ويسهم القطاع الزراعي في المغرب بنسبة 14 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وعملت الحكومة المغربية على تطوير القطاع عبر تخصيص 15 مليار دولار لدعم القطاع وبناء سدود جديدة، علاوة على مشاريع مرتبطة بتحلية المياه، لمواجهة التحديات الناجمة عن سنوات الجفاف المتتالية.
أوضح خبيران اقتصاديان أن الآثار الناجمة عن الجفاف لا يمكن تعويضها عبر أي قطاعات أخرى، في ظل تقدم ملحوظ في قطاع صناعة السيارات.
يقول عبد العزيز كوكاس، الخبير الاقتصادي المغربي، إن الألفية الثالثة شهدت تحول المملكة المغربية إلى نقطة جذب مهمة لكبريات شركات تصنيع السيارات الأوروبية والآسيوية، التي أقامت الكثير من المعامل لتصنيع وتجميع السيارات.
وتحتل المملكة المغربية المرتبة الثالثة عالميا، من حيث التنافسية في صناعة السيارات، بعد الهند والصين، كما تصدر أجزاء السيارات لنحو 70 وجهة عالمية، وتتصدر قائمة الدول المصدرة لمنتجات السيارات إلى أوروبا، من خارج دول الاتحاد الأوروبي.
ووفق كوكاس، يتوفر المغرب على طاقة إنتاجية تعادل 960 ألف سيارة سنويا، 510 آلاف من مصنع في طنجة والدار البيضاء، و450 ألفا في مصنع بالقنيطرة.
كما بلغت صادرات صناعة السيارات 83.78 مليار درهم (نحو 8 مليارات دولار) عام 2021 بزيادة 15% مقارنة بعام 2020.
وتابع: "بلغت العائدات المالية المتأتية من تصدير السيارات المصنعة بالمغرب 111 مليار درهم (نحو 11.2 مليار دولار) خلال السنة الماضية أي ما يمثل أكثر من 25 في المئة من العائدات الإجمالية للصادرات الوطنية في مختلف القطاعات، بينما هناك توقعات بزيادة حجم هذه الصناعة بنسبة 40 في المائة.
وبشأن تعويض صناعة السيارات للآثار الاقتصادية الناجمة عن الجفاف وتراجع المحاصيل الزراعية، أوضح عبد العزيز كوكاس، أن المغرب أمام السنة السادسة من توالي الجفاف وشح الموارد المائية، حيث كشفت موارد الخزينة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن عجز الميزانية بقيمة 51.4 مليار درهم (5.1 مليار درهم)، مقابل عجز بلغ 47.9 مليار درهم (4.8 مليار درهم) قبل سنة.
ولفت إلى أنه برغم ارتفاع عائدات تصنيع وتركيب السيارات، وصولا إلى اختراعها، فإن وتيرة النمو التي يسير بها المغرب تحتاج إلى فعالية الإنتاج في كل الموارد، وبالتالي فإن الصعوبات التي يطرحها الجفاف تطرح إكراهات كبرى وتحديات أكبر بالنسبة للاقتصاد المغربي، وانعكاساته الاجتماعية.
وأشار كوكاس إلى أن الأمر يتعلق اليوم بأزمة الأمن الغذائي، الذي يفرض التأقلمِ مع الوضع المائي الصعب الذي يشهده المغرب، وبناء سياسة زراعية قائمة على توافر الاكتفاء الغذائي المنشود، والبحث عن البدائل.
وشدد على أن الجفاف له انعكاسات على الاقتصاد والمجتمع والبنية الديمغرافية، كما يؤكد فشل جزء كبير من المخطط الأخضر الذي لم يراع الاستقرار الاجتماعي من خلال زراعة تحقق الاكتفاء الذاتي، بدل الإجهاد المائي وتسخير الفلاحة نحو التصدير فقط.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي المغربي زكريا كارتي، إن صناعة السيارات في المغرب لا يمكنها تعويض الآثار السلبية الناجمة عن الجفاف.
وأضاف، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المغرب لم يحقق أكثر من نحو 3 في المئة من معدلات النمو خلال سنوات الجفاف، ما يؤكد تأثير الناتج الزراعي على كافة القطاعات.
ولفت إلى أن المغرب يتجه نحو إنتاج نحو مليون سيارة سنويا، عبر شركتين منتجتين، كما بلغت نسبة الإدماج المحلي وصل إلى نسبة 65 في المئة، ومن المقرر أن يصل إلى 80 في المئة.
وخصص المغرب العام الماضي 1.4 مليون هكتار أراضي مملوكة للدولة لصالح 454 مشروعا باستثمارات مرتقبة تناهز 591 مليار درهم (60.4 مليار دولار)، من المتوقع أن توفر 57.7 ألف فرصة عمل، وفق تقرير رسمي.
وفي حوار سابق مع "سبوتنيك"، قال وزير الصناعة المغربي رياض مزور: "قطاع السيارات بالمغرب اليوم يشغل 230 ألف شخص وتصل قدرته الإنتاجية إلى أكثر من 900.000 سيارة سنويا تم تصديرها لأكثر من 70 بلدا، كما يطمح المغرب إلى رفع القدرة الإنتاجية إلى مليوني سيارة سنويا بحلول 2030، ما سيمكنه من أن يصبح بين أفضل عشر منتجين للسيارات في العالم".