هل يتحسن الوضع الاقتصادي في ليبيا بعد اكتشافات المؤسسة الوطنية للنفط وزيادة معدلات إنتاجها؟

أولت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية اهتماما كبيرا بقطاع النفط، ودأبت لزيادة معدلات الإنتاج والتصدير للنفط الخام.
Sputnik
في الأيام الماضية، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط مواصلة ‫سلسلة من العمليات المهمة في قطاع النفط والغاز، حيث أعلنت أنها وضعت خطة لحفر 121 بئرا جديدا لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية من النفط والغاز وزيادة معدلات إنتاجها.
ليبيا تدعو روسيا لبناء مصاف للنفط في بنغازي وطبرق
يأتي ذلك في ظل أزمات حقيقية وصراعات وانقسام سياسي تشهده البلاد منذ سنوات، لم ير فيها المواطن الليبي أي تغيير أو استقرار اقتصادي، عانى فيها الليبيون طيلة هذه السنوات من أزمات اقتصادية طالت قوت يومهم.
النجاح الحقيقي يكمن في التغيير
في الإطار، قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن "المؤسسة الوطنية للنفط تشهد في عهد فرحات بن قدارة وضعا مختلفا عن أيام رئيسها السابق مصطفى صنع الله، لأنها أصبحت مؤسسة مستقلة وموحدة وبدأت في إنشاء المشاريع، ولم تشهد أي إغلاقات في الحقول النفطية، استمرار تدفق النفط تثبت بأن قدارة يعمل على توافق جميع الأطراف المنقسمة في ليبيا".
وأضاف العبدلي في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أنه "بالعودة للوراء كانت ليبيا في فترة السبعينات تشهد إنتاجا للنفط يصل إلى ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام في اليوم وكانت تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية، مرت ليبيا بصعوبات على مدى أربعين عاما أبرزها مشاكل سياسية، وبعد عام 2011 مرت ليبيا لمشاكل أثرت بشكل كبير على إنتاج وتصدير النفط الخام، وسببت في تراجع إنتاجه إلى مليون ومائتين ألف برميل".
وتابع، قائلا: "من الأمور الجيدة أن تعكف المؤسسة الوطنية للنفط في حفر 121 بئر نفط، وصيانة أكثر من 1300 بئر آخر، وهذا أمر سوف يساعد البنية التحتية للنفط في ليبيا على زيادة الإنتاج، ومن ثم زيادة الدخل للحكومة الليبية الأمر الذي سوف يحسن وضع الاقتصاد الليبي".
تداعيات إيقاف وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن العمل
استمرار المعاناة
وتساءل ماذا فعل الساسة بعد هذا العمل الكبير الذي تقوم به المؤسسة الوطنية للنفط من عمل جبار في زيادة الإنتاج، حتى يتم ملاحظة تغير كبير على الأرض والحياة المعيشية اليومية للمواطن الليبي، وهل هذه الأموال العائدة من هذا القطاع تخلق رؤى إستراتيجية للساسة في استحداث بدائل للنفط وتنفيذ خطط للتنمية المستدامة.
ويرى العبدلي أن أغلب الساسة في الساحة الآن ليسوا على قدر المسؤولية، أبرزها المصرف المركزي الذي يعمل بسياسة مجهولة ربما تأخذ ليبيا للإفلاس، أو وربما الإقتراض من المؤسسات الدولية صندوق النقد الدولي لتكون ليبيا مرتهنة لعدة مؤسسات مشبوهة في العالم.
وشد على ضرورة أن تشهد ليبيا عن طريق شعبها تغيير السياسيين في الساحة لأنهم هم السبب في تأخر ليبيا لأن تكون منافسة في سوق النفط العالمي، أما رجال قطاع النفط لديهم عمل كبير في مجالهم، واثبتوا ذلك من خلال زيادة الإنتاج في المؤسسة.
وأوضح أن الوطنية للنفط تسعى لأن تصل إنتاجها إلى 2 مليون برميل نفط يوميا حتى نهاية 2025، هذه الخطة ممتازة، ولكنها تفتقر لمساندتها بقرارات سياسية اقتصادية يحسن من معيشة المواطن الليبي، يتمثل ذلك في كل الأجسام الموجودة حاليا والتي لا تريد العمل على تحسين الوضع الإقتصادي في البلاد أو لتحقيق فرص التنمية المستدامة.
وتابع العبدلي: "تشهد البلاد تخبطا كبيرا وأزمات متتالية أبرزها عجز المصرف المركزي عن توفير السيولة النقدية للمواطن الليبي خاصة في فترة عيد الأضحى، وكأن المصرف المركزي يعزز في تأجيج الوضع في القطاع المصرفي مما ولد فقدانا كبيرا في الثقة بين المواطنين والمصارف، وبين التجار والمصارف، ولم تكن هناك رؤية لحلحلة هذا الأزمة".
