هل يقطع العراق علاقته مع إيران بعد قصفها الصاروخي على كردستان؟

تشهد العلاقات العراقية الإيرانية أزمة حقيقية هي الأولى من نوعها منذ العام 2003 بعد القصف الصاروخي من قبل الحرس الثوري ضد منشآت في أربيل عاصمة كردستان العراق.
Sputnik
يرى مراقبون أن تلك الأزمة ربما تجر الطرفان إلى منعطفات وتصعيد أكبر، خاصة بعد الإدانة الشديدة من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة وحتى الفصائل المسلحة التي تدين بالولاء لإيران، الأمر الذي يعني أن تلك الهزة التي أصابت هذه العلاقة ربما تنهار في لحظة ما وربما يتم احتوائها بالحوار أو بتقديم إيران المعلومات التي استندت عليها في عملية الاستهداف.
رئيس وزراء كردستان العراق يلغي اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني
إلى أي مدى يمكن احتواء الأزمة الحالية بين العراق وإيران؟
انتهاك كبير
بداية يقول غازي السكوتي، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، من المؤكد أن القصف الصاروخي الذي قام به الحرس الثوري الإيراني على أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، والذي أوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة شكل انتهاكا كبيرا لميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على عدم اللجوء للقوة حال وجود نزاعات بين الدول والذهاب إلى الجهود الدبلوماسية كما ينص ميثاق الأمم على ذلك.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" "لكن بكل أسف إيران ذهبت إلى القوة بالقصف الصاروخي على أربيل تحت ذريعة وجود شبكات تجسس للموساد الإسرائيلي، وقد سبق ونفت بغداد كما نفى مدير الأمن الوطني العراقي وجود أي من شبكات الموساد في أربيل أو غيرها".
وتابع السكوتي، أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، أعتبر القصف الإيراني على أربيل عدوان صارخ على السيادة والإستقلال ويهدد الأمن والاستقرار في البلاد.
تصعيد دبلوماسي
وأشار مدير المركز العراقي، إلى أن حكومة السوداني توجهت باحتجاج شديد اللهجة إلى القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بغداد، كي يبلغ حكومة طهران بمضمونها، كما استدعت السفير العراقي في طهران للمشاورة.
وأردف السكوتي، أن تلك الإجراءات الدبلوماسية العراقية حملت رسالة إلى إيران بأن تلك الضربات الصاروخية قد تؤدي إلى تدهور العلاقات بين البلدين والتي شهدت تطورا مٌهما خلال السنوات الماضية على مختلف الصٌعد، وتعبر عن حٌسن الجوار.
ويكمل السكوتي، أن العراق تقدم بشكوى إلى مجلس الأمن للاحتجاج على هذه السياسة العدوانية لإيران، وطالب مجلس الأمن بأن يعمل على حفظ الأمن والسلم بين العراق وإيران وفق ميثاق الأمم المتحدة.
وزير الدفاع العراقي: الاتفاقية الأمنية مع إيران قد يتم تعليقها
استراتيجية القوة
وحول المدى الذي يمكن أن تصل إليه تلك الأزمة بين البلدين يقول مدير المركز العراقي، إنه "من المؤكد أن أتباع إيران لاستراتيجية القوة المسلحة والتي تتبعها أذرع الحرس الثوري الإيراني في الشؤون السيادية للعراق وسوريا ولبنان وغيرها، هذا التدخل أدى إلى استخدام القوة ونشر المليشيات المسلحة في العراق وغيرها، والتي يتجاوز عددها أكثر من 34 مليشيا مرتبطة ومتحالفة استراتيجيا بالحرس الثوري وفيلق القدس، كل هذا يؤدي لمواجهات مسلحة تشكل تهديدا للأمن الوطني العراقي، خصوصا عمليات القصف للمقاومة الإسلامية بالعراق وسوريا ولبنان، كل هذا يشكل استراتيجية عبر القوة لإيران وحلفائها في المنطقة".
في المقابل يقول الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور حسين رويوران، الخبير في الشؤون الإيرانية، إن طهران عرضت خلال الفترات السابقة الكثير من جواسيس الموساد الإسرائيلي الذين قاموا بعمليات وتفجيرات وتم القبض عليهم، هؤلاء الجواسيس أقروا للسلطات الإيرانية بأنه تتم عملية إدارتهم عن طريق خلايا في إقليم كردستان العراق ومن أربيل بشكل محدد.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، هؤلاء الجواسيس تم تدريبهم في تلك المناطق، وهنا نقول إنه لا يمكن لإيران أن تتساهل في هذا الأمر، خاصة بعدما حدث من تفجيرات في كرمان والتي قتل فيها أكثر من 100 شخص في عملية إرهابية.
تجاوز الأزمة
وأشار رويوران، إلى أن العلاقات بين العراق وإيران واسعة ومتشعبة للدرجة التي تسمح بتجاوز الأزمة الحالية التي نشأت بعد قصف أربيل، كما أن الحكومة المركزية العراقية تعلم علم اليقين أن إقليم كردستان العراق يتعامل خارج إطار الفيدرالية العراقية، بمعنى أنه يتجاوز سياسة بغداد الخارجية والكثير من الأمور التي تتجاوز صلاحيات الإقليم في التعامل الخارجي.
وزير الخارجية العراقي: الإيرانيون لا يستطيعون مهاجمة إسرائيل فقاموا بقصف أربيل
وأكد الخبير في الشؤون الإيرانية، أن طهران لا تريد تعكير العلاقة مع العراق أبدا وحريصة كل الحرص على ذلك، لكن لا يمكن تجاهل الأمن القومي الإيراني والسيادة.
