وكانت هذه المصانع على قدر كبير من الكفاءة، وتنوعت الصناعات، التي قضت بشكل كبير على البطالة ووفرت مجالات عمل للقوى العاملة في البلاد، ثم تتالت الكثير من الأزمات التي طالت قطاع الصناعة والتجارة في ليبيا، فأدى ذلك إلى تفشي البطالة وتعسر الكثير من الشركات والمصانع المحلية.
وحول التطورات في حركة التجارة والاقتصاد في ليبيا، أجرت "سبوتنيك" حوارا خاصا مع رئيس مجلس أصحاب الأعمال الليبي رشيد صوان.
إلى نص الحوار:
كيف يعمل رجال الأعمال في ليبيا في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها من أزمات متتالية ونقص في السيولة وعدم استقرار أسعار الصرف؟
الأزمات في هذا المجال ليست جديدة على رجال الأعمال في ليبيا فمنذ عام 1978 أغلقت التجارة وتعسرت الأمور، ثم فتحت في نهاية التسعينات، وبالتالي حدث هناك تخبط في هذا المجال.
ويمكن تسمية من يعملون في ليبيا تجارا وليس رجال أعمال، لأن التاجر يقوم باستيراد السلعة بدولار، ثم يقوم ببيعها بدولار وربع أي أنه لا يضيف الكثير على السلعة، بينما رجال الأعمال يقومون باستيراد السلع بقيمة دولار مثلا، ثم يقوم بتغليفها لبيعها بقيمة مضاعفة لسعرها.
هذا التخبط ليس بجديد، مع العلم بأن رجل الأعمال الليبي مكافح ويستطيع التأقلم مع كل الظروف، خاصة في ظل غياب قوانين العمل التي تحمي العاملين بالمؤسسة التابعة لرجل الأعمال، وعند حدوث أي طارئ أو أزمة لرجل الأعمال يقوم بإغلاق شركته وفصل الموظفين بالكامل ولا يوجد أي قانون يمنع ذلك، وكل المتغيرات تؤثر سلبا على المواطن، وخاصة ارتفاع الأسعار، حيث يقوم برفع السعر على الفور والعكس صحيح.
ماذا عن نقص السيولة وضيق المعاملات النقدية؟
مسألة شح السيولة في البنوك المصرفية لا تؤثر على رجل الأعمال، حيث يقوم بقبول التحويلات مع ضمان فرق الأسعار، ودائما ما يضع رجال الأعمال المسؤولية على المواطنين في كل الأمور من ارتفاع الأسعار التخبط والاغلاقات وغيرها من الأمور.
ما هي المعوقات التي تواجه رجال الأعمال؟
أبرز المعوقات هي عدم الاستقرار النقدي وهذا الأمر اعتاد عليه رجال الأعمال، والقرارات الارتجالية التي تصدر عن أي مؤسسة دون دراسة هي التي تؤثر عليهم، لكن بشكل محدود ويمكن التأقلم معها.
هل هناك رؤى معينة لرجال الأعمال بعد تدهور الوضع الاقتصادي في ليبيا؟
أغلب الرؤى لدى رجال الأعمال تدور حول نقل أعماله خارج ليبيا، ولكن لا توجد رؤية داخلية في ظل تردي الأوضاع، لأن رأس المال جبان يهرب عند الشعور بالخطر وهذا الأمر لا يقتصر على رجال الأعمال الليبيون، فقد يكون الهروب في نقل أصول أو استثمارات عقارية للخارج أو ذهب، وربما سيحدث هذا الهروب في رأس المال من ليبيا في السنوات المُقبلة بشكل كبير.
كيف ترى حال الصناعة في ليبيا، وهل لا تزال ليبيا تعتمد على الواردات؟
لا زالت ليبيا دولة في بداية النهضة الصناعية، وما يوجد في ليبيا هو إعادة تعبئة وتغليف، ولكنه يسير بخطى جيدة وتشهد تطورا ملحوظا خاصة في الصناعات الغذائية، والسلع الأساسية التي يستهلكها المواطن، وهذا الأمر يمس الأمن القومي، وأي نقص فيها يؤثر على أمن البلاد، ولنا في دول الجوار مثال، فعندما حدث نقص هذه السلع بها تسبب في أزمات ومشاكل كبيرة، وهذا الأمر لم يحدث في ليبيا.
