وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن ولي العهد السعودي كرر رغبة واهتمام السعودية الكبير بالتطبيع، لكنه أكد أن تحقيق ذلك يقتضي شرطين، أولهما إنهاء النزاع في قطاع غزة، وأيضا أن يكون هناك مسار بجدول زمني واضح لإقامة دولة فلسطينية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، الأربعاء الماضي، أنها أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية بأنه "لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة".
وقالت الخارجية السعودية، في بيان لها: "المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية، أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وطرح البعض تساؤلات بشأن تصريحات بن سلمان ووزارة الخارجية حول قضية التطبيع مع إسرائيل، ودلالاتها في هذا التوقيت، وتأثيرها على علاقات الرياض مع واشنطن.
موقف ثابت
أكد الخبير السياسي والاستراتيجي السعودي، الدكتور فواز كاسب العنزي، أن "السعودية ترفض التطبيع مع إسرائيل التزاما بموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وسبق وأن أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في تصريحات سابقة، عدم التطبيع طالما لم يكن هناك دولة فلسطينية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "المملكة لها موقف ثابت تجاه هذه القضية، ومنذ عام 2002، عندما أعلن الملك عبد الله عن المبادرة السعودية، وتبنتها جامعة الدول العربية، بأن يكون هناك اعتراف من جميع الدول، وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين".
وأكد أن "هذا الموقف مستمر في ظل التصعيد الإسرائيلي، وشنّ عمليات عسكرية وحشية في غزة، واستهداف المواطنين والمدنيين والبنى التحتية والمستشفيات، إذ جددت المملكة موقفها من القضية، وأضافت بعض الشروط المتعلقة بهذا الوضع، أبرزها وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإدخال جميع المساعدات الإنسانية".
ومضى قائلا: "هذا الموقف يعكس أن المملكة لا تزايد أو تستثمر على حساب هذه القضية، سواء بشكل سياسي أو اقتصادي كما يفعل البعض، فيما طالبت المملكة أعضاء مجلس الأمن بالاعتراف بالمبادرة السعودية، وهو يصب ويعكس دور المملكة الإيجابي لصالح الدول العربية وفي مقدمتهم فلسطين".
ويرى العنزي أن "أمريكا تحاول أن يكون لها تواجد من خلال إدارة هذه الأزمة في الشرق الأوسط، لا سيما وأنها تضع نوعا من التزايد لمصالحها المرتبطة بإسرائيل، لا سيما مع قرب الانتخابات الأمريكية، وهو جزء من السياسة الخارجية الأمريكية، حيث من المعروف أن واشنطن تجعل تحقيق مصالحها على حساب الأمن القومي العربي".
وشدد فواز كاسب العنزي على أن "المملكة مدركة جيدا هذا التغير الذي تم في المنطقة، وهي تحاول أن تقود الصف العربي وتصفية جميع الملفات، وأبرزها ملف الدولة الفلسطينية التي لن تتنازل المملكة عنه، ولن يكون هناك تقارب أو تطبيع طالما لم يتم الاعتراف وإقامة الدولة الفلسطينية".
تلاعب مرفوض
من جانبه، اعتبر مستشار العلاقات الدولية والمحلل السياسي السعودي، الدكتور سعد الحامد، أن "بيان الخارجية الأخير بشأن المملكة وعدم قيامها بعملية تطبيع مع إسرائيل إلا بعد انتهاء العدوان على قطاع غزة، يؤكد على الموقف الثابت للمملكة منذ سنوات تجاه هذه النقطة".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "المملكة ترى أهمية وجود حل الدولتين كجانب مهم لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والعودة لمقررات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، وحصول الفلسطينيين على دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ركن تنطلق منه المملكة في مواقفها الثابتة، والتي أعلنتها منذ سنوات، وحتى قبل أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
وأكد أن "هذا الموقف يرى بأن التطبيع يجب أن يكون مقابل حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، وإقامة دولتهم المستقلة التي تكفل لهم حقوقهم، وأي محاولات أو تصريحات تتاجر وتتلاعب بموقف المملكة هو مرفوض".
وأشار إلى أن "المسؤولين السعوديين أبلغوا وزير الخارجية الأمريكي بنفس الشيء، ولن يكون هناك أي تطبيع بدون وقف العدوان على غزة، في ظل حجم الدمار والانتهاكات في فلسطين، وتزايد عدد القتلى والمفقودين، وتدمير البنى التحتية، وهو ما لا يمكن معه للسعودية أو أي دولة عربية أخرى إقامة علاقات مع دولة تقتل الفلسطينيين".
وشدد على أن بلاده "ستقف عند موقفها، لا سيما في ظل الحراك الدولي ضد إسرائيل، والضغط الذي يمارس على الحكومة الإسرائيلية، ووجود بوادر لإنهاء الحرب في ظل التحركات الدولية والعربية والإسلامية، إذ بات هناك موقف جامع ينادي بالاعتراف بفلسطين".
وفيما يتعلق بموقف أمريكا، قال الدكتور سعد الحامد، إن "بايدن لا يمكنه الاستمرار في دعم إسرائيل في ظل ضغط المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وكذلك الدول العربية، لا سيما مع قرب الانتخابات الأمريكية".
وتوقع الحامد أن "يكون هناك تحولات كبرى لصالح القضية الفلسطينية، وانفراجة كبيرة تمهد لحقوق الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة وإقامة دولتهم ووقف الانتهاكات الإسرائيلية".
وأشار بيان الخارجية السعودية إلى أن المملكة "تؤكد أن موقفها كان ولا يزال ثابتا تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة".
وكان وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، قد أكد، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن "السعودية تصر على أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن يكون جزءًا من تطبيع أوسع في الشرق الأوسط".