رسالة للخصوم
وحول الإدانات التي لحقت بتلك الضربة الصاروخية الإيرانية حتى من الموالين لها داخل العراق يقول رويوران، إن "تلك الجهات لا تمتلك المعلومات التي تمتلكها إيران، وبكل تأكيد أن طهران سوف تقدم كل المعلومات اللازمة لبغداد حول الأسباب التي دفعت إلى استهداف هذا المقر في أربيل، وفي تصوري أن تقديم المعلومات والأسباب من جانب إيران للعراق هو واجب أخلاقي".
ولفت الخبير في الشؤون الإيرانية، إلى أن "تلك الضربة الصاروخية هى رسالة أيضا لكل خصومها بأنها تمتلك القدرة على حماية نفسها وأنها ستواجه أي إعتداء عليها، خاصة وأن مدى الصواريخ المستخدمة والتي أطلقت من المحافظات الغربية، هو نفس المدى بين إيران والكيان الصهيوني (إسرائيل)".
تصدير الأزمات
من جانبه نفى الخبير في الشؤون الكردية والعراقية، كفاح محمود، وجود مقرات للموساد في أربيل، وذلك على خلفية الضربات التي وجهها الحرس الثوري الإيراني لأهداف في أربيل أمس الثلاثاء، لافتا إلى أن إيران تصدر أزماتها إلى الخارج وإلى إقليم كردستان بالتحديد لتخفيف الضغط عنها".
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، اتهام الإقليم بأنه يأوي معسكرات أو مقار للموساد الإسرائيلي، هو العصا المهترئة التي يعتمد عليها النظام في إيران بعد كل العمليات العدوانية التي يستهدف فيها إقليم كردستان وحتى عندما تستهدف المعارضين لنظامها السياسي.
وأكد محمود، أن كردستان ليس بحاجة إلى وجود استخبارات إسرائيلية أو حتى خبراء إسرائيليين، لأن بها ما يكفي من الخبراء من كل الدول ضمن التحالف الدولي.
خبير: قصف أربيل جاء بعد مماطلة العراق في مواجهة المجموعات الإرهابية التي تهدد إيران
وأشار الخبير في الشؤون الكردية، إلى أنه وعلى ما يبدو أن طهران فشلت في برنامجها مع إسرائيل، ولكي يغطوا على هذا الفشل الذي اخترق مؤسساتهم الأمنية من قبل الموساد وفي قلب طهران.
إدانات واسعة
وأوضح الخبير في الشؤون الكوردية، أنه بعد العمليات الأخيرة التي قام بها الحرس الثوري الإيراني في أربيل، واستهدفت مواطنين أكراد لا علاقة لهم على الإطلاق بالأمور السياسية، تتعرض العلاقات العراقية الإيرانية إلى انتكاسة كبيرة، خاصة وأن معظم القيادات الحكومية العراقية قد أدانت وبشدة تلك العملية الإيرانية، بل إن الحكومة العراقية ذهبت إلى أبعد من ذلك باستدعاء السفير وتقديم شكوى لمجلس الأمن.
وأكد محمود، أن "العلاقات بين طهران وبغداد تتعرض لهزة ربما تكون هى الأولى من نوعها منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا، وتتدخل العديد من القوى خاصة الموالية لإيران للملمة الأمور وتخفيف وطأة الإدانة للعدوان الإيراني على إقليم كردستان، لذا أعتقد أن تغييرا كبيرا سوف يحدث في العلاقات العراقية الإيرانية، خاصة بعد تصريحات وزير الدفاع العراقي والتي قال فيها، ربما يعيد العراق النظر في الاتفاقية الأمنية بين البلدين".
أعربت الحكومة العراقية، أمس الثلاثاء، عن استنكارها وادانتها للقصف الإيراني على مناطق في محافظة أربيل بإقليم كردستان شمالي البلاد، والذي أدى لوقوع ضحايا مدنيين، مؤكدة أنها ستتخذ جميع الإجراءات القانونية وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن.
وأكدت الخارجية العراقية أن "حكومة جمهورية العراق تعد هذا السلوك عدواناً على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي، وإساءة إلى حسن الجوار وأمن المنطقة وتؤكد بانها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاهه بضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن".
إيران توجه رسالة إلى مجلس الأمن بشأن عملياتها في سوريا والعراق
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، أمس الثلاثاء، قصفه بالصواريخ الباليستية مقرا تابعا للموساد الإسرائيلي في إقليم كردستان العراق.
وأفاد الحرس الثوري الإيراني في بيان: "رداً على شرور الكيان الصهيوني الأخيرة باغتيال قادة الحرس الثوري وجبهة المقاومة، وبعد المتابعة الدقيقة والاستخباراتية على مقرات وتحركات هذا الكيان في المنطقة، قمنا باستهداف مقر تجسس للموساد الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية في إقليم كردستان العراق وتدميره بشكل كامل".
وأضاف: "كان هذا المقر مركزاً لتطوير عمليات التجسس والتخطيط للأعمال الإرهابية في المنطقة وخاصة في إيران".
وتابع البيان: "نؤكد لشعبنا أن العمليات الهجومية لقوات الحرس الثوري الإيراني ستستمر حتى الأخذ بثأر آخر قطرة من دماء شهدائنا".
وفي وقت سابق، مساء الاثنين، هزت انفجارات كبيرة مدينة أربيل، بينما دوت صفارات الإنذار في محيط القنصلية الأمريكية قرب مطار أربيل الدولي.
مناقشة