صناعة "النول" في ليبيا... فن يواجه الانقراض... صور

تعد آلة النول من أقدم الآلات المستخدمة في الصناعات التقليدية حتى الآن، تستخدم آلة النول في صناعة المنسوجات والمفروشات والملابس الشعبية والتقليدية.
Sputnik
تعتمد صناعة النول على مادة الصوف الخام، وذلك بعد غزله وصبغه ومن ثم صنع المنسوجات بألوانها المتنوعة المختلفة، كما تعتمد صناعة النول على حرفية وإبداع الحرفي الذي يقوم بصناعته التي يتفنن بها، فهي صناعة تحتاج إلى فن وذوق وصبر في آن واحد.

بدايته

عبد الباسط التاجوري يعد من أبرز صناع النول في العاصمة الليبية طرابلس، حيث يعمل على آلة النول لأكثر من ستين عاما من عمره، فلقد بدأ العمل منذ طفولته، لأنه ورث هذه الصناعة من والد والده، بعمر السبعين عاما يستمر التاجوري في صناعة النول، أي بدأ العمل في هذه الحرفة في سن الثامنة من عمره تقريبا.
يعمل التاجوري على صناعة النول ومشغولات الصوف اليدوية، وصناعة البطانيات اليدوية وبعض المشغولات اليدوية الأخرى، شهدت هذه الصناعة تطورا ملحوظا لتتوسع بجهوده ويبدأ في صناعة الوسائد والكليم بأنواعه، وغيرها من المشغولات، ورث التاجوري هذه الصناعة عن جده والد أبيه.
1 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
2 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
3 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
4 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
5 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
6 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
7 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
8 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
9 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
10 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
11 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
12 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
13 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
14 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
15 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
16 / 16
صناعة "النول" في ليبيا
يقول في حديثه لـ "سبوتنيك": "عملت فيها من طفولتي التي كانت مليئة بالأحداث"، فلم يكن في بداياته ملتزم بعمله أثناء فترة الطفولة لأسبابه، ولكنه أتقن هذه الصناعة وتميز فيها فهو ابن هذا الوسط، وتطبيقا للمقولة الليبية صنعة في اليد ولا ورث الجد.
وأضاف: "منذ عام 1982 لم أتوقف عن العمل في هذه الصناعة والتزمت بها بشكل يومي حتى الآن، نعمل للحفاظ على الصناعات التقليدية في ليبيا، والعمل على تطويرها فهي رمز بالنسبة لليبيا".

اجتهاد وتطوير

وتابع: "كان من الضروري الحفاظ عليها وتطويرها بما يتلائم من متطلبات هذا العصر، من صناعة البطانيات والحقائب اليدوية التقليدية ما تعرف "بالمخلة"، بالإضافة إلى الكليم الصغير والمرقوق، وأروقة البيوت والخيم التقليدية التي تطلب من أهالي الجنوب الليبي بمواصفات خاصة".
وقال من الغريب أن تندثر مثل هذه الصناعات التقليدية ولا يتم الاهتمام بها أو دعمها، ولكنه قال هناك بعض الجمعيات في مدينة مصراتة مهتمة بالتراث والصناعات التقليدية والأثرية، ولا تزال مدينة مصراتة تقوم بتعليم البنات والنساء اللواتي لم يحالفهم الحظ في دراستهم، هذه الصناعات في معاهد متخصصة بهذا النوع من الدراسات المهنية الحرفية.
كما أن مناطق الجبل الغربي خاصة مكون الأمازيغ لا يزالون يحافظون على الصناعات التقليدية ويقوم بالمشغولات اليدوية "النول".

صعوبات ومعوقات

وأردف قائلا: "في العاصمة طرابلس ظهرت عدة صعوبات تحول دون الاستمرار في هذه الصناعات، بسبب عدة أسباب أبرزها نقص كبير في الصوف الخام، وأشار بأنه يتحصل على الصوف الخام المغزول والمصبوغ بصعوبة بالغة".
وأكد بأن الصوف الليبي الخام يعد من أجود أنواع الصوف، وكان الصوف الليبي في السابق يصدر للكثير من دول العالم.
خبراء يحذرون من تحول ليبيا لـ"ملاذ آمن" للمهاجرين والهاربين من الأحكام الجنائية

