وفق الآراء الواردة في التقرير فإن العديد من التحديات تواجه الاقتصاد المغربي، حال استمرار الجفاف هذا العام، من بينها هجرة السكان من القرى والمناطق الفلاحية إلى المدن، بالإضافة لارتفاع التضخم وكذلك زيادة نسبة البطالة.
ويمثل الإنتاج الفلاحي نسبة كبيرة في الناتج المحلي المغربي، ما يعني أن تأثره بالجفاف يترك أبلغ الأثر على جوانب متعددة وفق الخبراء.
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي المغربي، زهير لخديسي، إن الاقتصاد المغربي تعود على السنوات المتتالية من الجفاف وضعف التساقطات المائية.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن مجموعة من المبادرات واكبت هذه التغيرات، منها "الطريق السيار المائي الذي سمح بالحفاظ على حقينة السدود واستغلال جزء من مياه الأنهار الكبرى في السقي".
ولفت إلى أن القطاع الفلاحي يبقى محوريا في المغرب حيث تمثل القيمة المضافة الفلاحية في المتوسط 14% من الناتج الداخلي الخام، في حين يشغل القطاع الفلاحي 40% من الساكنة، وبالتالي فإن التأثير غير المباشر للجفاف يبقى أساسيا بسبب انعكاسه على الطلب الداخلي.
وتابع لخديسي: "رغم مخطط المغرب الأخضر الذي كان يرمي إلى تشجيع الإنتاج الفلاحي الموجه للتصدير، إلا أنه أثر سلبا على ثمن المواد الغذائية الأساسية وعلى المخزون المائي.
ويرى أن التطور الإيجابي للقطاع الصناعي في مجال السيارات بالأساس والاستثمارات المهمة في مجال البطاريات، قد يحد من الأضرار في السنوات المقبلة.
بشأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في المغرب، يرى لخديسي أنها تبقى غير كافية، فيما ينتظر في حال تواصل غياب التساقطات القيام هذه السنة بمخطط استعجالي لمساعدة الفلاحين.
في الإطار ذاته، يقول أوهادي سعيد الاقتصادي المغربي، إن استمرار الجفاف للسنة السادسة على التوالي بالمملكة المغربية سجل العديد من الآثار الاقتصادية.
وانخفض إنتاج الحبوب سنة 2021/2022 إلى حدود 33 مليون قنطار، لكن المغاربة استبشروا خيرا بتحقيق أكثر من 55 مليون قنطار سنة 2022/2023. ورغم أن الإنتاج لم يصل إلى حدود 70 مليون قنطار المنتظرة حسب قانون المالية لسنة 2023 إلا أن الآمال معلقة على العام الجديد.
وفق الخبير المغربي فإن جميع المؤشرات تشير إلى استمرار حالة الجفاف مع مطلع سنة 2024.
ونتجت تداعيات عدة إثر حالة الجفاف، منها انخفاض القيمة المضافة للقطاع الفلاحي وارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الغذائية، وخصوصا الوضع الصعب لحقينة السدود التي وصلت إلى مستويات خطيرة للغاية دون إغفال فقدان 297 ألف فرصة عمل معظمها بالعالم القروي.
ولفت سعيد إلى أنه رغم إدماج هذا المعطى في استراتيجية الجيل الأخضر بتشجيع المنتوجات الفلاحية التي تقتصد في استعمال المياه والاستراتيجية المحينة للاقتصاد في الماء2020/2027 يبدو أن الحكومة اضطرت إلى تخصيص مساعدات ب 10 مليارات درهم الفلاحين المتضررين.
ويرى الخبير الاقتصادي أنه رغم انطلاق مشاريع كبرى لتحلية المياه وخلق طريق سيار مائي لتحويل المياه من أنهار إلى أخرى لمواجهة الاستهلاك لهذه المادة الحيوية في جهات مهمة بالاقتصاد المغربي الدار البيضاء والرباط نموذجا، لن يكون لها الأثر الفعال إلا على المدى المتوسط، وفق رأيه.
وأشار سعيد إلى أن تأثر الاقتصاد المغربي بخطر الجفاف يستوجب إعادة النظر في فرضيات إعداد قانون المالية لسنة 2024 والذي تنبأ بإنتاج الحبوب في حدود 75 مليون قنطار.
ويواجه الاقتصاد المغربي العديد من التحديات في العام الحالي، منها وضعية السدود والتي من المفترض أن تقنن استعمال الماء، وإعطاء الأولوية للماء الصالح للشرب على حساب سقي الأراضي الزراعية، مما سيشكل نكسة كبيرة للإنتاج الفلاحي الذي يمثل 14% من الناتج المحلي.
ثانيا ضرورة تخصيص مساعدات للفلاحين للتقليل من الهجرة إلى المدن وما يترتب من تداعيات اجتماعية خطيرة.
التحدي الثالث يتمثل في إشكالية تدبير الأولوية في التصدير الفلاحي أم تموين السوق الداخلية.
من ناحية أخرى، فإن انخفاض الصادرات الفلاحية يؤثر مباشرة على العجز التجاري وانخفاض للعملة الصعبة.
والمعطى الأخر يتمثل في عدم تموين السوق الداخلية بشكل كاف، مما يعمق أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبالتالي أولا التأثير السلبي على القدرة الشرائية للمستهلك المغربي، وكذلك على نسبة التضخم.