وشيع "حزب الله" 5 من مقاتليه، اليوم الأربعاء، كانوا قد سقطوا في المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، واستهدف الجيش الإسرائيلي منزلا بالقرب من تشييع أحد قتلى الحزب في بلدة بليدا، كما شن سلسلة غارات عنيفة استهدفت أطراف كفرشوبا وكفر حمام وحلتا في منطقة العرقوب.
وأكد الجنرال أرولدو لازارو ساينز، قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، أن "الوضع في جنوب لبنان، متوتر وخطير مع تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل".
ويرى مراقبون أن تصاعد الاشتباكات لا يعني الدخول في حرب مفتوحة، مؤكدين أن الطرفين لا يسعيان إلى المواجهة، فيما لا تزال الأعمال بينهما ضمن قواعد الاشتباك المتعارف عليها في المنطقة.
وقف الحرب في غزة
اعتبر داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، أن "تحذيرات قائد قوات اليونيفيل في لبنان، بشأن انزلاق الوضع في الجنوب، ليست الأولى، حيث تتوالى منذ بداية الحرب على غزة، بيد أن استمرار القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، ضمن قواعد الاشتباك".
وأضاف رمال لـ"سبوتنيك"، بالقول: "يسعى الإسرائيلي إلى جر حزب الله لنوع آخر من المواجهة، حيث يتعمد استهداف المنازل بالقرى المتاخمة للشريط الحدودي، واستهداف أماكن بعيدة نسبيًا، تصل مداها إلى 20 كيلومترًا، فيما لم تتخط ضربات حزب الله حاجز 7 كيلو، بعد استهداف منصة القبة الحديدية في شمال فلسطين المحتلة بالقصف المدفعي".
وأوضح أنه "من الصعب التنبؤ بالسيناريوهات المقبلة للتصعيد"، لكنه أكد بأن "إعلان وقف إطلاق النار في غزة، سيصاحبه وقف الاشتباك على الجبهة اللبنانية، ومن ثم العودة لذات الترتيبات المتصلة بالقرار 1701، لا سيما وأن كل المساعي الخفية لأحداث تعديلات على هذا القرار باءت بالفشل".
ويرى المحلل اللبناني أن "الاطمئنان لفكرة عدم اقتراب نتنياهو من ارتكاب حماقة بقصف لبنان والذهاب لفتح جبهة هناك، ليس في محله، حيث قد يستغل الهدوء في غزة لجر أمريكا وحلفاء الغرب لحرب على الجبهة اللبنانية، تحت عنوان مواجهة الذراع الإيراني في المنطقة".
وقال رمال إن "تحذيرات المسؤولين الغربيين للبنان بعدم الانزلاق لمواجهة مفتوحة مع إسرائيل، توجه كذلك لنتنياهو وحكومته، مع تحذيرهم من مغبة فتح حرب مع حزب الله، تجر المنطقة إلى حرب إقليمية وتكون كلفتها باهظة جدًا"، معتبرًا أن "إقرار هدنة إنسانية في غزة، أو وقف إطلاق النار سيقابله بالتبعية هدوء على الجبهة الجنوبية".
قواعد الاشتباك
بدوره اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن "الوضع في الجنوب لا يزال ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، على الرغم من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، والخروقات الصهيونية وقصف وتدمير أحياء سكنية خارج هذه القواعد، لكن المقاومة لم تتخذ من ذلك حجة لتوسيع الحرب مع إسرائيل".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، ليس هناك مصلحة لدى "حزب الله" وإسرائيل، للذهاب إلى حرب شاملة في هذه المرحلة، حيث الوضع اللبناني الداخلي لا يحتمل الحرب، في ظل الفراغ الرئاسي والأزمات السياسية والاقتصادية، وكذلك في الجانب الإسرائيلي، هناك حكومة متأزمة غرقت في رمال غزة، بحسب قوله.
وأضاف وهبي أن "استمرار الحرب في فلسطين لا تحظى بتأييد أمريكي وغربي، لا سيما في ظل فشل إسرائيل في تحقيق أي إنجاز يذكر على صعيد الأهداف التي رفعتها مع بدء العدوان، فلم تنجح في القضاء على عناصر حماس أو العثور على الأسرى الإسرائيليين".
ويرى أن "انسحاب العدو من غزة في ظل هذه الظروف صعب جدًا، وهو لا يحتمل أن يفتح جبهة جديدة تربك له الجبهة الداخلية، وتستنزف من قدراته العسكرية التي باتت في مرحلة خطيرة".
وأكد أنه "رغم التحذيرات الدولية والأمريكية ومن قبل قوات اليونيفيل، لا يزال التصعيد في لبنان ضمن قواعد الاشتباك، وهناك حذر من الطرفين ونية للابتعاد عن الذهاب لحرب شاملة، إذا بدأت بالفعل في جنوب البلاد قد تشعل المنطقة برمتها، ولا يمكن لأحد التنبؤ بنهايتها".
وبيّن وهبي أنه "قبل الحرب كانت الاستعدادات تجري في مرحلة الترسيم والتطبيع وشبك العلاقات، والتوسع في حرب يشارك فيها لبنان سيذهب كل هذه الجهود هباءً"، معتبرًا أنه "ليس هناك نية إسرائيلية أو لبنانية للدخول في معركة مفتوحة، ناهيك عن المطالب الأجنبية والعربية للطرفين بالالتزام بقواعد الاشتباك".
وتشهد الحدود بين إسرائيل ولبنان، توترًا مستمرًا، فضلًا عن مواجهات شبه يومية بين القوات الإسرائيلية و"حزب الله" اللبناني، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إثر الهجوم الذي شنته "حماس" على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محيطة بالقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وتخللت المعارك هدنة دامت لمدة 7 أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل للأسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية، في الأول من ديسمبر؟ كانون الأول الجاري.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة، حتى الآن، عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن أكثر من 50 ألف مصاب.