لم يتبقَ سوى أيام قليلة وتنتهي المهلة التي حددتها منظمة "إيغاد" لعقد لقاء مباشر بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع حميدتي، في الوقت ذاته أعلنت الخرطوم قبل أيام تعليق عضويتها في المنظمة الأفريقية، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول الأدوات أو الإجراءات التي يمكن أن تتخذها "إيغاد" بعد انتهاء المهلة وإمكانية فعاليتها وقدرتها على إيقاف الحرب؟.
بداية يقول، وليد أبوزيد، المحلل السياسي السوداني: "إن الإيغاد فقدت أهم عامل يؤهلها للقيام بدور الوسيط بين الطرفين المتقاتلين وهو عامل الثقة الكافية في مقدرتها على التزام الحياد بينهما".
الثقة المفقودة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "طالما أن الجيش فقد الثقة في الإيغاد فإنه لم يعد لها أي أدوات ذات فعالية في الفترة المقبلة".
و تابع أبوزيد، أنه "بما أن الإيغاد، ومن خلال تجارب كثيرة في القارة الأفريقية، أثبتت أنها منظمة ليس لديها ثقل سياسي أو اقتصادي مؤثر في المنطقه والقارة الأفريقية أو حتى المجتمع الدولي والإقليمي، فمن الأفضل أن يقوم طرفي النزاع بتجاوزها والعودة لمنبر جدة مع دعم مبادرة دول جوار السودان للمنبر.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه قد يحدث اختراق جديد في طبيعة التفاوض، إذا ما نفذت الجزائر وعدها بأن تكون حاضرة في أي طاولة مفاوضات متعلقة بالأزمة السودانية.
استمرار الحرب
في المقابل، يقول سامي الطيب، المحلل السياسي السوداني، إنه "بالنسبة لمهلة الإيغاد التي منحتها لطرفي الصراع في السودان والتي قاربت على الانتهاء والتي فشلت في تحديد لقاء بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع حميدتي، كنا نتوقع فشل منظمة الإيغاد في تحقيق أي خطوات ملموسة لوقف الصراع".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "المجتمع الإقليمي والمحيط الدول اجتهد كثيرا جدا ولأكثر من ثمانية أشهر من أجل إيقاف هذه الحرب، وتنوعت تلك الجهود بين الإيغاد ومنبر جدة ودول الجوار، وبكل أسف كل تلك الجهود باءت بالفشل، نظرا لعدم جدية الجيش السوداني في إيقاف الحرب، وإصراره على استمراريتها".
وتابع الطيب: "من ثوابت استمرارالحرب الدائرة الآن في السودان و منذ اندلاعها، هو تعنت الجيش السوداني الذي لا يرغب في إيقاف الحرب بشكل نهائي وهذا الأمر يعلمه جيدا المحيط الإقليمي والعالم الآن، بعد أن عمل الجيش على إفشال كل المساعي الرامية لوقف الحرب وإحلال السلام"، بحسب قوله.
ضغط دولي
وأشار المحلل السياسي إلى أن ما جرى في منبر جدة هو أكبر مؤشر على أن هذه الحرب لا يمكن أن تضع أوزارها ما لم تتخذ فيها إجراءات أوضح بتضييق الخناق على الحركة الإسلامية وجناحها العسكري الرسمي.
ونوّه الطيب إلى أن منبر جدة دعمته الأقطاب الدولية والإقليمية والعربية مثل السعودية والولايات المتحدة بكل ثقلهم، ورغم ذلك لم يستطيعوا وقف الحرب حتى بشكل مؤقت من أجل توصيل المساعدات لرفع جزء من معاناة الشعب السوداني بسبب تعنت تلك الفئة.
الحرب أو الفوضى
وقال المحلل السياسي إنه "إن كانت القوى الكبرى لم تنجح في وقف الحرب المندلعة منذ أكثر من ثمانية أشهر، من الطبيعي أن تفشل منظمة الإيغاد في تحديد موعد للقاء يجمع بين البرهان وحميدتي، نظرا لما تقوم به قوى الفلول المناصرة للبرهان، التي لا تعرف سوى استمرار الحرب أو الفوضى".
وحول ما يمكن أن تقوم به إيغاد بعد إنتهاء المهلة، يقول الطيب: "منظمة الإيغاد تعلم جيدا مدى تعنت الجيش في التعاطي مع كل ما تطرحه، وهناك مواقف كثيرة طوال أشهر الحرب رفض فيها البرهان التجاوب أو التعاطي مع كل أطروحات أو مبادرات الإيغاد التي كانت تستهدف تخفيف المعاناه عن المدنيين في المقام الأول".
أدوات إيغاد
وطالب الطيب أن يكون هناك ضغوط وتكاتف دولي لوقف الحرب وفرض حظر طيران حفاظا على ما تبقى من المرافق وتقليل الخسائر بين المدنيين، وتوقع أن تدين دول إيغاد بعد انتهاء المهلة، في فبراير/ شباط المقبل، الطرف الذي لا يريد السلام ووقف الحرب.
وفي الوقت نفسه، أن تعمل على تجميع ضغط إقليمي ودولي لفرض حظر الطيران في السودان، لأنه بغير هذا الحظر سوف تذهب أي جهود هباء.
وتكثفت الجهود الدولية الرامية لوقف الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ 10 أشهر، وذلك مع قرب انتهاء مدة الـ14 يومًا التي حددتها القمة الاستثنائية للدول الأعضاء في الهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا "إيغاد"، في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري، لقائدي الجيش عبد الفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" لعقد لقاء مباشر بينهما لوقف الحرب.
يشار إلى أن الحكومة السودانية تعارض اجتماعات "إيغاد"، معتبرةً أنها أقحمت الأزمة السودانية على جدول قمتها الاستثنائية، ووجّهت دعوة لحميدتي، دون التشاور مع الخرطوم.