ما دلالات وأسباب تراجع المشاركة في الانتخابات البلدية داخل إسرائيل؟

في خطوة وصفها المراقبون بأنها نتيجة لتداعيات الحرب في قطاع غزة، وإحباط الشارع من أداء حكومة نتنياهو، شهدت الانتخابات المحلية في إسرائيل عزوفًا كبيرًا وضعفًا في المشاركة.
Sputnik
وبحسب القناة 24 الإسرائيلية، سجلت الانتخابات للسلطات المحلية في إسرائيل نسبة إقبال منخفضة على التصويت مقارنة مع عام 2018 حيث صوت 49% حتى إغلاق صناديق الاقتراع، فيما جرى تأجيل الانتخابات إلى نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في البلدات والمدن المتاخمة لقطاع غزة المحاصر، وفي البلدات الشمالية القريبة من لبنان.
مظاهرات إسرائيلية في تل أبيب والقدس تطالب بالإفراج عن المحتجزين وإجراء انتخابات برلمانية
وأكد خبراء أن تراجع نسبة التصويت بهذا الشكل تأتي في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، ومخاوف الإسرائيليين وإحباطهم من حكومة اليمين بقيادة نتنياهو، وكذلك بسبب الخسائر المادية والبشرية التي كلفتها الحرب الدائرة.

انعكاسات الحرب

اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن ما شهدته الانتخابات البلدية في إسرائيل من ضعف للإقبال وتحديدًا في المجتمع اليهودي، هو نتاج للحرب وخسائرها البشرية والمادية، والتي لا تزال دائرة في قطاع غزة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك مخاوف لدى الإسرائيليين من صواريخ المقاومة، حيث لا تزال الحرب مستمرة، ولم يتم الاتفاق على وقف إطلاق نار بعد، إضافة إلى حالة كبيرة من الغضب لدى المواطنين بسبب هذه الحرب وتداعياتها.
وقال إن الشارع الإسرائيلي محبط تماما من الحكومة الإسرائيلية وأدائها ومن نتنياهو وحكومته الفاشية العنصرية، ما انعكس في عدم الرغبة بالمشاركة في الانتخابات والإقبال على صناديق الاقتراع، معتبرًا أن هذا يدل على وضع غير منضبط بالمجتمع اليهودي في إسرائيل.
وأوضح أن مرشحي الائتلاف الحاكم مُني بخسارة كبيرة في مواقع رئاسة البلديات والمدن، وهذه الحالة هي تعبير من الناخب الإسرائيلي عن خيبة أمله في الحكومة الإسرائيلية، ومن حجم الخسائر البشرية والمادية التي أدت لها خوض هذه الحرب في قطاع غزة.
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومتهم ويطالبون بتبادل أسرى مع "حماس" وانتخابات مبكرة
ويرى أن التصويت في الانتخابات البلدية وإن كان محليًا على مستوى المدن، إلا أن تداعيات حرب غزة انعكس عليها بشكل واضح، وأثر على تدني الإقبال من الناخبين الذين يرون بأن الوضع القائم في إسرائيل غير مرضي، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي المقلق.

إحباط الشارع

في السياق، اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن ضعف الإقبال على الانتخابات المحلية في إسرائيل، ناتج عن إحباط الشارع الإسرائيلي من السياسيين والطبقة الحاكمة، وعدم ثقتهم بأن انتخابات المحليات قد تحدث أي تغيير على الواقع الذي يزداد صعوبة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، الناخب في إسرائيل يدخر صوته لجولة الانتخابات السياسية عسى أن يتمكن من تغيير النظام السياسي القائم في انتخابات أخرى قادمة.
وفيما يتعلق بالمجتمعات العربية، قال إنها أكثر إحباطا نتيجة انتشار الجريمة، وعجز المجتمع العربي على مشاركته في هموم الشعب الفلسطيني نتيجة الضغط الأمني الإسرائيلي عليه.
تظاهرات تل أبيب ضد نتنياهو.. ما إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل وسط حرب غزة؟
وأشار إلى أن نتائج الانتخابات المحلية على الرغم من عزوف الشارع الإسرائيلي لا يزال أغلب الفائزين في المحليات ينتمون لليمين الإسرائيلي، وبالتالي يعتبر رغم محدودية المشاركة نجاحا لليمين المتطرف.
ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، بلغت نسبة المشاركة 49.5% فقط، ومن بين المدن الكبرى، حققت مدينة بني براك اليهودية المتشددة أعلى نسبة مشاركة مع 61.5% من المسجلين الذين أدلوا بأصواتهم، تليها أشدود (45.1%)، تل أبيب-يافا (40%)، حيفا (38.7%) والقدس (30.8%).
وتعد هذه النتائج ليست النهائية لأنها لا تشمل بطاقات الاقتراع "ذات المظروف المزدوج" التي أدلى بها السكان الذين لم يتمكنوا من التصويت في مراكز الاقتراع المخصصة لهم، مثل الجنود وجنود الاحتياط، وهو عدد أكبر من المعتاد منذ أن صوتت إسرائيل خلال الحرب في غزة.
ويحقّ للفلسطينيين في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 التصويت في الانتخابات البلدية كمقيمين، ولكن ليس في الانتخابات التشريعية لـ "الكنيست"، التي تقتصر على من يحملون الجنسية الإسرائيلية.
خبير أمني: الهدنة بين حماس وإسرائيل لن تستمر ومواقف أوروبا وواشنطن تحركها الانتخابات
ويقاطع الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة الذين يشكلون نحو 40% من سكان المدينة، الانتخابات البلدية منذ عام 1967.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية ضد قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، تم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وأسفر القصف الإسرائيلي والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، حتى اليوم الإثنين، عن مقتل نحو 30 ألف فلسطيني، كما أصيب أكثر من 70 ألف آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة، جاء ذلك في ظل انهيار المنظومة الصحية وتوقف معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل.
مناقشة