هل يدفع الشباب في ليبيا ثمن الصراعات السياسية والعسكرية؟

غياب كبير لمشاريع التنمية الشبابية في ظل طمس كبير للشباب في وجود نهضة جزئية ومشاريع تنمية تشهدها بعض المدن الليبية.
Sputnik
غابت مشاريع الإسكان الشبابي في ليبيا منذ عقود، واستبعد الشباب من المناصب الرسمية والسيادية في الدولة في غياب واضح للدور الشبابي الذي تعول عليه أغلب الدول في العالم.
ما هي التداعيات المحتملة لحراك شباب الجنوب في ليبيا المطالب بالإصلاحات
غياب واضح
يرى المحلل السياسي محمد محفوظ ، أن "هناك عدة أسباب في غياب الدولة لدعم الشباب على الرغم من أنهم يشكلون الكتلة الأكبر في عدد سكان ليبيا في حالة عدم انخراط فعال في المشاركة السياسية والمشاركة الاقتصادية، ودائما ما هناك حالة سلبية وعدم اجتماع على رأي واحد يجدي نتيجة، وهذا الأمر سبب غياب صوت حقيقي وفعال لفئة الشباب مما جعلها دائما تابعة للفئة العمرية الأكبر سنا، وغياب صوت إرادة حقيقية ينبثق عن هذه الفئة".
وتابع محفوظ في تصريحه لـ "سبوتنيك" أن "السبب الآخر يعود لحالة الانقسام التي تعيشها البلاد"، مؤكدا ما يحتاجه الشباب هو صقل وتنشئة حقيقية، ولكن هذه الخطوة لن تتحقق في ظل الفوضى الاقتصادية والأمنية والعسكرية.
وقال "الاهتمام بفئة الشباب والبحث عن دور أكثر فاعلية وإشراكهم في تولي الملفات الهامة يحتاج لخطة دولة تؤمن بالشباب وبقدراتهم، وتؤمن بأن بقاء الدولة يعتمد على تجديد الروح الشبابية في الدولة وهذا الأمر موجود في ظل وجود ساسة يتصارعون لا يهمهم سوى البقاء في مناصبهم وهم كبار في السن".
وأوضح بأن الأغلبية ترى الحديث عن صقل الشباب أمر غير مهم، لذلك أن الحلول فيما يتعلق بملفات الشباب تتوقف على استقرار سياسي البلاد، متى ما حدث هذا الاستقرار السياسي سوف ينتج عنه حالة استقرار في جميع المجالات، يمكن بعدها الحديث عن نجاح كبير في إدارة هذا الملف.
بعد غياب 14 عاما... ليبيا تحصل على عضوية مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب
غياب الوعي والإدراك بالدور الشبابي
من جانبه قال المحلل السياسي محمد قشوط لـ "سبوتنيك"، إن "المشكل الحقيقي يكمن في عقلية الدولة الليبية ومسؤوليها على مدار عشرات السنوات وبالأخص بعد عام 2011، لم يكن هناك تفكير وتخطيط حول كيفية الاهتمام بفئة الشباب والإستثمار فيها، وغاب الوعي والإدراك بأن هذه الطاقات التي باتت تمثل أكثر من 60‎%‎ في تركيبة المجتمع الليبي، وقد تمثل مورد قوي للدولة والاعتماد عليها قد يفتح الآفاق على تطوير عدة مجالات تعود بالنفع على المجتمع بأكمله".
وحول غياب خطط الاهتمام بالشباب رجح قشوط بأن السبب قد يكون في الخوف على مراكز القرار، ودفة القيادة التي قد تنتزع من بعض المسؤولين الذين استهلكوا ولم يعد لديهم ما يقدمونه على يد قيادات شبابية قد يكون فيها الأمل لتدعيم صفوف الدولة مستقبلاً.
وأكد أن إهمال القدرات التي يمتلكها الشباب ومحاولة قفل الأبواب أمامهم للإستفادة مما يملكونه من طاقات وحصر تواجدهم فقط في أجهزة الشرطة والجيش في ظل الانقسام السياسي، والاستقطاب الحاد وتدخل الدولي الذي تعاني منه ليبيا ستدفع الشباب للانحراف نحو الجريمة بل ستجعل من إمكانيات استغلال ضعفهم وقلة وعيهم للانضمام التنظيمات الإرهابية فيصبح الشباب الذي نعلق عليه الأمال يتحول إلى أداة للقتل وتخريب وتدمير للمجتمع.
وأردف قائلا "بأنه من الكبائر التي ارتكبتها الأطراف السياسية التي تغذي وتدعم الحروب في ليبيا خدمة أجندتها هي تجنيد الشباب وتغرز بهم شعارات لتحويلهم إلى أدوات يخدمون بها مصالحهم على حساب أرواح وأطراف أجساد الشباب الذين وجدوا فيها ضالتهم لتحريكها في كل مرحلة والزج بهم في حروب سيبكون على إثرها بعد سنوات لأنها أضاعت شباب كان بالإمكان الاستثمار فيهم ودعمهم ليكونوا قادة فاعلين في المجتمع".
هشاشة الوضع السياسي في ليبيا تؤثر سلبا على ملف الاستثمارات الخارجية
تفعيل الخطط الداعمة للشباب
ومن جهته أكد المحلل السياسي ابراهيم المقصبي، أن الخطط والبرامج والقوانين الداعمة للشباب موجودة ولكن طبيعة المراحل الانتقالية وما يصاحبها من فوضى وانقسام مؤسسي، بالإضافة إلى غياب الإرادة السياسية جعلت من ملف دعم الشباب والفئات الضعيفة في آخر الملفات.
وتابع المقصبي في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أنه "دون أدنى شك في ظل غياب الإرادة السياسية والاهتمام الرسمي من مؤسسات الدولة وتردي الأوضاع الاقتصادية ومستويات البطالة المرتفعة سيقع الشباب فريسة سهلة لأي مشاريع غير وطنية توفر لهم الأموال او فرص العمل وهذا ما ترجمته السنوات الفائتة في ارتفاع معدلات الجريمة والهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى استقطاب التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية لأعداد كبيرة منهم".
وقال: إن "ليبيا تصنف بأنها من المجتمعات الفتية حيث يشكل الشباب نسبة مرتفعة من عدد السكان فيها، وأنهم يشكلون قوة كبيرة يجب أن تستثمر في الاتجاه الصحيح، وهذا لن يتأتى إلا بعد إفساح المجال للقطاع الخاص والأهلي القادر على طرح فرص عمل لأعداد كبيرة منهم".
ويرى بأن استبعاد الشباب أمر غير مقصود لمجرد كونهم شريحة عمرية، فهناك العديد من المناصب المهمة التي يتقلدها شباب، ولكن الحديث هنا يتعلق بالقدرة والكفاءة والتأهيل وهذا بحاجة إلى برامج تدريبية مأطرة ومستدامة، وهذا ما يقف عائق أمام توظيف الشباب في المناصب العليا للدولة".
وشدد على ضرورة تفعيل القوانين والخطط والبرامج الداعمة للشباب، وفتح المجال العام وإشاعة مناخ ديمقراطي يسمح لشريحة الشباب بالتعبير عن تطلعاتهم، بالإضافة إلى إفساح المجال أمام القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي لخلق فرص عمل جديدة تستوعب الشباب، مع ضرورة تغيير النمط الاقتصادي الأبوي الذي تنتهجه الدولة، وانتهاج استراتيجية توعوية واعلامية تواكب الخطوات سابقة الذكر.
مناقشة