ما هي التداعيات المحتملة لحراك شباب الجنوب في ليبيا المطالب بالإصلاحات

معاناة كبيرة يعانيها سكان الجنوب الليبي تتمثل في نقص حاد للوقود والأدوية وغياب البنية التحتية ومشاريع الإعمار والتنمية، الأمر الذي وصل إلى مطالبة شباب الجنوب بإصلاحات عاجلة، بعد إغلاق لعدد من الحقول النفطية، والتلويح بالتصعيد إلى إضراب عام ومطالب أكثر من ذلك.
Sputnik
وفي هذا السياق، يقول راشد الشيباني، ممثل حراك شباب براك الشاطئ في الجنوب الليبي، إن حراك شباب المنطقة الجنوبية هو حراك انبثق من الشارع نتيجة التجاهل والتهميش طيلة السنوات الماضية، نداءات متكررة دون استجابة ووعود كثيرة دون أي تنفيذ على أرض الواقع.
التصعيد بالمطالب
وتابع الشيباني في تصريح خاص لـ "سبوتنيك"، أن كل هذه الأمور سببت احتقانا كبيرا في المنطقة الجنوبية عامة وبراك الشاطئ على وجه الخصوص، رغم كل الجهود التي تعلق بها المواطن على إثر الخطوات التي قامت بها الأجهزة الأمنية من إغلاق محطات السوق السوداء للبنزين، وجهود الجهات الأمنية في ضبط آليات بيع الوقود.
وأكد بأن المواطن في الجنوب الليبي اليوم أصبح يعاني من ضيق كبير بسبب المشاكل الكبيرة منها تهالك البنية التحتية ومحطات الصرف الصحي، ورداءة الخدمات العامة، وعدم ووجود مشاريع تنفذ على أرض الواقع، بينما يشاهد المواطن ما يحدث من تنمية في باقي مدن ليبيا، والعديد من الانجازات والإعمار بشكل عام، ما تسبب في حالة كبيرة من الاحتقان وجعل شباب الجنوب يخرجون من صمتهم ليطالبوا بحقوقهم.
إغلاق "حقل الشرارة النفطي" في ليبيا... ورقة سياسية أم مطالب مشروعة؟
ولا يرى الشيباني وشباب الجنوب أي أعذار تحول دون تقديم الدعم والتنمية للمناطق الجنوبية، وعلى ذلك تحرك شباب الجنوب في حراك رسمي، بعد استقرار وضع البلاد.
ويقول إن أبرز مطالب الجنوب كانت "حل ملف أزمة الوقود الشائكة التي لم تجد حل وإجابة واضحة، وهذا دليل على الفساد الكبير المصاحب لهذا الملف، وعدم وجود الرغبة الصادقة في حل هذه المشكلة نظرا لاستفادة أطراف بعينها، كما طالب شباب الجنوب بضرورة بدء عجلة الأعمار".
وأكد الشيباني أن المنطقة الجنوبية لم تشهد أي إعمار أو مشاريع كما هو ملاحظ في بعض المدن، وهذا دليل واضح على التهميش للمنطقة الجنوبية، مضيفًا أن هذا التهميش "بسبب الاستخفاف بالمنطقة وغياب الضغط من أهالي الجنوب على الحكومات المتتالية للاهتمام بالمنطقة الجنوبية".
وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وجادة لتلبية هذه المطالب، وإلا فإن الوضع سوف يتفاقم في الفترة القريبة القادمة، و"ربما سيكون هناك اضراب وإغلاق للطرق وحقول النفط، وربما ستكون هناك أصوات تطالب بنظام فيدرالي وربما ولادة حكومة ثالثة في المنطقة الجنوبية في حالة عدم تلبية هذه المطالب، وستنتهي هذه المطالب عند تنفيذها".
مئات الآلاف يعانون الفقر والتهميش في الجنوب الليبي.. لماذا تتجاهلهم الحكومات؟
المركزية والتهميش
ومن جانبه يرى المحلل السياسي إدريس احميد، في تصريحه لـ "سبوتنيكأن تهميش الجنوب يعود للمركزية التي تعاني منها ليبيا منذ سنوات أي قبل عام 2011، حيث كانت هناك بعض المشروعات في السابق ولكنها لا ترتقي لإمكانيات الجنوب، الذي يعد هو مقر الحقول النفطية والمزروعات بأنواعها، وبعد عام 2011 لم تشهد الدولة استقرارا لتكون هناك تنمية في الجنوب ونظام إداري يمثل الجنوب كمنطقة أو إقليم، لتكون هناك عدالة في التوزيع وفي برامج التنمية.
وأضاف أن عموم ليبيا لم يشهد تلك التنمية الكبيرة لأن أغلب الحكومات السابقة صاحبتها شبهات فساد، ولم تقم بإنجاز أي شيء، وآخرها حكومة الوحدة الوطنية التي لم تقدم أي شيء للجنوب.
وتوقع أن يستمر هذا الوضع ما لم تكن هناك استجابة واضحة لمطالب الشارع الليبي والتي تتمثل أغلبها في المطالبة بالاستقرار، الذي لن يأتي إلا بالانتخابات والدستور أو سلطة حاكمة تهتم بالتنمية في ليبيا.
وأشار احميد إلى أن التنمية في العاصمة لم تذكر، وأن أغلب الإنجازات الفعلية كانت في العهد الملكي وعهد سبتمبر، معتبرًا أن المنطقة الشرقية شهدت إعمارا بسبب إرادة أهلها، كما أن هناك مناطق أخرى في الشرق تحتاج إلى تنمية.
التوزيع العادل للثروة... خطوة نحو الاستقرار أم التصعيد في ليبيا؟
وأضاف رغم الوعود الكثيرة بعد إقفال للحقول النفطية كانت كل الوعود وعود مؤقتة، أما فيما يتعلق بالنفط يقول فإن قطاع النفط يعاني من سيطرة التشكيلات المسلحة رغم جهود المؤسسة الوطنية للنفط والوزارة، ولكن الوضع في العاصمة غير واضح وغير مستقر.
وأكد أن أغلب المشاريع التي أقيمت بعد عام 2011 في الجنوب كانت بدعم المنظمات التي قامت بحفر للآبار وصيانة لبعض المدارس، وهي أشياء بسيطة، فيما لم تنفذ الحكومة أي شيء رغم تخصيص مبالغ طائلة للجنوب في عهد حكومة الوفاق.
العمق الاستراتيجي والأمن القومي
ويرى المحلل السياسي عبد الحميد القطروني أن الجنوب الليبي يعاني من التهميش والإقصاء وعدم وجود الإمكانيات وغياب واضح للدولة، كما أن مشكلة الوقود ما زالت مستمرة بالإضافة إلى الارتفاع الكبير للأسعار.
وأكد القطروني في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أن الحكومات الليبية لم تقدم شيئا للجنوب الليبي، الذي يعاني من نقص حاد في السيولة النقدية في البنوك، بالإضافة إلى نقص في الأدوية.
وأشار إلى أن الجنوب الليبي يمثل العمق الاستراتيجي لليبيا، ولا يمكن التخلي عنه، وربما تشهد هذه الأيام مطالبات كبيرة من شباب الجنوب يصاحبها إغلاق للحقول النفطية، وهذا الأمر سوف يؤثر بشكل كبير على الدولة، ولكن التهميش الذي يعانيه أهل الجنوب هو أكبر بكثير.
مناقشة