ويعاني المواطن الليبي نقص كبير في السيولة النقدية، وارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية بعد التخبط الكبير في سعر الدولار، بالإضافة إلى نقص المحروقات والمتطلبات اليومية.
فالمواطن الليبي أصبح يعاني من ويلات الانقسام السياسي وصراع المناصب والبقاء في انتظار أية بوادر لفرج قريب.
وفي هذا الإطار، يقول المحلل الاقتصادي محمد درميش إن المواطن الليبي يستقبل شهر رمضان كالعادة كل سنة بغض النظر عن الظروف التي يمر بها وهذا راجع إلى ثقافة المجتمع الليبي الذي يفرح ويبتهج بقدوم شهر البركة والخير والبركات والغفران بالرغم من ما يواجه من صعوبات في الحياة العامة ونشوب حروب وتداعياتها وشح السيولة، وغلاء أسعار السلع والخدمات، وتدني مستوى الخدمات العامة في ليبيا.
وتابع درميش، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" أن هذا الأمر راجع إلى انقسام الحكومات ومؤسسات الدولة مما أثر سلبا على أداء الحكومات في القضاء على المشاكل والتخفيف على المواطن بالرغم من نقص السيولة التي يختص بها البنك المركزي، وليس من اختصاص الحكومة.
وتابع: "يتعايش المواطن الليبي مع هذا الظرف الصعبة بالتوكل على الله، بالرغم من التضخم وارتفاع الأسعار الناجم عن سياسة تخفيض قيمة الدينار الليبي والقرارات العشوائية غير المدروسة، وبتكرارها الآن لا تستطيع الدولة الليبية التغلب عليها إلا بتوحيد المؤسسات وخلق تناغم ما بين السياسات الاقتصادية الثلاث المالية والتجارية والنقدية".
عجز الحكومة عن الحلول
ومن جهته، يقول المحلل السياسي إدريس احميد، في تصريحه لـ"سبوتنيك" إن المواطن الليبي يعاني من السياسات الخاطئة وغياب الدولة وعدم وجود خطة لذلك، وعند الحديث عن حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت عن طريق اتفاق جنيف كان من ضمن الشروط المكلفة بها هو إجراء المعالجات الاقتصادية، وهذا الأمر لم يحدث ولستمر الوضع على ما هو عليه واستمر الفساد يضرب أطنابه في ليبيا حتى أصبح المواطن الليبي مهددا بالفقر".
واعتبر احميد أن المواطن الليبي يتجهز لاستقبال شهر رمضان في ليبيا بتأخير المرتبات ونقص حاد في السيولة النقدية، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، ووقف الاعتمادات المصرفي، وكل هذه الأمور انعكست على المواطن في السوق بسبب غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية للدينار الليبي.
وقال إدريس احميد: "ليبيا بحاجة إلى وضع برنامج اقتصادي يبدأ من المواطن بتعزيز ثقافة الاقتصاد وثقافة المستهلك وحماية المنتج، والابتعاد عن عمليات التبذير والإسراف، ولذلك هناك قلة وعي كبير لدى المواطن الليبي فيما يتعلق بشراء المواد الغذائية والسلع وترشيد الاستهلاك".
وأكد أن "الحكومة عاجزة عن وضع برنامج لشهر رمضان وما بعد شهر رمضان، ومن الواضح أنها لا تعمل وليس لديها أي رؤية اقتصادية أو برنامج للتخفيف عن المواطن، حيث أن الحكومة لا تملك أي رؤى وتريد الاستمرار في السلطة".
وأوضح أن المواطن يعاني في ظل قرب شهر رمضان الكريم من نقص كبير في السيولة النقدية، وهذه المشكلة تنذر بخطر انتشار الأموال خارج المصارف بسبب انعدام الثقة بين المودعين والمصارف، وهناك خلاف كبير بين المركزي وحكومة الوحدة الوطنية، وهو ما انعكس سلبا على المواطن الليبي.
واعتبر أن مسألة السيطرة على الأسعار مشكلة من السهل حلها، وقال لا توجد مشكلة وليس لها حل، ويعتقد بأن غياب السياسة الرشيدة والرؤية الاقتصادية الحقيقية، يمكن أن يعالج هذه المشاكل، لأن هناك تضخم وعجز من الدولة في دفع المرتبات، التي تشمل مرتبات التعيينات الزائدة.
وأشار إلى أن التعيينات الزائدة أرهقت الدولة، وكان في الدولة أن تتوجه للقطاع الخاص، ولكن في ذات الوقت القطاع الخاص يحتاج إلى دعم، لأن القطاع الخاص الموجود الآن أصبح يعج بمواضيع غسيل الأموال والشبهات نظرا لغياب الرقابة.
وقال بإمكان الدولة الليبية أن تستقر خاصة وأن عدد السكان قليل جدا مقارنة بدول أخرى، وبإمكان الليبيين أن ينعموا بالاستقرار والاقتصاد والرفاهية والتنعم بالثروات، ولكن الفساد أصبح يلقي تداعياته على البلاد، فليبيا أصبحت تحتل المراتب الأولى في الفساد بالرغم من كونها تمتلك الكثير من الاستثمارات.