المحادثات بين بغداد وواشنطن.. هل تخرج القوات الأمريكية من العراق؟

أعلنت الحكومة العراقية، اليوم الأحد، أن "إنهاء مهمة التحالف الدولي هي إحدى فقرات البرنامج الحكومي".
Sputnik
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إن "إنهاء مهمة التحالف الدولي قد بدأ رسميًا، منذ الاجتماع الأول للجنة العسكرية العليا برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني"، مشيرًا إلى أن "انطلاق أعمال اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي، هو حلم كبير جدًا"، حسب وكالة الأنباء العراقية (واع).
وذكر العوادي أن "الحوار بدأ بين قوات التحالف الدولي والحكومة العراقية، حيث أن مشوار نهاية مهمة التحالف في العراق وضع على السكة"، موضحًا أن "رئيس الوزراء قدم تعهدا بأن مهمة التحالف ستنتهي خلال دورة حكومته الحالية وهذا ما سيتم ويتحقق".
الحكومة العراقية: مهمة التحالف الدولي ستنتهي خلال الدورة الحالية
وبيّن المتحدث أن "الحكومات العراقية عندما أعطت تخويلا للتحالف الدولي منذ يونيو/ حزيران عام 2014، وإلى حكومتنا الحالية، فإن جميع الحكومات العراقية المتعاقبة لم تعترف بوجود قوات قتالية على الأراضي العراقية، وإنما كانت تتعامل مع مسمى مستشارين يمثلون قوات التحالف الدولي"، لافتًا إلى أن "جزءًا من تحقيق إنهاء مهمة قوات التحالف هو عدم إبقاء أي قوات على الأراضي العراقية والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون العسكري والأمني".
بداية، يقول المحلل السياسي العراقي، أياد العناز: "ما يحدث الآن في جولة المباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق ليس بجديد، هو امتداد للاتفاقية الأمنية الاستراتيجية التي وقعت، في سنة 2008، وشملت على التعاون في جميع المجالات ومنها العسكري والأمني".

الأوضاع الراهنة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "طبيعة هذه المحادثات الجارية، أنها تأتي في ظل تصاعد واسع في العمليات والهجمات على القواعد والمواقع التابعة للجيش الأمريكي وقوات التحالف الدولية، واستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة، ووجود ظروف خاصة تتمثل في المواجهة العسكرية بين مقاتلي حماس وقوات الاحتلال الإسرائيلي والإبادة الجماعية والقصف الوحشي والاعتقالات التي تستهدف المواطنين الأبرياء في الأراضي الفلسطينية".
وتابع العناز: "جدول المحادثات الحالية أخذ أبعادا متعددة ووضع مراحل زمنية لتنفيذ ما هو قادم، ومنها ما يمكن أن يلاحظ في كيفية التعامل مع أي تهديدات قد تحدث من قبل داعش أو احتمالات القيام بعمليات أو اتباع سلوك ومنهج جديد يُستغل من قبل التنظيم في حال أي تطور في المباحثات بين واشنطن وبغداد، إضافة إلى وجود معايير مهمة تمتد إلى مديات استمرار منهاج التدريب والإعداد للمؤسسات العسكرية والأمنية العراقية، وتحديد الفترات الزمنية التي تساهم في معرفة الآفاق الدقيقة للتطور الميداني الفعلي لهذه التشكيلات".
الحكومة العراقية: متخصصون عسكریون سيتولون إنھاء مھمة التحالف الدولي
وأشار المحلل السياسي إلى أن "تلك المباحثات سوف تستغرق وقتا وستكون هناك العديد من الجولات، وليس هناك فترة معينة لإنهاء أعمالها، بل إنها ستستمر لمدد غير محددة تأخذ بعين الاعتبار الموجبات الحقيقية لثوابت وبنود الاتفاقية الاستراتيجية، وتراعي المصالح والأهداف الأمريكية وسياستها المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، والعراق يعتبر حجر الزاوية الذي تهتم به الإدارة الأمريكية، وستستخدم جميع أدواتها ووسائلها التي تحقق لها غايتها الميدانية".
وأوضح العناز أن "الأوضاع الحالية التي يمر بها العراق وطبيعة الأزمات، هي التي أدت إلى تشكيل وإعداد جدول المباحات الذي سيأخذ بعين الاعتبار الأحداث التي تمر بها المنطقة، لكنها لن تنتهي إلى انسحاب مباشر للقوات الأمريكية".

الاتفاقية الأمنية

بدوره، يقول المحلل السياسي العراقي، عبد الملك الحسيني: "يجب أن نذهب إلى صلب الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، وماهية المبدأ الذي استندت عليه، والمتمثل في حاجة العراق بعد قرار حل الجيش العراقي من قبل الحاكم المدني بول بريمر، عام 2003، إلى بناء قدراته العسكرية والأمنية، لذلك كانت الاتفاقية الأمنية تمثل حاجة ملحة للعراق من جهة والتزامًا أخلاقيًا للولايات المتحدة الأمريكية التي قامت باحتلال العراق من جهة أخرى".
خبير أمني يوضح لـ"سبوتنيك" إلى متى سيظل المستشارون الأمريكيون في العراق
وأضاف الحسيني في حديثه لـ"سبوتنيك": "وفق بنود هذه الاتفاقية، فإن العمليات العسكرية يكون تنفيذها مستندا إلى طلب من قبل الحكومة العراقية، مع وجوب الاحترام الكامل للدستور وقوانين العراق، وأعرافه وتقاليده والقانون الدولي النافذ، ويكون تنفيذ هذه العمليات دون تجاوز لسيادة العراق ومصالحه الوطنية".

