يقول المحلل والأكاديمي الليبي، محمود إسماعيل الرملي، إن انتخابات المجالس البلدية هي بداية في خط طويل، ومن جهة فإنها تجرى على أساس قانون (20) لسنة 2023، الذي يتضمن نقل صلاحية ما يتعلق بإجراء انتخابات المجالس البلدية، ومن ناحية أخرى ينظر إلى أهميتها بأن المفوضية أوضحت أن إجراء هذه الانتخابات سيكون على مرحلتين المرحلة الأولى تتضمن 60 بلدية، ومن بعد فترة قد تصل إلى أغسطس/ آب تنتخب بقية البلديات والذي يبلغ عددها 106 بلديات.
تحديات كثيرة
وتابع الرملي في تصريحه لـ"سبوتنيك"، "تأتي أهمية ذلك باعتبارها قامت بتحريك من الماء الراكد فيما يتعلق بملف الدولة الانتخابي الذي غابت عنه الانتخابات لمدة طويلة".
ويرى أن هناك اشكاليات كبيرة منها تعدد الحكومات والمشرفين بين الشرق والغرب والجنوب تحظى بجانب كبير من التجاذبات.
وأضاف أنه إذا كانت المفوضية قادة على إجراء انتخابات المجالس البلدية لماذا لا تسعى لإجراء الانتخابات البرلمانية يتم فيها الرجوع للشعب وأخذ رأيهم فيمن يمثله ويحكمه، لأن ليبيا تمر مرحلة أزمة تشريعية في المؤسسات الحالية، وأزمة شرعية للمؤسسات للمؤسسات القائمة التي اصبحت جزء من الأمر الواقع سواء كان برلمان أو مجلس الدولة أو الرئاسي أو حكومات تتصارع دون أن تكون لها شرعية.
وتابع: "المجتمع والعالم يرى بأن العملية السياسية ملك لليبيين، ولكن الواقع يقول لأن ملكيتها لليبيين لم يتم العمل على تحديدها أو أخذ رأيهم فيمن يحكمهم، فمن زاوية ينظر بأن هذه الانتخابات ترجع الأمور إلى نصابها ومن ناحية أخرى هناك مخاوف من إجرائها".
وأردف الرملي: "من ضمن الأمور الرئيسية بأن البعض يرى بأنها نوع من الإلهاء أو الابتعاد عن تفكير الناس في إمكانية أن تجرى انتخابات برلمانية أولا ثم انتخابات جزئية، لأن بإجراء الانتخابات البلدية مع أهميتها هو الهاء الناس على الملف الرئيسي ألا وهو التغيير الجذري فيما يتعلق بمصير البلد ألا وهو برلمان من غرفتين وانتخابات رئاسية ودستور يمكن الرجوع والاحتكام إليه".
تعديل القوانين
وأوضح، إذا كانت مشكلة إجراء الانتخابات هي تعديل القوانين يجب أن يتم تعديلها وإجراؤها، ولكن التلكؤ مصدره هو الدول في مساعدة ليبيا للخروج من الأزمة، والعمل على توظيف الأزمة السياسية لصالح دول كل تلك عوامل علاوة على إشكاليات الموجودين الغير راغبين في إنهاء هذه المرحلة.
واعتبر أن تعدد الأجسام وعدم انسجامها وعدم اعترافها ببعضها والخوف من اجراء الانتخابات مع عدم الاعتراف بها لأن قبول النتائج هو الأمر المهم جدا، كما أن السندات التشريعية متعارضة والعمل على وضع إطار لا يريده الليبيون بعد ثورتهم.
وأوضح أن تأخر الانتخابات يأتي بعدم رغبة الموجودين على رأس السلطات بإجرائها، وعجز الأمم المتحدة على تقديم الملف الليبي وإنهاء الأزمة الليبية، وعدم رغبة الدول المتدخلة في ليبيا على مساعدة الليبيين.
وأكد أن انتخابات المجالس البلدية خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن في المقابل يجب أن تنتهي بانتخابات برلمانية، وأن يكون هناك دستور وأن تنتهي المرحلة الانتقالية وأن يكون لليبيين حق في تقرير مصيرهم مهما كانت الظروف.
كما لفت إلى أن المفوضية سوف تنجح مع وجود بعض الإشكاليات منها النزاع القبلي، وعدم الاعتراف بالنتائج، وجزء منها عدم وجود سلطة موحدة فيما يتعلق بالشق التنفيذي، ومع كل ذلك سيكون من المهم التوجه بشكل فعلي في الذهاب لانتخابات برلمانية عاجلة غير آجلة.
أجسام معرقلة
وفي السياق، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي، الياس الباروني، أن المفوضية أشارت عدة مرات بأنها جاهزة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فقط تحتاج إلى إذن لتنفيذ ذلك، مع إجراء بعض التعديلات الفنية فيما يتعلق بقوانين الانتخابات، بالإضافة إلى توفير المبالغ المالية المتعلقة بالخصوص، وينبغي هنا أن تتجنب المفوضية التجاذبات السياسية وتلتزم الحياد.
معوقات متعددة
وأشار الباروني لـ"سبوتنيك"، إلى أهم العوائق لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي ممثلة في عدم إحالة مشروع الدستور الذي تم التصويت عليه من قبل هيئة صياغة الدستور في 29 يوليو 2017، ولم يقم البرلمان أيضا بصناعة حتى قاعدة دستورية، ناهيك عن القوانين المعيبة، وهناك سبب آخر هو عدم رضا بعض الأطراف الدولية عن بعض المترشحين للرئاسة.
وأوضح أن هناك "عائقا مهما وهو انقسام مؤسسات الدولة ووجود حكومتين وعدم سيطرة حكومة الوحدة الوطنية على كامل تراب الوطن هذه بطبيعة الحال تمثل عوائق لعرقلة تنفيذ الاستحقاق الانتخابي".
وقال في ظل وجود هذه العوائق سالفة الذكر لا يمكن تنفيذ الاستحقاق الإنتخابي، وهنا يمكن إضافة نقطة هامة وهي الصراع الدولي على بسط النفوذ ووجود القوات الأجنبية على الأراضي الليبية في ليبيا هذا زاد الأمر سوءا وتعقيدا.
وشدد على ضرورة أن تلتزم المفوضية الحياد، وأن تتقيد بالقوانين والأمور الفنية التي تساعد على إنجاح الانتخابات بصورة حسنة، تتسم بالعدالة والنزاهة، وهذا الأمر لن يتأتى في "وجود هذه الأجسام المتصدرة للمشهد من مجلس النواب والأعلى للدولة".