وأظهر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 75% بنهاية الربع الأخير من العام 2023، مقارنة مع 46% بالربع الثالث عشية الحرب في 7 أكتوبر، بينما ارتفعت معدلات البطالة في الضفة الغربية "خلال الربع الرابع من 2023" إلى 32%، مقارنة مع نحو 13% بالربع الثالث من العام الماضي.
وقال الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، إن 5100 حالة اعتقال تم تسجيلها في صفوف العمال، وتشمل العمال المعتقلين من قطاع غزة والضفة الغربية، حيث جرى اعتقالهم من أماكن عملهم في إسرائيل، أو من مراكز الإيواء بالضفة، أو أثناء محاولتهم العودة إلى قطاع غزة.
ويقول محمد بليدي، الأمين العام لاتحاد النقابات الجديدة في فلسطين، لوكالة "سبوتنيك":
"أكثر من 500 ألف عامل خسروا عملهم منذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي، منهم 240 ألف من قطاع غزة، والذين كانوا يعملون في سوق العمل الإسرائيلي وتوقفوا عن العمل بشكل كامل، وأكثر من 235 ألف عامل من الضفة الغربية كانوا يعملون أيضاً داخل إسرائيل، وفي الضفة الغربية هناك وضع صعب للغاية فقرابة 100 ألف عامل فقدوا وظائفهم بسوق العمل الفلسطيني نتيجة تراجع المستوى الاقتصادي والمعيشي، وتقدر خسائر العمال الشهرية بمليار و350 مليون شيكل، حوالي (367 مليون دولار)".
ويضيف: "هذه النسب لها تداعيات خطيرة، خاصة أنّ
ظروف العمال صعبة للغاية، وبسبب سوء الوضع المعيشي، يضطر البعض للدخول إلى إسرائيل بدون تصاريح، عن طريق صاحب العمل الإسرائيلي، أو بطرق أخرى وهذه مخاطرة كبيرة جدا، وتعرض العمال للخطر، وعادة يتم اعتقالهم والتنكيل بهم".
وفي الضفة الغربية يواجه العمال ظروفاً صعبة للغاية، ويحاولون إيجاد فرصة عمل توفر قوت يومهم، ويحاول الشاب سلام عودة من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، تأمين مصدر رزق.
ويضيف: "أقف لساعات طويلة خلال النهار، لعلي أستطيع تأمين شيء لعائلتي المكونة من 8 أفراد، بينهم طلبة جامعيون، لقد أنفقت كل ما أملك خلال الفترة الماضية، ولم يبقى أمامي سوى هذه البسطة، بالرغم من أن الأسواق ضعيفة، وفي أفضل الأحوال أحصل يومياً من هذه البسطة مبلغ 20 شيكل والحمد لله، (نحو 5.5 دولار)"، وهذا المشروع لا يكفي سوى لتأمين الخبز اليومي لعائلتي، لكنه أفضل من الجلوس في البيت أو في المقاهي في انتظار الحل".
ويتجمع الشبان الذين خسروا عملهم جراء الحرب، أمام المحلات التجارية وفي الأسواق أو في المقاهي لتمضية الوقت أو تبادل الهموم والمشاكل فيما بينهم، لعل الكلام يخفف عما يعانونه، ويأمل الشاب علي أبو سعدية العودة إلى عمله في البناء بعد انتظاره الطويل.
ويقول: "ننتظر رحمة ربنا، نكاد نفقد الأمل بسبب ما نراكمه من معاناة خلال 8 أشهر، ولا يوجد حل لنا سوى العودة للعمل، ونخاف أن يبقى الوضع بهذا السوء أو يزداد مع استمرار الحرب وحصار الضفة الغربية وإغلاق سوق العمل، ونحن العمال لا يوجد من يساعدنا ربما لأن العدد كبير فالكل يعاني، وليس العمال الذين فقدوا عملهم في إسرائيل يعانون لوحدهم، فعمال الضفة يعانون بشكل كبير".
ويئن اقتصاد الضفة الغربية تحت وطأة الحرب على قطاع غزة، وقد توقفت القنوات الثلاثة الرئيسية التي كانت تغذي الاقتصاد الفلسطيني، ومنذ السابع من أكتوبر الماضي 2023، أغلُق الباب أمام العمال الذين كانوا يعملون داخل إسرائيل ويغذوا الاقتصاد الفلسطيني شهرياً بقرابة مليار ونصف شيكل ( 420 ميلون دولار)، ومنذ بداية الحرب على القطاع توقفت التدفقات النقدية القادمة من سكان إسرائيل من العرب، نتيجة القيود على الحواجز الإسرائيلية، والذين كانوا يشترون من السوق الفلسطيني، ويغذوا السوق شهرياً بقرابة 1.4 مليار شيكل (390 مليون دولار)، ومع إصرار الحكومة الإسرائيلية على حجز أموال الضرائب الفلسطينية التي ترتبط بالبضائع التي تصل من خلال المعابر الاسرائيلية، والتي تقدر شهرياً بقرابة 750 ميلون شيكل (208 ملايين دولار)، فإنها تدفع الضفة الغربية إلى ضائقة اقتصادية قد تفتح الباب على مصراعيه لانفجار كبير.
وتسيطر إسرائيل على حدود الضفة الغربية، وتتحكم في مواردها، وتقوم بجمع الضرائب على المنتجات الفلسطينية، وقد أعلنت منظمة العمل الدولية فقدان "32% من الوظائف" في الضفة الغربية، كما سحبت إسرائيل عقب اندلاع الحرب 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتركتهم دون دخل، فضلاً عن حجز أموال الضرائب الفلسطينية، وتوقف المساعدات المالية من الدول المانحة لفلسطين.
وتواصل إسرائيل حربها، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 36.050 فلسطينيا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 81.026 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وفي 7 أكتوبر الماضي 2023، شنّ مقاتلون من من حركة "حماس" هجوماً على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقاً لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتو، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.