نقص المواد الخام

أوضح بأن هناك مصنع للصوف الخام في مدينة بني وليد جنوب شرق العاصمة طرابلس وتبعد عنها بمسافة 180كم، ولكنهم لا يقومون بإعطاء الصوف للصنّاع، وقال بأن كمية 200-300 كجم تكفي لاستمرار عمله لمدة ستة أشهر فقط.
يعتمد التاجوري في شراء الصوف الخام من مدينة جربة التونسية القريبة من الحدود الغربية لدولة ليبيا، يتكبد معاناة السفر والانتظار الطويل في الحدود لكي يقوم بجلب 15 كجم كمية كبيرة في حجمها على عكس قطعة الحديد بذات الوزن لا تأخذ حيزا أثناء نقلها، لذلك قال لا يقوم بعمل كبير وذلك بسبب نقص الصوف عدا بعض المشغولات البسيطة التي تغطيها كمية الـ15 كجم.
وقال: "نحصل على القليل من الصوف من بعض المدن الليبية بكميات محدودة، يقدر سعر الكيلو جرام من الصوف بـ35 دينار ليبي، تقدر كمية الصوف المستهلكة في صناعة بطانية 4 متر تقدر بـ 4 كجم من الصوف، بقيمة صوت تقدر بـ120-130 دينار ليبي، وأكد أن العمل في صناعة بالقطع الصغيرة مجدي أكثر بكثير من صناعة القطع الكبيرة".
يعمل التاجوري في صناعة النول من الساعة 8:00 صباحا حتى الثالثة بعد الظهر، واعتبر أن الآلات النول مكملة لبعضها وإذا تعطل جزء منها تتوقف الآلة عن العمل بالكامل لأنها مرتبطة ببعضها بعضا بشكل كامل.
ولفت بأن صناعة القطعة الواحدة تستغرق من 3-4 أيام عمل حتى تجهز بالكامل، معتبرا أن هذه الصناعة لا تقوم بتحقيق دخل كبير وإنما العمل فيها ممتع، ويجب المحافظة عليها كصناعة تواجه الانقراض.

المسؤولية الاجتماعية

عبد الباسط التاجوري مواطن ليبي وهو رب أسرة تتكون من خمسة أولاد، ثلاثة بنات وولدين وزوجته، اعتمد على هذه الصناعة لكي يعيل أسرته، وزوج أبناءه منها، ويعمل في حرفته لكي يسد رمق معيشته.
حملة توعوية في ليبيا بأهمية مقاطعة المنتجات الداعمة للحرب في قطاع غزة... صور
وأعرب التاجوري عن حبه للعمل في النول، وأوضح بأن لديه ورغبة في العمل لأنه يعشق صناعة النول منذ طفولته، لأنها صناعة تحتاج لفن وذوق كبير في الصناعة، وقال لا يمكن أن يستمر الإنسان في حرفة لا يحبها، صناعة النول نوع من الفن الجميل الذي يتم فيه تنسيق الالوان والزركشة المتميزة، كما إنها تحتاج إلى الكثير من الصبر.

علم وتعلم

قام التاجوري بإجراء دورات تدريب مدة الدورة الواحدة 45 يوما لجميع الفئات العمرية، في مجال صناعة النول بمجموعة من النساء اللواتي اأصبحن معلمات، بعد ذلك ساهمن في تدريب مجموعة كبيرة من البنات، تعد أيام الدورات التدريبية أيام دون عمل كونها خصصت للتدريب فقط.
بالرغم من محافظة التاجوري ومن معه على مثل هذه الصناعات التقليدية النادرة، إلا أن صناع النول يواجهون بعض المعوقات في عملهم منها الإجراءات الإدارية، والممارسات البلدية وبعض الضغوطات الأخرى بالإضافة إلى الضرائب، التي تؤثر سلبا عليهم وعلى استمراريتهم في هذه الصناعة التي تحتاج للكثير من الدعم.

نقص الدعم الكافي

قال التاجوري: "يفترض على الدولة أن تساعد وتدعم الصُناع الحرفيين على تنمية هذه الصناعات الشعبية النادرة، لأن هذه الصناعات غير ربحية بالشكل الكبير ولا تحقق المردود المربح الكبير، وقال هواك بعض الدول تمنح أصحاب الصناعات المحدودة مرتبات معينة لحفاظهم على هذه الصناعات وعدم انقراضها، أي أنهم معفيين من الضرائب ومن الإجراءات البيروقراطية".
ما التحديات التي تواجهها المفوضية العليا لإتمام الانتخابات المنتظرة في ليبيا؟
وأوضح بأن هناك عزوف على شراء المصنوعات التقليدية الشعبية بسبب الكساد التجاري في ليبيا، وأوضح بأن العزوف عن الشراء والبيع تصل لأكثر من 10 أيام، مؤكدا بأن التجارة في هذا المجال محدودة جداً.
كان التاجوري الوحيد الذي يعمل في هذا المجال قبل أن يقوم بتدريب مجموعات كبيرة من الرجال والنساء لمواصلة إحياء مثل هذه الصناعات التي تواجه الانقراض بعد تطور الصناعات في مجال المفروشات والأغطية والملابس على حد السواء.
مناقشة