ومع قدوم شهر رمضان، تختفي مظاهر استقباله في قطاع غزة، والتي اعتاد أهالي القطاع عليها خلال الأعوام الماضية، مما دفع بعض الأطفال في رفح جنوب القطاع إلى ابتكار فانوس من بقايا كتبهم المدرسية التي باتت تستخدم لغير الدراسة، فبعد استخدمتها لإشعال النار، وجد الأطفال فيما تبقى منها طريقة لصنع زينة تدخل الفرحة في نفوسهم.
بادر الطفل كمال النجيلي من منطقة تل السلطان غرب رفح جنوب قطاع غزة، إلى صنع فانوس رمضان، من ورق الكتب المدرسية، بمساعدة أخيه الصغير، وذلك لتزين الحارة التي يسكنها، وتوزيع بعضها على الأطفال، ويقول كمال لوكالة "سبوتنيك" عن مبادرته:
"كان أبي في السابق يجلب فانوس وزينة رمضان من السوق، ونضعها في المنزل وخارجه، ولكن اليوم لا توجد هذه الزينة، ولا توجد حتى أدوات صنعها، لذلك بادرت لعملها بأبسط الإمكانيات وباستخدام ورق الكتب المدرسية".
أطفال غزة يصنعون فوانيس رمضان من بقايا كتبهم المدرسية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف كمال: "نصنع الفانوس، من خلال قص الورق بأشكال معينة، ومن ثم نقوم بتثبيته ببعضه وتلوينه، ليصبح فانوس ورقي جميل، نزين به الحارة وندخل الفرحة في نفوس الأطفال".
بهجة في ظل الحرب
كمال استطاع صناعة عدد كبير من الفوانيس بمساعدة أخيه الصغير، فطريقة صنع الفانوس البسيطة، جعلت الأمر سهلاً عليهما، فلا يحتاجان سوى لبعض الأوراق والخيوط والألوان، من أجل صنع فانوس كأنه لوحة فنية، أعُجب بها الأطفال وكذلك أهالي المنطقة، ومن بين أولئك الذين أعجبوا بالفكرة الشاب يزن أحمد، وهو نازح من مدينة غزة، أضطر بسبب الحرب وقصف منزلهم الى النزوح مع عائلته الى رفح جنوب القطاع، ويقول يزن لـ"سبوتنيك" عن مبادرة فانوس الأطفال:
"أنا سعيد بأي فكرة تدخل الفرحة على الأطفال، فهم من حقهم الفرح، وأنا معجب بفكرة الطفل كمال، الذي استطاع صنع فانوس بأقل الإمكانيات، وهذا أمر عظيم من طفل يبادر لصنع فانوس لإدخال البهجة على الأطفال النازحين".
أطفال غزة يصنعون فوانيس رمضان من بقايا كتبهم المدرسية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف يزن: "مع قدوم شهر رمضان، نتمنى توفير فرحة لأطفالنا، وقد كنا في السابق نزين داخل البيت وخارجه، لكن رمضان هذا العام مختلف عن السنوات الماضية، فهناك صعوبة في كل شيء، وما وجدته في مبادرة الفانوس، أننا شعب نحب الحياة، نتمنى أن تتوقف الحرب في أقرب وقت".
ومع دخول الحرب الإسرائيلية على القطاع شهرها السادس، وقدوم شهر رمضان، لا يزال سكان غزة المحاصرون يكابدون الجوع ولا يجدون ما يسد الرمق، وتزداد يومياً حجم المجاعة وقلة الطعام، وقد قالت منظمة "الفاو": "إن 25% من سكان قطاع غزة في مناطق الشمال والوسط في وضع كارثي نتيجة انعدام الغذاء".
وفي السياق، حذرت منظّمة الصحة العالمية من أنَّ عشرات الأطفال يموتون جوعاً في مشافي شمالي قطاع غزة، جراء النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية، وكانت الأمم المتحدة قد أكدت "أنَّ أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة، يواجهون خطر المجاعة، في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع".
أطفال غزة يصنعون فوانيس رمضان من بقايا كتبهم المدرسية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع منذ أكثر من 5 أشهر، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7، من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة، وفي اليوم 157 للحرب على القطاع ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 31,112، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وارتفعت الإصابات إلى 72,760، في حين لا يزال آلاف من الضحايا تحت الأنقاض.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.