في ظل الانقسام ... ما إمكانية تطبيق "نظام الكفيل" في ليبيا

أثار حديث وزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية علي العابد، عن ضرورة تطبيق "نظام الكفيل" في بلاده، ردود فعل متباينة ومخاوف لدى العمالة المتواجدة على الأراضي الليبية.
Sputnik
وقال الوزير، في وقت سابق، لوسائل إعلام، إن اعتماد نظام الكفيل يستهدف حصر العمالة الوافدة في البلاد.
في الإطار، قال البرلماني عبد المنعم حسن، عضو مجلس النواب الليبي، إن قانون الكفيل الذي تحدث عنه وزير العمل، سبق العمل به في ليبيا.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن القانون معمول به في دول الخليج، لكن في ليبيا يصعب تطبيقه في الوقت الراهن، وربما يريد وزير العمل من خلاله تنظيم عمليات دخول العمالة، والسيطرة على عمليات الهجرة غير الشرعية.
واستبعد البرلماني الليبي تطبيق القانون في الوقت الراهن في ليبيا لأسباب عدة، منها الانقسام الحاصل في البلاد، وكذلك الحدود التي تربط ليبيا مع 6 دول مجاورة، وموجات الهجرة غير الشرعية الكبيرة من أجل الوصول إلى أوروبا.
وزير الهجرة الليبي: نسعى لإلغاء مراكز الإيواء.. والجيش حقق الاستقرار والأمن على طول السواحل
في الإطار، قالت فاطمة الحسوني، الناشطة الحقوقية والقانونية، إن الوزارة لم توضح آلية العمل بـ"نظام الكفيل"، ما إن كانت هي نفسها المتبعة في دول الخليج أو ستكون مشروطة ببنود معينة.
وأضافت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن نظام الكفيل إلى تنظيم العلاقة بين العامل الوافد وصاحب العمل، من خلال وساطة مكتب الاستقدام، حيث يقرر النظام أن العامل لحظة وصوله إلى بلاد الكفيل ويصبح ملتزما بالعمل لدى كفيله وفق بنود العمل.
وأوضحت أنه لا يحق للعامل الانتقال للعمل لدى غير الكفيل إلا بإعارته مدة محددة، أو بنقل كفالته، كما أن صاحب العمل يعد مسؤولا عن المكفول اجتماعيا وأمنيا ووظيفيا.
ولفتت إلى أن أغلب معاملات المكفول مع الجهات الحكومية تكون عبر الكفيل، كما يحتفظ الكفيل بجواز سفر العامل، ولا يجوز أن يغادر البلاد إلا بأذنه.
ويثير هذا النظام مخاوف من استغلال أصحاب الشركات الخاصة المعتمدة له للاغتناء والحصول على العمولات من المهاجرين مقابل تسوية أوضاعهم في ظل الظروف الحاليّة، خاصة في استباحة الحدود وتنامي ظاهرة تهريب البشر.
_ ومضت بقولها: "تعد السعودية إحدى أهم الدول التي كانت تتبع نظام الكفيل قبل أن تلغيه مؤخرا وتستبدله بآلية عقد العمل المنظم بين صاحب العمل والعامل الوافد، بهدف تحسين العلاقة التعاقدية فيما بعد، وذلك في إطار سلسة الإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدتها في ضوء رؤية 2030.
هل تفرض واشنطن أجندتها على "البعثة الأممية" في ليبيا؟
وأقرت السعودية عام2021، عدة إصلاحات في هذا النظام تسمح للوافد أو العامل الأجنبي بحرية الخروج والعودة، بل والخروج النهائي والاستقدام دون موافقة صاحب العمل، أو جهة العمل، كما سيكون له حرية التنقل داخل المملكة.
وأشارت إلى أن حكومة الوحدة الوطنية منذ توليها زمام الأمور وفي إطار سعيها لإعادة الإعمار، وقّعت مع دول شقيقة وصديقة عدة اتفاقيات لاستجلاب العديد من العمالة، دون التخطيط مسبقاً لكيفية تنظيم إيوائهم وإقامتهم وتنقلهم، وتصاريح دخولهم وخروجهم، وما إلى ذلك من إجراءات.
وختمت بقولها: "لم نر بعد أي إجراءات وضوابط تنظم مثل هذا العدد الضخم من العمالة".
وقال وزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية (طرابلس) في ليبيا، علي العابد، إن اعتماد نظام الكفيل يستهدف حصر العمالة الوافدة في البلاد.
وفقا لتصريحات لوسائل إعلام، فإن أسباب اعتماد النظام تتمثل في المساحة الشاسعة لليبيا، وصعوبة حصر العمالة الأجنبية في ظل الوضع الراهن.
ولفت الوزير إلى أن النظام الذي تحدث بشأنه يختلف عن المعمول به في دول الخليج، وأن تطبيقه في ليبيا ممكن عبر شركات العمالة من اجل توقيع العقود وإصدار الإقامات والتأمين الصحي.
وأشار الوزير إلى أن الجانب الأوروبي يتشاور معهم بشأن عمليات حصر العمالة، منوّها للأضرار الناجمة عن عدم التطبيق التي ينتج عنها إحصاءات عشوائية.
وتخشى العمالة الأجنبية في ليبيا تطبيق القانون، خاصة في ظل انتهاء مدة الإقامة لعدد كبير منهم، لكنهم يوجدون منذ سنوات في العديد من المدن الليبية، دون عقود عمل.
توجد أعداد كبيرة من العمالة المصرية والمغربية والتونسية في ليبيا، لكنها تراجعت في السنوات الأخيرة بسبب الانقسام والصراع والعمليات المسلحة بين الحين والآخر، لكن الآلاف من المهاجرين غير الشرعين من الدول الأفريقية يقصدون ليبيا كبلد عبور نحو الجانب الأوروبي.
في حوار سابق مع "سبوتنيك"، قال وزير الهجرة في الحكومة المكلفة من البرلمان، فتحي التباوي: "نحن نعمل على استراتيجية واضحة، بحيث تسعى الحكومة الليبية عبر الوزارة لإلغاء مراكز الإيواء عبر تعديل بعض القوانين منها قانون العمل وقانون الإقامة، حيث يمكن ألا نكون في حاجة لهذه المراكز في المستقبل".
في غياب البرلمان.. هل تتجه البعثة الأممية في ليبيا إلى إقرار خارطة طريق جديدة؟
وأضاف: "الوضع الحالي داخل مراكز الإيواء هو بمستوى جيد، وتقوم البعثات المنظمات بزيارتها بشكل دوري، دون رصد أي مخالفات تتعلق بحقوق الإنسان أو مستوى المراكز، التي تتفوق على نظيرتها في الدول الأوروبية".
واستطرد: "في المراكز التي نشرف عليها تتواجد المستشفيات وملاعب الكرة، وأقسام خاصة بروضة الأطفال، والرعاية الصحية، لكن في النهاية تظل مراكز الإيواء فيها حبس لحرية الإنسان، لذلك نحن نفكر في مصالحة عامة، تهدف لإبقاء من دخل إلى ليبيا بشكل قانوني، وإعادة من دخل بشكل غير قانوني إلى بلده بآلية طوعية".
وكان من المقرر أن تجرى أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، لكن خلافات سياسية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، فضلا عن خلافات حول قانون الانتخابات حالت دون إجرائها، فيما سعت البعثة الأممية لاستئناف العملية عبر تشكيل طاولة خماسية فشلت هي الأخرى، في ظل مساعي جديدة لتشكيل لجنة من البرلمان والأعلى للدولة والعسكريين للتوافق على خارطة طريق جديدة.
مناقشة