وما عدا ذلك، فلا توجد صناعات تذكر في ليبيا، خاصة في المواد الكهربائية وقطع الغيار والملابس وغيرها، حيث تعتمد كلها على التوريد، فكل سلعة تعتمد على التجار لن تنهض في ليبيا، لأن التجار يتحكمون في السوق ويقومون بالتوريد وإضافة قيم كبيرة على السلع الموردة.
كيف يمكن النهوض بالصناعة المحلية في ليبيا؟
تعتمد هذه النقطة على فرض الجمارك على كل السلع الموردة، وذلك من أجل حماية المنتج المحلي، فكل الدول تقوم بفرض ضرائب جمركية على السلع الموردة من أجل حماية اقتصادها والنهوض بالصناعات المحلية ودعمها، ولا يسري ذلك على المنتجات الغير مصنعة في ليبيا.
وعلى سبيل المثال وذلك لعدم وجود مصانع للملابس في ليبيا، تمنع الضريبة الجمركية على هذا المنتج والمنتجات الغير مصنوعة في ليبيا، ولن يتحقق ذلك إلا في وجود ضوابط حقيقية تتمثل في حماية جادة من الدولة، حتى يتم دعم الصناعات المحلية الناشئة الجديدة في السوق، لأن أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأمس الحاجة للدعم لأن مشروعاتهم أصبحت العمود الفقري لاقتصاد أي دولة، وهذا الأمر لم يطبق في ليبيا.
هل ترى أن المشروعات الصغيرة بداية حقيقية في عالم الأعمال؟
أفضل المشروعات العاملة في ليبيا هي المشروعات الصغيرة، بسبب افتقار ليبيا لمثل هذه المشروعات، ومنها ورش النجارة والسباكة وغيرها، وللنجاح في هذه المشروعات يجب تأهيل وتطوير الأفراد وأفكارهم وتكثيف التدريب المهني، حتى يتم تبنيها في الخدمات والإنتاج، ويجب أن تبدأ بتطوير الأفراد، فمن الصعب أن يتم دعم أشخاص غير مؤهلين لهذه المشروعات.
هل هناك تنسيق بين مجلس أصحاب الأعمال ومؤسسات الدولة للنهوض بعالم الأعمال في ليبيا؟
هناك تقصير من قِبل رجال الأعمال تجاه مؤسسات الدولة بسبب انشغال رجال الأعمال بأعمالهم، بالإضافة إلى عتبهم على الدولة بعدم اهتمامها بهم.
ويجب أن يفرض رجل الأعمال نفسه على الدولة والمجتمع، وهناك تقارب كبير، وأفكار بغض النظر عن تنفيذها من عدمه، فالمهم أن تستمع الحكومة لرجال الأعمال وهناك تجاوب غير مسبوق.
هل أثر الانقسام السياسي على الوضع الاقتصادي ووضع رجال الأعمال بشكل خاص؟
الانقسام السياسي لم يؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في ليبيا، ولكنه أثر على المعاملات المالية ومنها مسألة المقاصة والسيولة النقدية ومشاكلها، ولكن كعلاقة رجال الأعمال والاستثمار بباقي المدن، فلم يحدث تأثير، حيث تنساب السلع لكل المدن في كل المناطق في ليبيا.
رئيس مجلس أصحاب الأعمال الليبي رشيد صوان
© Sputnik . MAHER ALSHAERY
ما الذي ينقص رجال الأعمال في ليبيا؟
ما ينقص رجال الأعمال هو ما يحتاجه المواطن وهو الأمان لخلق بيئة اقتصادية جيدة، أما غير ذلك من الصعاب فيمكن تذليلها أمام رجال الأعمال.
ويجب أن يكون رجل الأعمال مكافح ومجاهد خاصة في ليبيا بسبب التجارب الصعبة التي مروا بها، وهناك من قاموا ببناء مصانع في ظل الحروب والمشاكل، ووضعوا لمسة حقيقية في البلاد، وقاموا بتوفير خدمة لمجموعة كبيرة من العمالة المحلية.
ليبيا دولة متخبطة في القرارات منذ سنوات طويلة، والعمل موجود وعندما تستقر ليبيا سوف يكون لديها قوة اقتصادية كبيرة.
وحتى هذه اللحظة لا يوجد تواصل بين رجال الأعمال الليبيين والروسيين، ونعرف جيدا أن روسيا لديها صناعات قوية، وتعتبر من أقوى الصناعات ونأمل أن يتم التعاون في نقل التكنولوجيا المتقدمة، ونأمل أن يتم تأسيس مجلس رجال أعمال "ليبي روسي" لنقل الأفكار بين البلدين.