المشهد السياسي

وتابع الحسيني: "لابد أن نعترف بأن المشهد السياسي في العراق يعاني من حالة إرباك وتفكك وانقسام وعدم استقرار، وهذا ينعكس سلبا على الواقع الأمني وأن القوات المسلحة العراقية لازالت تحتاج إلى مزيد من الوقت لاستكمال جاهزيتها على الرغم من تصريحات المسؤولين العراقيين بعكس ذلك".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "دلائل المشهد الأمني المتمثل بالخروقات الأمنية المستمرة من قبل العناصر الإرهابية على الرغم من الجهد الاستخباري الكبير الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، إضافة إلى وجود سلاح منفلت خارج نطاق الدولة، ولابد من الإشارة إلى وجود عمليات تهريب للممنوعات والمخدرات وحبوب الهلوسة بشكل مخيف يرتقي إلى مستوى تهديد الأمن القومي للبلاد".
الولايات المتحدة تعلن تحطم إحدى مسيراتها في العراق
ويرى الحسيني أن "الشيء الأهم الذي يجب الإشارة إليه خلافا لما سبق هو انقسام الساسة العراقيين وعدم اتفاقهم على إخراج القوات الأمريكية من البلاد بشكل نهائي، كالسنة الذين كانوا معارضين للاحتلال ثم بعد ذلك أصبحوا راغبين بوجوده، والكرد المتحالفين معه ومازالوا، فهم لا يطالبون بإخراجه بشكل نهائي ولكنهم يؤيدون إيجاد صيغة جديدة للتفاهم تقوم بها الحكومة، على العكس من ذلك نجد الساسة الشيعة هم الوحيدين الذين يطالبون بإخراج كامل للقوات الأمريكية وهذا الأمر نتاج طبيعي لتطورات المشهد السياسي في العراق المرتبط بشكل كامل بقوة تأثير المناخ الإقليمي عليه، وكذلك لغة المصالح المكوناتية التي أقرها الدستور العراقي ما بعد عام 2003".
وأوضح الحسيني أنه "في ظل تمسك الولايات المتحدة وإصرارها على الدفاع عن مصالحها ومكتسباتها وفق اتفاقياتها السابقة مع المعارضة العراقية التي أعطت الضوء الأخضر لاجتياح الجيش الأمريكي للأراضي العراقية، وفي ظل وجود مثل هذا الانقسام حول إخراجها من عدمه، فإن المحصلة ستتجه إلى سلسلة مفاوضات طويلة الأمد بحثًا عن صيغة جديدة للتفاهم للإبقاء على قوات للتدريب والتطوير مع تعهدات من قبل الحكومة العراقية بعدم السماح لأي جهة من استهداف مصالحها في المنطقة من داخل الحدود العراقية".
وأعلنت الحكومة العراقية، أمس السبت، "تفاصيل اجتماع اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لمراجعة مھمة التحالف الدولي لمحاربة داعش".
قائد فيلق القدس الإيراني يحذر الولايات المتحدة: المقاومة العراقية سترد عليكم
وقال مجلس الوزراء العراقي، في بيان له، إن "متخصصين عسكريين سيتولون إنھاء مھمة التحالف الدولي ضد داعش، بعد عقد من بدایة ھذه المھمة، والنجاح الكبير في تحقيقها، بالشراكة مع القوّات الأمنية والعسكرية العراقیة"، حسب وكالة الأنباء العراقية (واع).
وأشار إلى أنه "ستبدأ بعد ھذا الاجتماع أعمال اللجنة العسكرية العليا (HMC) على مستوى ثلاثة مجامیع عمل هي: (مستوى التهديد الذي يمثله تنظيم داعش) و(المتطلبات العملیاتیة والظرفية) و(تعزيز القدرات المتنامية للقوات الأمنية العراقية)".
وثمّن السوداني "دور التحالف الدولي بما قدمه من مساعدة للعراق في حربه ضد عصابات داعش الإرهابية"، معربًا "عن رغبة العراق بالانتقال إلى علاقات ثنائية مع جميع دول التحالف"، وفقا للبيان.
ويوم الخميس الماضي، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنه تم الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية على صياغة جدول زمني لوجود مستشاري التحالف الدولي في البلاد.
ويضم التحالف 86 عضوا، يحتفظ بعضهم بوجود عسكري في العراق، كما تضم ​​الولايات المتحدة سوريا إلى منطقة مسؤوليتها، حيث يوجد، بحسب بعض المصادر، نحو 900 جندي أمريكي، ولم يعلّق البنتاغون على الشائعات بشأن إمكانية انسحابهم.
مناقشة