"سوناطراك" الجزائرية تعلن تحقيق اكتشافات نفطية مهمة في ليبيا والنيجر
وأشار بأن "مصطفى صنع الله حاول فترة رئاسته للمؤسسة الوطنية للنفط أن يعمل بجهد كبير في أن يزيد الإنتاج ولكنه عانى من حرب سياسية حادة وبالإضافة إلى الحرب الأهلية في 2019، وإغلاقات النفط في السنوات السابقة كلها كانت عراقيل أمام صنع الله، وأن بن قدارة كان محظوظا لأنه ترأس المؤسسة الوطنية للنفط في هذا الوقت، لأن النفط الليبي مرتبط بالعالم، حيث أن الأزمة الروسية الأوكرانية تتسبب في نقص كبير في النفط في العالم جعل دول أوروبا وأمريكا تتجه لأماكن بديلة منها ليبيا".
أكد بأن النفط الليبي سوف يلحظ زيادة كبيرة في الإنتاج أفضل من الآن، شريطة أن يبتعد عنه الساسة وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي الذي يقوم بافتعال الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تمر بها ليبيا.
تأمّل العبدلي في أن يتم التعجيل بإجراء الانتخابات، لكي يتم تغيير كل الوجوه السياسية في الساحة دون استثناء واعتبرهم فاقدي الشرعية، وقال فقد الحميع صلاحياته في أن يكون وليا على هذا الشعب.
غياب التخطيط والإدارة الرشيدة
ومن جهة أخرى يرى الخبير في الشأن الاقتصادي علي المحمودي، في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن "أي زيادة حقيقية في الإنتاج والاكتشافات هي زيادة مهمة ومؤثرة في الاقتصاد الوطني، وبالأخص إذا استمر انخفاض أسعار النفط ليبيا اليوم محتاجة لكل قطرة نفط لتقوية الاقتصاد، لأن الانخفاض سوف يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الليبي، الذي يعتمد بشكل كامل على إنتاج النفط".
ويتساءل المحمودي عما إذا كانت هذه الاكتشافات سوف تسهم في رفع الإنتاج، أم أنها مجرد حملة دعاية تقوم بها المؤسسة النفط للتغطية عن فشلها في رفع الإنتاج النفطي كما وعدت وحسب ما صرفت من مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية.
وأكد بأن الدولة الليبية لديها عجز في العملة الصعبة والنفط هو مصدرها الوحيد، وإذا صدقت المؤسسة في قدرتها على رفع الإنتاج وتم إبعاد قطاع النفط عن أيادي الفساد سوف يساعد ذلك في انتعاشة الاقتصاد الليبي بشكل معقول، ولكن في ظل السياسة غير السليمة أي زيادة في الإيرادات سوف تكون زيادة في الفساد.
شركة مصرية تفوز بعقد استكشافات نفطية في ليبيا لمدة 3 سنوات
ويرى أن الوضع الاقتصادي في ليبيا يعتمد على استخدام الطرق الصحيحة لاستغلال هذه الإيرادات بشكلها الصحيح، وحياة المواطن الليبي تحتاج إلى وزارة اقتصاد تعمل بشكل حقيقي وتمارس دورها الصحيح المتمثل في ضبط الأسعار، وتعزيز قيمة الدينار الليبي بالتنسيق مع المصرف المركزي، وتوفير السيولة النقدية، أي أنها تحتاج إلى إصلاحات حقيقية، فالمواطن الليبي اليوم يقف في مئات الطوابير أمام أزمة السيولة في البنوك الليبية.
وأكد أن المصرف المركزي يعمل بعشوائية كبيرة، لذلك فإن أي زيادة في الإنتاج والإيرادات لن تضيف أي شيء للمواطن الليبي وستبقى كما هي في ظل الفساد الحالي.
شبهات الفساد
يعتقد المحمودي بأن صنع الله وبن قدارة قاموا بتحويل المؤسسة الوطنية للنفط إلى أداة سياسية تقوم بخدمة مصالح الحكومة وتعمل على إرضاء بعض الجهات والدول، المؤسسة لا تعمل بأسمها الصحيح وإنما هي تعمل كأنها شركة وليست مؤسسة.
وأوضح بأن "المؤسسة الوطنية للنفط تقف عاجزة لأنها تقوم بترضية بعض الأشخاص وبعض الدول عن طريق صفقات مشبوهة فيها شبهات فساد كبير".
واعتبر أن الفساد في قطاع النفط لم يحدث منذ سنوات في ظل الانقسام السياسي والانقسام بين المؤسسة ووزارة النفط، وبين وزير النفط محمد عون ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، كل محصلة ذلك يجعل من المؤسسة تدور في دائرة الصراع القائم حاليا، سوف يؤثر ذلك على ادائها حتى وأن فتحت لها كل أبواب الاستثمارات.
مناقشة