وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن المتغير الرئيسي في هذا الصدد "هو تنفيذ اختراق استراتيجي حققته المقاومة الفلسطينية منذ اللحظة الأولى في المعركة والتي كانت بمثابة سيطرة كاملة على الأوراق والملفات السرية الخاصة بخطط الحرب البرية إضافة إلى الأوراق المتعلقة بمستوطنة الغابة، التي كان يوجد بها مبنى خاص للموساد، ويوجد بها كافة الملفات السرية التي تكشف علاقة الموساد بالأنظمة في المنطقة العربية".
وأوضح أن هناك إشكالية لدى أمريكا أنه حال دخول القوات البرية التابعة للاحتلال، سيكون هناك كارثة متعلقة بخروج المجموعات المقاومة والمقاتلين الفلسطينيين وبدء معركة برية ستكبد إسرائيل وجنودها خسائر فادحة.
أما على المستوى الجماهيري، فقد بدا واضحا أن هناك كذب في الرواية الإسرائيلية وفي وسائل الإعلام وخداعا كبيرا للرئيس الأمريكي ودول الغرب والرأي العام الغربي، وذلك حينما قالوا إن 40 طفلا قتلوا على يد المقاومة وهو سلوك غير متبع لدى العرب، وتلى ذلك تغيرا حقيقيا بدأ يظهر في الرواية الأمريكية وحديث الرئيس الأمريكي جو بايدن بعدما شاهد العالم المجازر التي ترتكبها إسرائيل بأسلحة أمريكية، وقتل أكثر من 3000 طفل.
وقال أسامة شعث إن قصف غزة بما يصل إلى 25 طنا من المتفجرات، أي ما يوازي قنبلتين نوويتين، يظهر الكارثة التي حلت بالقطاع والنكبة الجديدة التي حلت بالشعب الفلسطيني، وأهداف نتنياهو في إنهاء المقاومة الفلسطينية، ما دفع الولايات المتحدة بالحديث عن هدنة إنسانية وتحذير نتنياهو من الاستمرار.
وفيما يتعلق بغزة، بيّن شعث أن نتنياهو يريد فقط حصار القطاع وفصله عن المنطقة الجنوبية والاستمرار في عملية القصف الجوي لتدمير أكبر قدر ممكن من البنية التحتية حتى لا تصلح المنطقة بأكملها للحياة الآدمية.
وأشار إلى أن أمريكا بدأت في وضع سيناريوهات جديدة وغيرت من سياساتها لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية في غزة، السيناريو الأول يتحدث عن تسليمها للسلطة الفلسطينية، وهو ما رفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قال إنه لن يعود على ظهر دبابة رغم الانقسام، مشيرًا إلى أن حلم الوحدة الوطنية لا يزال مطروحا، لكنه لا يمكن قبول العودة بهذه الطريقة الإجرامية والوحشية.
أما السيناريو الثاني، فيتحدث عن إرسال قوات دولية لإدارة القطاع، تحت إدارة الأمم المتحدة، حيث تقوم بتشكيل قوة دولية بالاتفاق مع مجلس الأمن لإدارة الوضع العام في غزة، ومن ثم إعادة تهيئة الأوضاع استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة القديم الذي يتعلق بالوصاية، حتى استكمال غزة لظروفها السياسية وإعادة بناء مؤسساتها وتسليمها للقيادة السياسية الفلسطينية، التي سيتم فرزها لاحقا.
وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، قال أسامة شعث، السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، إنه يتحدث عن تسليم غزة لمصر، بيد أن القاهرة ترفض استلامها في هذه الظروف الصعبة وبهذه الطريقة، لكن قد تكون شريكة في قوات حفظ سلام دولية لإعادة تهيئة الأوضاع واستقرارها ومن ثم إعادة ترتيب الأمور.
وعن الحلول المطلوبة، أوضح شعث أن كل ما يتحدث عنه نتنياهو وبايدن لا يمكن القبول به، والحل هو الذهاب مباشرة لحل الدولتين وإعادة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، والانسحاب الكامل من الضفة وغزة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، مشددا على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية من قبل أمريكا ووضع إطار زمني لا يتخطى العام.
ويتواصل التصعيد بين حركة "حماس" الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، بعد إطلاق "حماس"، فجر السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، عملية "طوفان الأقصى"، أسفرت عن مقتل نحو 1400 وأسر حوالي 200 إسرائيلي، لترد عليها إسرائيل ببدء عملية "السيوف الحديدية"، وإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة.
وأسفر القصف الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة عن مقتل نحو 10 آلاف فلسطيني وإصابة أكثر من 26 ألفا آخرين من المدنيين الفلسطينيين في القطاع، وهو ما أثار احتجاجات وإدانات واسعة النطاق في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم، كما حذرت دول عربية عدة من "التهجير القسري" لسكان قطاع غزة، بعد أن طالبت إسرائيل سكان القطاع بالنزوح جنوباً أو التوجه إلى سيناء المصرية.
ويعاني سكان قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، من كارثة إنسانية محققة، نتيجة قلة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع.