أن مجلس الأمن الدولي أصبح غير فاعل، مثلما حدث عندما فشل المجلس في وقف إطلاق النار في العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر) عام 1956، بسبب تأميم قناة السويس، وذلك بسبب الفيتو البريطاني والفرنسي، فلجأت أمريكا للجمعية العامة للأمم المتحدة واستصدرت منها قرار "الوحدة من أجل السلام"، والذي أوقف إطلاق النار، وأرسلت بموجبه قوات أممية لمراقبته.
ويرى مدير مركز الخرطوم، أنه يمكن تجاوز تلك الصعوبات التي تواجه مصر بشكل خاص حال استهداف السد باللجوء إلى عملية استرجاع الأراضي السودانية المقام عليها السد لأنها منحت لإثيوبيا بموجب اتفاقية 1902، بشرط عدم إقامة أي منشآت مائية عليها إلا بموافقة حكومة السودان وتكون عملية الاسترجاع بهدف إدارة السد لمصلحة الدول الثلاث، لكن هذا الخيار بالغ الصعوبة لأنه يستحيل على مصر تنفيذه إلا بموافقة، وتعاون ومشاركة حكومة السودان والتي نعتقد أنها تري حتي الآن أن السد لا يهدد وجود السودان بل يفيده.
وتقدمت مصر بشكوى رسمية جديدة إلى مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، أعربت فيها عن رفضها تكرار الانتهاكات الإثيوبية للقانون والاتفاقات الدولية بما فيها اتفاق إعلان المبادئ 2015 المتعلق بـ"سد النهضة".
وقالت رسالة الخارجية المصرية إلى مجلس الأمن أن "تصرفات أديس أبابا الأحادية بشأن الملء والتشغيل للسد تُشكل تهديداً وجودياً لمصر، وتهديداً لاستقرارها"، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
وجاءت الرسالة المصرية بعد تمام الملء الرابع لسد النهضة في 10سبتمبر/ أيلول الماضي في خطوة اعتبرتها القاهرة وقتها تجاهلاً لمصالح وحقوق دولتي المصب، وأمنهما المائي، الذي تكفله قواعد القانون الدولي.
ومن المنتظر أن تكون هناك جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين قبل نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في القاهرة، التي انطلقت قبل شهرين بعد اتفاق الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإثيوبي في 13 يوليو/ تموز الماضي، على استئناف التفاوض، بهدف التوصل إلى اتفاق على قواعد ملء وتشغيل "السد" خلال 4 أشهر، بعد توقف التفاوض لأكثر من عامين.
ويدور خلاف بين مصر وإثيوبيا منذ سنوات، بشأن بناء سد النهضة، فيما طلبت الخرطوم والقاهرة مرارا، من إثيوبيا التوقف عن ملء خزان سد النهضة، بانتظار اتفاق ثلاثي ملزم بشأن طرق تشغيل السد باعتباره الأكبر في أفريقيا، وذلك في الوقت الذي تعتبر مصر، التي تعتمد على النيل لتأمين 97 في المئة من احتياجاتها المائية، أن سد النهضة يمثل تهديدا "وجوديا" لها.