وأجمع خبيران، بالقول إن ما أعلنته السلطات المغربية، أمس الجمعة، بشأن تفكيك خلية من 5 أفراد تابعين لتنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا وفي دول عدة)، للاشتباه بتورطهم في التخطيط لعمليات تستهدف منشآت حيوية ومؤسسات أمنية، يحمل العديد من الدلالات.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء، عن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قوله إن العمليات المخطط لها كانت "تهدف إلى المسّ الخطير بالنظام العام"، موضحا أن "أحد أعضاء الخلية خطط لصناعة عبوات ناسفة".
مخاطر عالية
حول دلالات العملية، يقول عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إن "بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي أعلن عن تفكيك خلية إرهابية مكونة من خمسة أشخاص، أوضح أن خطر الإرهاب لا زال مستمرا".
وأضاف اسليمي، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "أسلوب التدخل الاستباقي الأمني المغربي ناجع في تحييد الخطر، خاصة أن الخلية الإرهابية الجديدة تثير بعض الملاحظات، منها انتشار الأعضاء في معاقل جغرافية تقليدية لها علاقة بخلايا سابقة، إضافة إلى مستوى الأعمار من 22 إلى 46 سنة، مثير للانتباه وبات شبيها بأعمار خلايا سابقة فيه مؤشر أمني على طريقة التجنيد، يتمثل في وجود نوع من التباعد بين أجيال المتطرفين".
وتابع: "الخطير في الخلية الإرهابية الجديدة هو وجود عضو له دراية بمجال الإلكترونيات، بمعنى التجنيد الإرهابي بات يطلب بروفايلات تقنية لتنفيذ تفجيرات عن بعد، وهذا نوع من الذئاب المنفردة الذي يمكنه التنفيذ دون وجود خلية مكونة من أعضاء معه".
السياق الإقليمي
موضحا أن "السياق الإقليمي يفسر ظهور هذه الخلايا الإرهابية"، لافتا إلى أن "داعش" يبدو في شكله اللامركزي يجند في محيطه، سواء بالساحل أو أوروبا أو آسيا والشرق الأوسط".
وأشار إلى أن "التنظيم يحاول تقوية تنظيماته اللامركزية، بالبحث عن ضربات كبيرة، يوظفها في الدعاية للعودة بقوة، خاصة أن التحولات الإقليمية أو تحولات النظام الدولي عامة فيها الكثير من الاضطراب الذي يعطي فرصة وجود ممرات للتنظيمات الإرهابية".
ويرى اسليمي أن "فكرة التنفيذ والالتحاق حاضرة بقوة، خاصة أن الخلية الإرهابية المعلن عن القبض عليها، كان أعضاؤها يريدون تنفيذ عمل إرهابي والالتحاق بالتنظيم على شريط منطقة الساحل، بعد أن قاموا بمبايعة الخليفة المزعوم للتنظيم".
العلاقة بين الساحل والمنطقة المغاربية
وتابع: "يبدو أن التنظيم في منطقة الساحل يحاول القيام بعملية كبرى في المنطقة المغاربية، بعد الإعلان عن مقتل أبوحذيفة المشهور بـ"هوغو" أحد قادته، الذي كان مساعدا لأبو الوليد الصحراوي" .
وفق الخبير الأمني، يجب ملاحظة أن "تنظيم "داعش" بات يجند أعضاء مجموعات كل واحدة منها لها قائدها، ويجند ذئابا منفردة، كما أنه يستعمل ما يمكن تسميته بالمستخدمين في الجهاد وهو أسلوب ظهر مع تنظيمات القاعدة في الساحل، وبدأ يستعمله تنظيم خرسان الداعشي في جنوب آسيا وآسيا الوسطى وهو تحول مرتفع المخاطر" .
في الإطار، قال الخبير الأمني المغربي محمد الطيار، إن "المغرب كان هو الآخر ضحية لعمليات إرهابية سواء من تنظيم القاعدة أو "داعش"، كما هو الحال في عام 2003، وتفجير مقهى "أرجانة"، واستهداف بعض السياح على مستوى مراكش في السابق".
سياسة استباقية
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "المغرب اعتمد سياسة استباقية فيما يتعلق بالخلايا الإرهابية، حيث جرى توقيف العديد منها المرتبطة بالتنظيمات في الساحل والصحراء أو في بلاد الشام".
ولفت الطيار إلى أن "المغرب عمل على إصلاحات قانونية لمواكبة التطورات المرتبطة بالعمليات ذات الصلة بالتمويل والجوانب الأخرى".
ولفت إلى أن "الخلية التي جرى توقيفها، يعد أحد عناصرها ذات دراية كبيرة بمجال الإلكترونيات، حيث كان يستعد لصناعة متفجرات دقيقة لاستهداف أماكن حساسة وهو ما يؤكد نجاح الاستراتيجية الاستباقية التي يتبعها المغرب، كما يؤكد أن عناصر الجماعات الإرهابية ما زالت نشطة على مستوى العالم".
وأشار إلى أن "وجود المغرب بالقرب من منطقة الساحل والصحراء، يشكل خطورة إضافية، بالنظر لتزايد نشاط المجموعات على الحدود بين بوركينا فاسو والنيجر، واستقطاب العديد من العناصر".
يشير الخبير الأمني إلى أن "عناصر الخلية الموقوفة التي ينتمي عناصرها إلى مدن تطوان ومرتيل والدار البيضاء، يعني أنها كانت تستهدف الحركة السياحية وتشكل خطورة كبيرة".
وفق البيان الرسمي الصادر عن الجهات المغربية، فإن المعطيات الأولية تظهر أن الموقوفين الخمسة كانوا يعتزمون "تنفيذ مشاريع إرهابية تستهدف منشآت حيوية ومؤسسات أمنية، بالموازاة مع انخراطهم في حملات تحريضية على العنف".